الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

واجب المسلمين تجاه القدس والمسجد الأقصى المبارك

واجب المسلمين تجاه القدس والمسجد الأقصى المبارك
26 نوفمبر 2009 22:44
تعتبر فلسطين درة بلاد الشام، كما تعتبر مدينة القدس درة المدن التي اكتسبت مكانة مهمة عبر الأزمنة والعصور، فهي تضم بين جنباتها المسجد الأقصى المبارك قبلة المسلمين الأولى ومسرى نبيهم وأرض المحشر والمنشر، التي جمع الله فيها جميع الأنبياء – عليهم الصلاة والسلام – ليلة الإسراء، حيث صلى بهم رسولنا محمد إماماً، لذلك يجب على كل أبناء الأمة الإسلامية أن يقوموا بواجبهم تجاه فلسطين عامة، وعاصمتها القدس، وجوهرتها المسجد الأقصى بصفة خاصة، لأنه أولى القبلتين، وثاني المسجدين، وثالث الحرمين الشريفين، فالدفاع عن قضية فلسطين واجب المسلمين جميعاً، حيث ورد ذلك في الكتاب والسنة، ويأثم من يُقَصّر في ذلك، وتستطيع الأمة الإسلامية أن تقدم لفلسطين وعاصمتها القدس، ومسجدها الأقصى، وأهلها الكثير، ويتأتى ذلك بأن يعود المسلمون إلى دينهم عوداً حميداً صحيحاً لأن هذه العودة هي سنة الله تعالى في التغيير إلى الأصلح والأقوم في حياة الأمة قال تعالى: «إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ» (سورة الرعد، الآية رقم (11). ومن لوازم العودة إلى الإسلام الاعتصام بالقرآن حبل الله المتين قال الله تعالى: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ» (سورة آل عمران، الآية رقم (103)، ومن مقتضيات الاعتصام بحبل الله أن يتوحد المسلمون، ليكونوا أمة واحدة كما أراد لهم ربنا سبحانه وتعالى إذ يقول في كتابه الكريم: «وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ» (سورة المؤمنون، الآية رقم (52). والأمة الإسلامية أكرمها الله بإمكانات وطاقات متعددة ومختلفة لو أحسنت استغلالها لكانت الرائدة كما كانت دائماً، من هذه الإمكانات والطاقات: u القوة البشرية: وهي القوة العددية، حيث إن الأمة الإسلامية تملك من البشر ما يزيد على المليار والربع من المسلمين المؤمنين بعقيدة التوحيد، منتشرين في قارات العالم الست، إن العبرة بالكيف لا بالكم، لكن الكم مهم أيضاً، لذلك نرى محاربة الغرب للمسلمين في نسلهم وفي عددهم، وفي ذلك يقول الله تعالى من باب الإنعام والفضل على المسلمين في سورة الأعراف «وَ?ذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ» (سورة الأعراف، الآية رقم (86). u القوة المادية والاقتصادية: إن الأمة الإسلامية تملك من خيرات الله الشيء الكثير، تملك الأرض الخصبة في السهول والوديان، وتملك الجبال والهضاب، وتملك البحار والبحيرات والأنهار العظام، وتملك العيون والآبار، وتملك مخزوناً كبيراً من المياه الجوفية، حيث إن الحروب المقبلة ستكون على المياه، وتملك معظم المعادن التي يحتاجها العالم المعاصر، وتملك مخزون العالم من النفط، إنها تملك الأموال والسوق والعقول وتملك الشيء الكثير. لكن أين موقع هذه النعم وهذه الأموال؟! u القوة الروحية: إن الأمة الإسلامية أمة ذات عقيدة واضحة ندعو إليها ونحيا من أجلها ونلقى الله عليها، هذه العقيدة الصافية جاءت شاملة كاملة «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ?لْكِتَـ?بَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء» (سورة النحل، الآية رقم (89)، عقيدة تربي الأخلاق «وَإِنَّكَ لَعَلَى? خُلُقٍ عَظِيمٍ» (سورة القلم، الآية رقم (4)، عقيدة تقوم على الوسطية «وَكَذ?لِكَ جَعَلْنَـ?