الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العيد بعيداً عن ديار الأهل .. عادات تبقى وأخرى تندثر

العيد بعيداً عن ديار الأهل .. عادات تبقى وأخرى تندثر
26 نوفمبر 2009 22:37
تختلف العادات والتقاليد لدى كل شعب، ويحتفل المقيمون في الإمارات من الجنسيات العربية المتعددة، بعيد الأضحى، إما بالالتزام بطقوس العيد كما ترعرعوا عليها في بلدانهم، وإما في جزء منها، فمن الصعب القيام بالأضحية مثلاً في الشقق السكنية، ويختلف الأمر بين المقيم في بناية والمقيم في بيت مزود بحديقة، ولأسباب صحية ودينية، تنظم البلديات في الإمارات الأماكن التي يجوز فيها نحر الأضحية فتتوجه إليها العائلات الراغبة والقادرة على تقديم الأضحية، وهي المقاصب التي تشرف عليها البلديات ويتم فيها نحر الأضحية بحسب الشريعة الإسلامية. ثلاث عائلات من المغرب وسوريا وفلسطين، اجتمعت لديها بعض العادات واختلفت عن بعضها البعض، في التفاصيل، بقي ممّا ترعرعت عليه تقاليد وغابت أخرى بسبب البعد عن البلد وانتفاء معنى بعضها، لذا راجت في السنوات العشر الأخيرة عادة جديدة يُقال إنها بدأت مع العراقيين خارج بلدانهم، وتم اتباعها واستساغتها من قبل العديد من الجنسيات العربية، وهي إرسال المال للعائلة في البلد الأم كي تقوم العائلة بتولي مهمة تقديم الأضحية للفقراء والمعوزين. هذه العادة لا تلقى قبولاً لدى المغربيين مثلاً، إذ يعتبرون أنه من الضروري أن يقوم كل رجل عائلة بنحر الخروف بنفسه، كما يعكس هذا الأمر في الثقافة الاجتماعية مدى التزامه بكونه رجل العائلة وحاميها، وبالتالي فإنه يقوم بنفسه بنحر الخروف أو الكبش وتساعده الزوجة في التقطيع والتوزيع على المعوزين أينما كانت إقامته. المشاركة أساساً تؤكد السيدة نجاة راغب، من فلسطين، أن الأساس في عيد الأضحى التضحية للمشاركة مع الفقراء، وبالتالي فإن إرسال المال إلى الأهل للقيام بهذا الأمر ليس شأناً يخالف الدين، وتستند في ذلك إلى كون زوجها قد سأل علماء في الدين حول المسألة وتأكد من إمكانية الاستعاضة عن نحر الخروف في العيد بإرسال المال للأهل للقيام بذلك على أساس أنه حيث يعيش الأهل يقوم نوع من الحياة الاجتماعية التي تسمح بمعرفة من هو محتاج وفقير. أما حيث تقيم في الإمارات، فتشير إلى تعدد الجنسيات وعدم الاختلاط الاجتماعي الكبير للفروقات الثقافية والاجتماعية بين هذه الجنسيات، ما يعوق على عائلتها التعرف إلى المحتاجين، مشيرة إلى أن نسبة المعوزين في الإمارات متدنية جداً نسبة إلى بلدان عربية أخرى، خصوصاً أن رواتب المقيمين في الإمارات كافية، أو حتى لو كانت «على قد الحال» فمن النادر أن تكون الحاجة كبيرة. تغيرت الأيام تركز السيدة راغب على فقدان الجانب الاجتماعي في طقوس العيد، وهذا ينطبق أيضاً على البلدان الأولى التي قدم منها الوافدون المقيمون في الإمارات، حيث إنه شائع القول بأن الحياة ذات نبض متسارع اليوم، والجميع منصرفون إلى أعمالهم إلى درجة أنهم يفضلون ربما تمضية يوم العيد في الاستراحة، عوض القيام بزيارات التهنئة بالعيد للأقارب والأصحاب. وتقول: «في العادة