الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تجارة العاج المحظورة عالمياً تزدهر في حضن “الصين الشيوعية”

تجارة العاج المحظورة عالمياً تزدهر في حضن “الصين الشيوعية”
26 نوفمبر 2009 22:25
في إحدى الورش في مدينة جوانجزو تعكف مجموعة من النحاتين الصينيين على حفر أنياب الأفيال العاجية باستخدام أزاميل مخصوصة لتصنع أشكالا معقدة من التماثيل والتحف التي كان الأباطرة الصينيون فيما مضى يجمعونها. وكان الولع بتحف عاجية أدى إلى تقليص أعداد الأفيال الأفريقية والآسيوية قبل صدور قوانين حظر الاتجار في العاج عام 1989. والآن يبدو أن نمو الصين الاقتصادي والميل الشديد إلى مظاهر التميز الاجتماعي لدى أثرياء الصين الجدد يشعل مجدداً الطلب على العاج الأفريقي. وفي بعض المناطق النائية بأفريقيا مثل “تسافو الشرقية” في كينيا، حيث تتجول الزراف في أراض قام العمال الصينيون مؤخراً بتمهيدها، وفي البلدات المكتظة بالسكان على ضفاف نهر النيل في السودان، يقايض تجار صينيون العاج ويشترونه علناً في وضح النهار في ظاهرة جديدة ومتزايدة. ويقول إسموند مارتن أحد نشطاء المحافظة على البيئة، والذي يرصد عن كثب انخراط المشترين الصينيين في الاتجار في العاج في السوق السوداء “ينتشر الصينيون في أنحاء كثيرة بأفريقيا ويشترون العاج المشغول منه أو الخام على السواء”. ويضيف “آخر مرة كنت في الخرطوم وأم درمان اكتشفت أن نحو 75 في المائة من العاج يشتريه صينيون”. وكان المؤتمر الدولي لمنع الاتجار في أنواع الحيوان المعرضة للخطر قد ذكر في تقرير أصدره عام 2007، بصفته المراقب العالمي للاتجار في الحيوانات المعرضة لخطر الانقراض، أن الصين تواجهها مشكلة خطيرة بسبب استمرارها في كونها أكبر وجهة في العالم للعاج غير المشروع، وهي مشكلة تفاقمت عقب انتشار النفوذ الصيني في أفريقيا وتوطيد علاقاتها فيها. ويذكر أن عدداً من الصينيين كانوا قد أوقفوا وأدينوا بتهريب العاج في أفريقيا، وأن هناك عصابات جريمة منظمة متورطة في استيراد كميات ضخمة من العاج غير المشروع إلى الصين، بحسب وكالة التحقيقات البيئية، إحدى الجماعات المستقلة المتمركزة في لندن. وفي مسعى للقضاء على ممارسات الانتهاك غير المشروعة، سمح مجلس المؤتمر الدولي لمنع الاتجار في أنواع الحيوان المعرضة للخطر باستيراد الصين على نحو مشروع 62 طناً من عاج الأفيال العام الماضي. وعبر ألن ثورنتون رئيس وكالة التحقيقات البيئية عن مخاوفه من أن تعمل تلك الصفقة على تأجيج ولع الصينيين بالعاج، قائلاً إنه في دولة تعدادها 1,3 مليار نسمة، فإن إقبال واحد في المئة منها من سكانها على العاج، إنما يعتبر رقماً بالغ الضخامة. وكان الحظر قد فرض على تجار العاج عام 1989، بعد عقود من الانتهاكات التي قلصت أعداد الفيلة الأفريقية إلى النصف. ولم يتبق سوى نحو 60 ألف فيل في القارة السوداء حتى 1997 حسب جماعات محافظة على البيئة. وكانت سكرتارية مجلس المؤتمر في جنيف قد سجلت ظاهرة مفادها أن المغتربين الصينيين الذين أمضوا فترة طويلة في أفريقيا يتورطون بكثافة في ممارسة هذه الانتهاكات. ورغم أن معظم الدول تفرض الحظر على العاج، فقد سمح للصينيين واليابانيين في السنوات الماضية بشراء العاج غير المهرب من عدد من الدول الأفريقية في مسعى لجمع أموال من أجل حماية حياة البرية واجتثاث الطلب على العاج المهرب. وتقول مصادر “المؤتمر الدولي” إن حظر العاج لفترة العقدين الماضيين ساعد على توازن أعداد الأفيال مع عدم وجود تهديد من عمليات الانتهاك سوى في دول قليلة منها تشاد والكونجو. وفي بوتسوانا وحدها، يوجد أكثر من 130 ألف فيل بري غير معرضة لأي تهديد غير مشروع.