مسؤولون وخبراء يؤكدون قوة الوضع المالي لمؤسسات دبي

أكد مسؤولون وخبراء قوة الوضع المالي لحكومة دبي والمؤسسات التابعة لها، مشيرين إلى أن خطوة إعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية يعكس «الوضع المالي المحدد للمجموعة»، وقالوا إن المؤشرات الاقتصادية في دبي والدولة تؤكد تعافي الوضع تدريجياً من آثار الأزمة المالية وعودة النمو الإيجابي خلال العام المقبل. وقال سمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية في دبي: إن تدخلنا في مجموعة دبي العالمية يأتي في إطار خطط مدروسة بعناية، مؤكداً أن هذا التدخل يعكس الوضع المالي المحدد للمجموعة. وشهدت أسواق المال العالمية اضطراباً خلال اليومين الماضيين متأثرة بالإعلان عن نية دبي العالمية الطلب من جميع موفري التمويل للمجموعة ولشركة نخيل تجميد مطالباتهم وتمديد مواعيد الاستحقاق حتى 30 مايو 2010 كأدنى مدى، ما يعكس الحضور القوي للمؤسسات الإماراتية في الاقتصاد العالمي، وتأثيرها المتزايد على حركة البورصات والأسواق الدولية. وأوضح سمو الشيخ أحمد بن سعيد في تصريحات أمس الأول أن الحكومة تقود عملية إعادة هيكلة هذه العملية التجارية وذلك إدراكا منها لرد الفعل في السوق.. وأضاف “نتفهم كذلك القلق الذي يعتري السوق والدائنين بوجه خاص.. ونؤكد هنا أن تدخلنا قد فرضته الحاجة لاتخاذ إجراء حاسم لمعالجة مسألة عبء الديون”. وقال سمو الشيخ أحمد بن سعيد “لقد واجهت دبي مثلها مثل مختلف المدن العالمية تحديات اقتصادية واجتماعية ناجمة عن تلك الأزمة العالمية.. وليست هناك سوق محصنة من المشاكل الاقتصادية”. وأضاف أن هذا يعد قراراً تجارياً منطقياً حيث نسعى لأن تكون جميع الموارد مسخرة مع الإدراك الكامل بضرورة استخدامها لتعزيز أعمال مجموعة دبي العالمية وذلك استناداً إلى عملية إعادة الهيكلة التي تجرى حاليا وكذلك لضمان نجاح أعمالها على المدى الطويل .. موضحاً أنه سيتم توفير مزيد من المعلومات في مطلع الأسبوع القادم”. ونوه سموه الى أن النمو غير المسبوق الذي شهدته دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقد الماضي ساهم في إرساء اقتصاد متين ومستدام تجاوز الاعتماد على الموارد الطبيعية. وقال “ستعمل مكتسباتنا الاقتصادية مثل البنى التحتية المتطورة وشبكات النقل المتكاملة ومراكز الاتصالات وكذلك موقعنا كمركز تجاري إقليمي على بقاء دبي كسوق إقليمية جاذبة”. من جهته أكد بنك الإمارات دبي الوطني أن مؤسسات حكومة دبي قادرة على الوفاء بالتزاماتها في المواعيد المحددة، في ضوء المؤشرات على تحقيق اقتصاد الإمارة لمعدلات نمو إيجابية ابتداء من العام المقبل، بحسب مهدي كاظم مدير العمليات التجارية بالبنك. وأكد كاظم أن إصدارات الصكوك والسندات التي طرحتها دبي خلال الفترة السابقة، وقوة الإقبال على الاكتتاب بها تشير إلى التفاؤل بإمكانات النمو في كافة القطاعات بالإمارة. بدوره، أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد سيف بالحصا أن دبي تعاملت بشفافية عالية مع قضية الديون، ولم تعلن أنها غير قادرة على السداد، كما أن تأجيل وإعادة جدولة الديون أمر متعارف عليه في الشؤون الاقتصادية، على مستوى التجار الكبار والصغار. وقال الدكتور بالحصا لـ”الاتحاد”: إن التأجيل لم يتم لست سنوات أو ستين عاماً، بل مجرد ستة أشهر، ضمن معالجة وسياسة هيكلة جديدة لشركة دبي العالمية، منوها إلى أن حتما حكومة دبي تعمل على العديد من المستويات لمعالجة المشاكل التي تواجه شركة دبي العالمية، وهي جادة في هذا ولم تخف شيئا على المؤسسات