أتحاشى الخروج من المنزل إلا إذا كان علي القيام بواجب ما، وقد اختصرت من زياراتي لصديقاتي كي لا أمضي وقتي على الطريق في الزحمة.. والجميع اليوم منصرف إلى عمله، وتغيّر نظام الإجازات في الأعياد إذ أن العديد يعملون خلال الإجازة الرسمية للعيد». تعيش نجاة في الإمارات منذ ثلاثين عاماً، قامت خلالها بالعودة إلى الضفة للتواجد مع أولادها خلال دراستهم الجامعية. وتلاحظ الفرق بين عيد الأضحى في الإمارات في السابق والعيد اليوم، وتقول: «تغيرت الأيام وتبدلت الأحوال عن السابق، كان الناس يتجمعون مع بعضهم البعض وخصوصاً في الأعياد، أما اليوم فخير إذا تذكروا التهنئة بالعيد أو قاموا بزيارة أحد في هذه المناسبة». أما كيف تمضي عائلة السيدة نجاة راغب العيد، فتقول: «في العادة، ثمة العزائم التي نلبيها كما نقوم بالمثل في منازلنا، ونزور الأقارب وهم كثر في الإمارات. وفي العادة نحب في اليوم الثاني من العيد التوجه إلى الخارج، إلى الحدائق لتناول الغداء حيث نقوم بتحضير الطعام والشواء، أو نختار مطعماً فنتناول كعائلة طعامنا فيه. ولم تذهب لدينا عادة تحضير كعك العيد، وهذا من عاداتنا وتقاليدنا، فلا يغيب كعك العيد أبداً عن موائدنا». رحلة العيد من سوريا إلى الإمارات، كانت الرحلة والإقامة بداية مع شاب واحد من عائلة سورية، وريثما اجتمع عدد من الأخوة وكبرت العائلة مع زواج بعضهم وإنجابهم أطفالاً غيروا من أجواء عيد الأضحى بعيداً عن الجد والجدة، يخبر توفيق عثمان الذي يقيم في الإمارات منذ نحو 11 عاماً. وهكذا انتقلت العادات والتقاليد من سوريا إلى الإمارات ما خلا القيام بنحر خروف وتقديمه للمعوزين، فتمت الاستعاضة عن ذلك بإرسال المال إلى الأهل للقيام بهذا الفرض الديني. وهذا العام، يقوم أحد أشقاء توفيق بزيارة الإمارات في العيد كي يجتمع مع بقية أفراد العائلة في العيد. ويقول توفيق: «ثمة عادات مستقاة من المفهوم الديني للعيد، ويشترك فيها المسلمون من كل الجنسيات، فللوقفة عند المسلمين أهمية كبيرة، وفي سوريا من المعروف عند الجميع أهميتها لأنها تعني «وقفة عرفات» أو عرفة أو وقفة العيد، والتي يسبقها التحضير للعيد بشراء ما يلزم من المتطلبات، وبعدها تسهر العائلات مع بعضها البعض فيتصل ليلها بنهارها، ومع بزوغ فجر أول أيام العيد ننطلق جماعات للصلاة في الجامع، وثمة في ليلة العيد من يتابعون من خلال الشاشة الصغيرة وقفة الحجاج في جبل عرفات، هذا لدى الذين يتواجدون في منازلهم حينها وليس في الأسواق متراكضين لتأمين كل حاجات العيد من حلوى وكل أصناف الضيافة والثياب الجديدة لأطفال العائة. أما في يوم العيد، وبعد الصلاة مباشرة، يلتقي أمام الجامع الأقارب والجيران والأصحاب فيلقون تحية العيد ومن ثم يتوجهون لأداء فريضة الأضحية، ومعظمهم يقومون بهذه الفريضة أمام منازلهم ويوزعون الثلث منها على المعوزين، وثلثاً على الأقارب ويبقون الثلث لهم. أما المقتدرون فقد يتمكنون من ذبح أكثر من أضحية، وربما يقدمون نحو 10 أو 12 خروفاً يوزعونها على المحتاجين». بين الفرض والتقليد يشير توفيق إلى أن من يقوم بالفريضة هو كبير