طغت حالة الطقس والارتفاع الملحوظ في درجات الحرارة التي تعيشها البلاد في الفترة الحالية، على اهتمامات المجالس اليومية.
وجاء قرار وزارة العمل بحظر العمل وقت الظهيرة، من الساعة الثانية عشرة والنصف وحتى الثالثة بعد الظهر، ولمدة ثلاثة أشهر، في صالح فئة العمال ليتجنبوا الإصابة بالإنهاك الحراري، خاصة بعد أن تلقى مستشفى الكويت بالشارقة، 40 حالة إنهاك حراري بين العمال خلال الأسبوع الماضي .
“الاتحاد” التقت بعض العمال ممن تستدعي ظروف عملهم التعرض لأشعة الشمس للتعرف إلى آرائهم في قرار حظر العمل وكذلك الإرشادات والتوعية التي يتلقونها من الجهات الطبية والشركات التي يعملون بها ليتجنبوا الإصابة بالإنهاك الحراري، وكانت أراؤهم على النحو التالي :
يقول التيجاني عبد الرحمن دسوقي، يعمل مشرف عمال في إحدى البنايات قيد الإنشاء بمنطقة الخان في الشارقة، إن قرار حظر العمل وقت الظهيرة جاء في صالح العمال بصورة كبيرة، خاصة أن الأجواء شديدة الحرارة ووصلت إلى أكثر من 46 في بعض الأيام خلال الفترة الماضية مما جعل من الصعوبة البالغة العمل خلال تلك الأجواء في الأماكن المكشوفة.
الماء والمرطبات والأملاح
وأضاف دسوقي أن هناك بعض الحالات وسط العمال الذين يشرف عليهم تعرضوا للإنهاك الحراري وقمنا بإسعافهم على الفور من خلال إراحتهم في أماكن ظليلة وبها مكيفات وتزويدهم بكمية كبيرة من المياه، منوهاً إلى وجود ثلاث حالات فقط استدعى توصيلها للمستشفى حرصاً على حياتهم وللتأكد من عدم وجود أي أضرار صحية قد تصيبهم لاحقاً.
وذكر سليم المنشاوي، يعمل لدى إحدى شركات المقاولات في الشارقة، أنه وزملاءه في الموقع، يحرصون خلال الفترة الماضية على التزود بكميات كبيرة من الماء والمرطبات والأملاح وذلك نتيجة لنشرات توعوية تبادلوها من قبل الشركة وكذلك أثناء تردد البعض منهم على مستشفى الكويت في الشارقة خلال الفترة الماضية.
وأشار إلى أن هناك وعياً، بعض الشيء، بين فئة العمال بالأضرار التي قد يتعرضون لها حال وجودهم المباشر تحت أشعة الشمس، خاصة في الأجواء شديدة الحرارة، منوهاً إلى أن التقليل من ساعات العمل خلال أشهر الصيف حرمهم من الحصول على مكافآت العمل لأوقات إضافية. وقال: “ القرار يصب بالدرجة الأولى في مصلحة العمال وأنه قرار رشيد، وهو أيضاً ببساطة يحترم آدميتهم، ويوفر لهم بيئة عمل مناسبة”.
وطالب عدد من العمال، أصحاب الشركات وكذلك المعنيين في وزارة العمل بضرورة زيادة التوعية للعمال حول الأضرار التي قد تصيبهم حال التعرض لأشعة الشمس الحارقة وخاصة خلال فترة الظهيرة، لكي لا يتعرضوا لضربات شمس قد تودي بحياتهم.
توعية طبية
من جانبه، أكد الدكتور يوسف السركال مدير مستشفى الكويت بالشارقة، أن غالبية الحالات التي ترد لقسم الطوارئ بالمستشفى وتعاني الإنهاك الحراري، هم ممن يعملون في مجال المقاولات أو الذين تجبرهم طبيعة عملهم على البقاء في مواقع العمل المفتوحة لفترات طويلة وسط الأجواء الحارة حتى وإن كانت في الظل.
وأوضح أن أعراض الإصابة بالإنهاك الحراري تتمثل في ارتفاع درجة الحرارة والشعور بالصداع والشعور بالدوخة والغثيان أحياناً والضعف العام والتعرق الشديد وشحوب اللون وتقلصات العضلات والمعدل السريع والضعيف لنبض القلب والتنفس العميق والسريع أيضاً.
وأضاف أن تلك الأعراض تعرض الحالات لفقد الكثير من السوائل والأملاح من أجسامهم، مما يستدعي التعامل معهم بصورة سريعة ومباشرة من خلال الاستلقاء على الظهر ورفع القدمين وشرب كوب من الماء كل خمس عشرة دقيقة وتعريض المصاب للتكييف لتبريد جسمه ووضع ملابس مبلله على جسمه.
وذكر مدير مستشفى الكويت بالشارقة، أن قسم الطوارئ استقبل خلال الأسبوع الماضي، 40 حالة تعرضت للإنهاك الحراري نتيجة الأجواء شديدة الحرارة التي تتعرض لها البلاد خلال الفترات الحالية، وأن الأطباء قدموا لهم العلاجات اللازمة ومن ثم تم خروجهم من المستشفى بعد التأكد من استقرار حالتهم.
نشرات توعوية للعمال
وتابع أن قسم التثقيف الصحي بالمستشفى يوزع نشرات توعوية للعمال تتضمن تعريفهم بأعراض الإنهاك الحراري وضربات الشمس والعوامل التي تنجم عنها والوقاية منها، وتطالبهم بشرب الماء باستمرار وتجنب المشروبات الغنية بالكافيين والمأكولات الدسمة والكحول لم لها من آثار سلبية كبيرة على صحة العامل وتساعد في تعرضه لضربات الشمس.