كُمْ أُمَّةً وَسَطًا» (سورة البقرة، الآية رقم (143)، إن العالم اليوم بحاجة إلى العقيدة الإسلامية لتأخذ بيده من الظلام إلى النور، ومن الخوف والضياع إلى الأمن والاستقرار، ومن الفساد الخلقي والاجتماعي إلى الأمن والأمان والحياة الكريمة الطيبة. إن الأمة الإسلامية يجب عليها أن تحسن استخدام هذه القوى والنعم في طاعة الله ورسوله لأنه لا مكان للضعفاء ولا للمتفرقين ولا للمتنازعين. والحمد لله فإن المسلمين اليوم يملكون كل أسباب القوة من أموال طائلة، وأعداد بشرية هائلة، وخيرات وافرة، ومع ذلك كله فهم لم يحرروا فلسطين ونتساءل لماذا؟! إن الجواب يأتي صريحاً من القرآن في قوله تعالى: «وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ» (سورة الأنفال الآية رقم (46) فعدم قيامهم بتحرير فلسطين حتى الآن، يعني أنهم في حالة من الضعف الإيماني، وذهاب القوة، والفشل، وسبب الفشل هو: التنازع، والاختلاف والفرقة. هذا هو واقع المسلمين عامة والعرب منهم خاصة، فلديهم قوى لو اجتمعت لما استطاع أحد كسرها، ولكنها بسبب تفرقها وتنازعها تلاشت هذه القوى فسهل على العدو هزيمتها، كما يحكى في ذلك قصة الرجل الحكيم الذي كان له اثنا عشر ولداً، فلما حضرته الوفاة، استدعى أولاده جميعاً، فاجتمعوا عنده، فطلب حزمة من العصي، فأُحْضِرت، فطلب من كل واحد منهم أن يكسرها مجتمعة فعجز، فأعطى كلاً منهم عصاً فكسرها بسهولة، فقال لهم، يا بني، كونوا جميعاً ولا تتفرقوا فيسهل كسركم وفي هذا المعنى يقول الشاعر: تأبى الرماحُ إذا اجتمعنَ تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا فلماذا هذا التشتت بين أمة التوحيد والوحدة؟ ولماذا لا يعود المسلمون إلى دينهم ليستعيدوا وحدتهم التي فيها سر قوتهم وعزتهم وكرامتهم وتحرير مقدساتهم وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك وفلسطين؟! u كما يجب عليهم التعريف بفلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك وإظهار مكانة كل منهم بالنسبة للإسلام والمسلمين، وذلك حتى تبقى القضية حية ومعروفة لدى الجميع، فالقدس جزء من العقيدة فهي آية من القرآن الكريم، والاستيلاء عليها يعني الاستيلاء على تاريخ الأمة وحاضرها، من أجل ذلك يجب أن تتولى المؤسسات العربية والإسلامية إصدار النشرات الموضحة للمقدسات عامة ولمعالم المسجد الأقصى المبارك بصفة خاصة، لتبقى القدس خالدة في ذاكرة الأجيال، وليتعرف المسلم في كل مكان على مسرى نبيه –عليه الصلاة والسلام- وقبلته الأولى، ولا يختلط الأمر عليه في مساحة أو بناء، حيث إن كثيراً من العرب والمسلمين يخلطون في الأمور، فمنهم من يقول إن المسجد الأقصى المبارك هو مسجد قبة الصخرة، أو المسجد المسقوف الذي يصلي فيه الرجال، لذلك لا بد من تعريف المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك الذي هو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، والذي أخذت فلسطين مكانتها وبركتها من وجوده. إن مساحة المسجد الأقصى المبارك تبلغ (144) مائة وأربعة وأربعين دونماً وتشتمل على جميع الأبنية والساحات والأسوار وأهم الأبنية فيه: 1- المسجد الأقصى المسقوف (الذي يصلي فيه المسلمون حالياً) ويقع في الجهة الجنوبية من الأقصى ومساحته تقرب من خمسة دونمات ونصف. 2- المسجد القديم ويقع أسفل المسجد الحالي ومساحته تقرب من دونم ونصف. 3- المصلى المرواني (التسوية الواقعة في الجهة الجنوبية الشرقية من الأقصى وتقرب مساحته من أربعة دونمات ونصف). 4- قبة الصخرة المشرفة ومساحتها تقرب من دونم وثلاثة أرباع الدونم. بالإضافة إلى المصاطب والمحاريب والمصليات والقباب والأسبلة والساحات والأسوار، كلها في عرف الشرع (المسجد الأقصى المبارك). كما يجب تدريس مادة عن فلسطين ومقدساتها كمتطلب جامعي كي يتعرف أبناء العروبة والإسلام على جزء غالٍ من بلادهم وعقيدتهم، وكذلك المساهمة في ترميم المقدسات في فلسطين. بقلم الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©