العائلة، أي الوالد أو الأخ الأكبر، ويحق لكل بالغ راشد أن يقوم بنحر أضحية ومن التقاليد، وليس من الفرض، أن يقوم بذلك بحضور الوالد. وفي هذا يقول توفيق: «أنا قمت مرة بذلك في حضور الوالد وتحت إشرافه». ويجد أن كل راشد بوسعه نحر الخروف وليس فقط المتزوج لأن «الحسنات والثواب الذي يؤخذ من الأضحية ليس حكراً على المتزوجين فقط». ومن عادات العلائات في سوريا زيارة المقابر في يوم العيد، ويفضل من يريدون تقديم أضحية أن يقوموا بهذه الزيارة بعد توزيع الأضحية، وهكذا درجت العادة في سوريا والسبب يأتي أيضاً من العادات الاجتماعية القائمة على عدم التأخّر في تقديم الأضحية ومن الجيد أن يبكر من يريد تقديمها كي يتمكن من يتلقونها من طهي طعام العيد فيحتفلوا فيه مع الجميع. ومن العادات أيضاً التهنئة في العيد بعد العودة إلى المنزل لأفراد العائلة بعد تقبيل أيادي الآباء والأمهات والكبار في العائلة، وبعدها تأتي الاحتفالية بغداء العيد، ويشير توفيق الى أن التحضير للطعام يتم في اليوم السابق، لأن المائدة تعمر بالمأكولات التي تحتاج إلى وقت طويل في تحضيرها مثل الكبة بلبنية والمحاشي والملوخية. أما الحلويات، فثمة كعك العيد (الحلقات) الأساسي في الأضحى والكرابيج بالجوز أو بالتمر والبرازق والشوكولا والكراميلا. العيدية أيضاً لا ينسى توفيق أن يشير إلى «العيدية» التي يمنحها الوالد والأخوة الكبار للصغار في العائلة، ضاحكاً وهو يؤكد أنها تكون حصراً مبالغ نقدية وليس هدايا رمزية. ولكل عائلة جدولها في القيام بزيارات المعايدة يبدأ بالجيران والأقارب من كبارهم إلى صغارهم. وفي العادة يخصص جزء كبير من اليوم الثاني للعيد لاستقبال المعايدين في منزل العائلة. ما يخبره توفيق هو عادات عائلته ومعظم العائلات في سوريا، ليشير إلى أنه وأخوته وعائلاتهم نقلوا هذه العادات بتفاصيلها إلى الإمارات، يتشاركون فيها مع الأصحاب من كل الجنسيات، ما خلا نحر الأضحية أمام المنازل أو في المنازل، ويستعيضون عن ذلك بإرسال المال إلى الأهل للقيام بذلك، ويفسر لماذا درجت هذه العادة في عيد الأضحى معدداً الأسباب، وأولها «عدم وجود الاحتكاك بالطبقة التي يجب أن نقدم لها هذه الأضحية»، وأن دولة الإمارات «تعطي للجميع ومستوى الفقراء فيها متدن إذا ما تمت مقارنته بدول أخرى»، كما أنه «ليس هناك مانع شرعي يقف بيني وبين إرسال المال للأهل ليقوموا بذلك، بدليل أن معظم الجمعيات الخيرية في الإمارات تتلقى مبلغاً مادياً مقابل القيام بالأضحية عنا، وتلك الجمعيات تعرف المقيمين في الدولة وكيف عليها أن توزع الأضحية». وحدة الأساس رغم التنوع ثمة ما يثير إعجاب توفيق، وهو توفر نظام صحي صارم في الإمارات والتزام ديني في اختيار الأضاحي، بحيث إنه يجب ألا تكون عرجاء أو عوراء أو مريضة، وتكفل البلديات في الإمارات من خلال تواجد «مقصب» في كل منطقة فيها مرخّص من الناحية الشرعية والصحية وتطبق فيه المفاهيم الدينية بشروطها الصحيحة مئة في المئة ما يجنّب المسلمين الكثير من المغالطات، أو سوء فهم فريضة الأضحية ربما نتيجة عوائق اللغة وتعدد الجنسيات». وكما انتقل معظم