وفي الصين، يقول المسؤولون عن مراقبة تجارة العاج محلياً إنه لم يكن هناك زيادة تذكر في استهلاك العاج بفضل القوانين والضوابط الصارمة التي تحظر مبيعات العاج وتصنيعه. وهناك أدلة كثيرة على أرض الواقع بالنسبة لانتشار تجارة العاج غير المشروعة في الصين،، ففي سوق الآثار والتحف في جوانجزو بالصين يوجد العديد من الأكشاك تبيع علناً منتجات العاج غير المرخصة أو المصحوبة بشهادة تثبت مشروعيتها منها تحف الزينة الصغيرة وأنياب كبيرة منحوتة. وتقول إحدى البائعات وتدعى وو “في وسعي أن أدبر لك كل ما تريده”. وعرضت سعر 8000 يوان أو 1170 دولاراً لتمثال رأس بوذا صغير من العاج المنحوت ونفس السعر لمروحة يد متقنة الصنع. وكان كشك آخر يعرض ناب فيل صغيراً مطلياً في ممر مزدحم بالمتسوقين. يذكر أن لجوانجزو روابط اقتصادية وثيقة بأفريقيا ويقيم عشرات الآلاف من التجار الأفارقة في المدينة، بحسب وان زايمنج مدير التنفيذ القانوني والتدريب في الدائرة الصينية المختصة بتفعيل إجراءات المؤتمر الدولي لمنع الاتجار في أنواع الحيوان المعرضة للخطر. ويقول زايمنوج إنه لا يستبعد أنهم يجلبون العاج معهم إلى الصين وإن جوانجزو أضحت مركزاً لتهريب العاج وإتجاره. ويرفض مجلس المؤتمر الدولي ادعاء جماعات حقوق الحيوان بأن مبيعات العاج المراقبة المشروعة تؤدي إلى تفاقم تجارته غير المشروعة، ويقول إن الانتهاكات مرتبطة يضعف الحوكمة في المناطق الأفريقية واضطراباتها السياسية. غير أن زو هونجفا مدير شبكة مراقبة الإتجار في حياة البرية يشدد على ضرورة تشديد المراقبة في أنحاء الصين، مشيراً إلى أن هناك قرائن تدل على وجود عاج محظور في مناطق مختلفة في الصين. ويقول باحث في هذه الشبكة يجري تحقيقات ميدانية في الصين إن العاج المهرب لا يتجاوز سعره ثلث العاج المشروع المعروض في المتاجر الرسمية. وبعد حرمان النحاتين الصينيين من العاج الأفريقي “الطازج” لسنوات عديدة ومعاناتهم من الحفر والبحث عن أنياب حفريات أفيال الماموث المنقرضة النادرة والباهظة التكلفة يأملون حالياً في أن العاج الذي بدأ توفره مؤخراً سيضمن لهم استمرارية حرفتهم القديمة، وهم يعولون على تواجد أعداد متزايدة من الأثرياء الصينيين الجدد إلى شاء التحف الباهظة، ذلك أن منحوتاتهم التي تعتبر رمزاً للمكانة الاجتماعية المتميزة قد تبلغ أسعارها مئات الآلاف من الدولارات، إلى ذلك يقول “لي” النحات الصيني البالغ من العمر 77 عاماً إنه “قبل أعوام التسعينيات من القرن الماضي لم يكن في وسعك شراء العاج في الصين، وكنا نكتفي فقط بتصدير منحوتاتنا، ولكن الآن هناك العديد من الزبائن الصينيين الراغبين في شراء التحف والمشغولات العاجية”. عن “انترناشيونال هيرالد تريبيون”
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©