وتابع أن النشرات بلغات ثلاث هي العربية والإنجليزية والأوردية، وتتضمن كذلك توعية بالأضرار التي قد تنجم عن الإنهاك الحراري أو ضربات الشمس، مثل الضرر في أنسجة الجسم والفشل الكلوي وعدم قدرة الجسم على التحكم في نزيف الدم وغيرها من المضاعفات، والتي قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الحالات.
فرق تفتيشية
وزارة العمل بدورها كانت قد أكدت الأسبوع الماضي وفي تصريحات لماهر العوبد المدير التنفيذي لقطاع التفتيش في الوزارة، أن هناك أكثر من 40 مفتشاً من قبل الوزارة يقومون حالياً بزيارات ميدانية لمواقع العمل والشركات الكبرى على مستوى الدولة للتعريف بالقرار وفوائده، وذلك في الفترة من الساعة 10 صباحاً إلى 12 ظهراً بالأنشطة التوعوية المختلفة، وبعد 12,30 ظهراً، سيترك المجال أمام المفتشين للتأكد من تنفيذ القرار، وتوقيع الغرامات على المنشآت المخالفة.
وكانت وزارة العمل قد أصدرت الشهر الماضي قراراً بتمديد فترة حظر العمل وقت الظهيرة من خلال إضافة شهر هذا العام، بحسب القرار الوزاري رقم 443 لسنة 2010 الذي يحدد ساعات العمل للأعمال التي تؤدى تحت الشمس وفي الأماكن المكشوفة خلال فترة الصيف من الساعة الثانية عشرة والنصف حتى الثالثة بعد الظهر، اعتباراً من منتصف شهر يونيو الجاري ولمدة ثلاثة أشهر.
وأكدت وزارة العمل أن مراقبة تنفيذ قرار حظر العمل خلال فترة الظهيرة، سيتم وفق آليات محددة، تعتمد على الزيارات الميدانية، وأعمال التفتيش، مع مراعاة الأماكن الجغرافية لمواقع العمل، مشيرة إلى أن أعمال فرق التفتيش المعنية بمراقبة تنفيذ القرار، ستتم من خلال برامج يومية، تغطي كل مناطق إمارات الدولة المختلفة.
مستشفيات رأس الخيمة
وعلى صعيد متصل وضع عدد من مراكز ومستشفيات رأس الخيمة خطة عمل استعداداً للتعامل مع حالات الإنهاك الحراري.
فقد استقبل مستشفى إبراهيم عبيد الله منذ بداية مايو الماضي وحتى مساء أمس 40 حالة إنهاك حراري بواقع 20 حالة في مايو ومثلها خلال الأسابيع الثلاثة الماضية إلى جانب 150 حالة ارتفاع ضغط الدم يونيو الجاري وبواقع 4 حالات يومياً بحسب مصادر طبية بقسم الطوارئ في المستشفى.
بدوره أوضح الدكتور عماد أحمد طبيب عام برأس الخيمة إلى أن الإنهاك الحراري ظاهرة اعتيادية تحدث كثيراً في الصيف، وأكثر الأشخاص عرضة هم صغار السن وكبار السن والأشخاص ذوو الأجسام العادية الذين يقومون بأعمال مضنية في الجو الحار فيعرقون كثيراً، وكذلك ذوو الأجسام الرياضية عندما يقومون بمجهود عضلي في الجو الحار، وتحدث الظاهرة لدى الأشخاص نتيجة نقص كمية الملح في الجسم، فيحس المصاب بضعف عام وكذلك الإحساس بالضيق المعدي المعوي وفقدان الشهية، وعدم القدرة على القيام بأي مجهود عضلي، وربما سقط المريض على الأرض مغشيّاً عليه من كثرة الإعياء، ويعطى المصاب محلول الملح بالوريد أو أقراص ملح وينصح الابتعاد عن الأماكن مرتفعة الحرارة وإعطاء الجسم الكميات الكافية من الماء والسوائل.
نصائح طبية
ونصح الأطباء المناوبون بقسم الطوارئ بمستشفى إبراهيم عبيد الله باتباع الإسعافات الأولية المناسبة للأشخاص المصابين بالإنهاك الحراري وذلك بنقل المصاب إلى الظل بعيداً عن أشعة الشمس المباشرة، وإلى مكان بارد واستعمال قطعة إسفنج أو فوطة رطبة ومبللة بالماء البارد لتبريد المصاب، خصوصاً على الرأس والأطراف أو رشه باستمرار بالماء البارد، مع مراعاة عدم استخدام الثلج، خشية أن يسبب تقلصاً في الأوعية الدموية مما يسبب تفاقماً في الحالة المرضية ثم نقل المصاب إلى الطبيب أو العيادة الأقرب منه.
نسبة الالتزام 99% و الغرامات 7 ملايين درهم
يذكر أن آخر إحصاءات الوزارة حول حظر العمل وقت الظهيرة أفادت بأن عدد المنشآت التي خاطبها قرار حظر العمل خلال فترة الظهيرة، وصل في عام 2009 إلى 83377 منشأة، التزمت منها 76511 بنسبة التزام وصلت إلى نحو 99%، في حين بلغ عدد المنشآت المخالفة 680 وأن عدد الزيارات التوجيهية التي تمت خلال هذه الفترة بلغ 6186 زيارة، أما الغرامات المقررة فقد وصلت إلى قرابة 7 ملايين درهم.
عدد اليوم