أفراد عائلة توفيق للإقامة في الإمارات، انتقلت محلات أو افتتحت محلات الحلويات الشامية حيث يجد هنا كل ما هو متوفر في سوريا في أيام العيد. من سوريا إلى المغرب، تختلف بعض العادات والتقاليد ويبقى الأساس الديني الواحد، ويقول عبدالعالي نجيب من المغرب، إن الأمور المشتركة عند المسلمين في عيد الأضحى هي النحر كما جاء في القرآن الكريم «إن أعطيناك الكوثر فصلّ لربك وانحر». ويضيف: «على كل مسلم مباشرة بعد صلاة العيد أن يقوم بنحر أضحية». ومن عادات المغاربة بعد صلاة العيد تناول فطور صباح العيد وقوامه الشاي أو القهوة بالحليب، المسمّن أو البغرير (يشبه الفطائر) وعدد من الحلويات التي يبدأ وضعها على الطاولة منذ الفطور، ومن ثم التحضر لنحر الكبش أو الخروف وتعليقه لتقطيعه، ومباشرة تبدأ النسوة بطهي المأكولات المغربية مع اللحمة بعد التصدق بثلث الأضحية للناس المعوزين أو الضعفاء، كما يقول عبدالعالي. ما تطهيه النساء يفرش لمائدة تضم الأقارب والأصدقاء والأحباب. وفي ليلة العيد، يطهى اللحم على البخار ومن الرائج أن يطهى مع الكسكس. ويشير عبدالعالي إلى أن مائدة المنزل تبقى مفروشة ومحضرة للعزائم طيلة أيام العيد الثلاثة، وإذا كانت العزائم خارج المنزل، تحمل العائلة ما عندها من اللحوم وتأخذها معها لطهيها، ويقول: «كل أفراد عائلتنا المتزوجين ينحرون الأضحية في منازلهم، ومن عاداتنا أن ننتقل من منزل إلى آخر فيما بيننا فنجتمع ونتشارك الطعام». أشياء لا تشترى وفي حين، أن هناك بعض الاختلافات في العادات والتقاليد بين منطقة وأخرى في البلد الواحد، فإن هذه الفروقات تتضاعف حين ينتقل المغربي إلى بلد آخر، وهو يستهجن مثلاً مسألة إرسال المال للأهل للقيام بنحر الأضحية عن المقيمين في الغربة، ويطلق عبدالعالي على هذه العادة «المستجدة» اسم «شراء العيد». ويشير إلى أن هذه العادة لم تطال أهل المغرب أينما كانوا، لأنه بالنسبة لهم عيد الأضحى مهم جدا ومن المقدسات ويجب على كل أب أن ينحر بنفسه ويوزع على المحتاجين، وليس بوسع العازب أن ينحر الأضحية بحيث جرت العادة في المغرب أن يقوم المتزوج فقط بذلك. ينقل المغاربة عاداتهم من المغرب إلى الإمارات كما هي من دون أية اختلافات، سوى أنه في المغرب قد ترعرع وسط بيئة محددة يعرف فيها جيرانه بشكل أعمق والجار في المغرب يقع في منزلة العمّ والخال، في حين أنه في الإمارات يجد أن ليس بوسعه معرفة الجار إلى هذه الدرجة، وربما لن يعرفه أو يتعرف إليه. في صباح العيد، ومنذ العام 1989، العام الذي قدم فيه عبدالعالي إلى الإمارات، وهو يمارس عادات وتقاليد أهل المغرب في عيد الأضحى، فيرتدي زيّه المغربي ويتجه إلى الجامع ليصلي صلاة العيد ومن ثم يعود إلى منزله فيتناول فطوره مع عائلته ويتهيأ لنحر الأضحية، وأحياناً يساعد أحد أقاربه في النحر، ويشدد على أن يقوم الفرد بالنحر بنفسه وليس بواسطة أحد. في المغرب، من الرائج أيضاً أن تجد أسماء مثل «كبير» و»كبيرة»، وبالوسع معرفة تاريخ مولد المسمّى، فهو أو هي ولد (ولدت) في عيد الأضحى.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©