الدولية. لافتاً إلى أن الأزمة العالمية واقع ملموس ولا يمكن انكاره، وقد تعاملت معها دولة الإمارات بشفافية، كونها تمتلك اقتصادا متشابكا مع العالم. ولفت بالحصا إلى أن حكومة دبي أكدت على نهج جديد لمعالجة التداعيات المترتبة على الأزمة المالية العالمية، وفي نفس الوقت تعمل بطريقة ممنهجة على حل ديون وهيكلة شركة دبي العالمية، بشفافية عالية، دون أن تخفي شيئا على العالم، وتحرص دبي على عدم تكرار الأخطاء السابقة، وهذا من شأنه أن يؤكد مدى المصداقية التي يتمتع بها اقتصاد دبي ودولة الإمارات عامة. وبين بالحصا أن ردود الفعل العالمية اتسمت بالمبالغة، “فهناك العديد من الأزمات التي شهدتها مؤسسات مالية ودول ولم تتعرض لها وسائل الاعلام بنفس ما تقوم به مع دبي”. من جانبه، أكد كفاح محارمة مدير عام شركة الدار للأسهم والسندات أن دبي لا تواجه معضلة اقتصادية كبيرة، وأن إعادة هيكلة ديون دبي العالمية يعتبر اجراءاً عادياً جداً، لاسيما في ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية. وقال محارمة إن هناك مبالغة كبيرة وتحاملا واضحا من بعض الاقتصاديين على دبي بدأ يظهر على السطح في الفترة الماضية بعد ان استقطبت دبي الاضواء من كافة انحاء العالم، وخطفت الاهتمام الدولي وحولت الانظار عن الكثير من المراكز الكبرى في العالم. واعرب عن استغرابه قائلاً: كيف يمكن لطلب دبي العالمية تأجيل تسديد جزء من ديونها لمدة 6 اشهر أن يثير كل هذه الحملة الاعلامية في بريطانيا وأوروبا والصحافة الغربية عامة بينما افلاس 120 بنكاً أميركياً وعشرات الشركات ومنها شركات كبرى وعملاقة لا يحظى بمثل هذا التركيز الاعلامي. وأكد أن اقتصاد الدولة في نهاية المطاف هو كل واحد وأنه يعود للانتعاش والنمو، وأن المؤشرات الاقتصادية في الدولة تبين بوضوح أن الاقتصاد بدأ يتعافى من تداعيات الأزمة العالمية. وفي نفس السياق تحدث الدكتور همام الشماع مستشار شركة الفجر للأوراق المالية، معتبراً أن هناك حملة إعلامية مبالغا فيها حول دبي، لافتاً إلى “الكثير من اللغط أشيع حول دبي في الصحافة البريطانية على وجه الخصوص والصحافة الغربية عامة خلال المرحلة الماضية؛ واليوم يستغل هذا الحدث للتأثير على مكانة دبي الاقتصادية، عبر زعزعة الثقة في اقتصاد الإمارة”. واستغرب الشماع هذا التهويل الاعلامي في حين أن مجموعتي سعد والقصيبي أعلنتا تعثرهما عن سداد ديون بعشرات المليارات من الدولارات، ولم نسمع مثل هذا التهويل والمبالغة. وعلى الصعيد العالمي، قال رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون أمس إن شركات دبي ستواصل العمل في مشروعاتها ببريطانيا، وأضاف في تصريحات للصحفيين خلال رحلة لحضور اجتماع قمة لزعماء دول الكومنولث “رؤيتي الخاصة هي أن النظام المالي العالمي بات أشد قوة الآن وقادر على التعامل مع المشكلات التي تظهر”، وقال براون إنه تحدث إلى مسؤولين في دبي في وقت سابق هذا الأسبوع وإنهم لا يزالون يتوقعون المضي قدماً في مشروعات للبنية التحتية في بريطانيا، وقال “على سبيل المثال ... مشروعات دبي لتطوير موانئ في بريطانيا.. إنهم عازمون تماماً على المضي فيها”. كما دعا محافظ البنك المركزي الهندي دوفير ساباراو الأسواق إلى عدم التسرع في رد الفعل على أنباء إعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية، وقال للصحفيين في مدينة حيدر أباد بجنوب الهند “يجب الا يكون لنا رد فعل على أنباء فورية كهذه”. تكاليف تأمين الديون نيويورك (رويترز) - ارتفعت تكاليف التأمين على ديون حكومة دبي أمس وسط جهود حثيثة تبذلها الإمارة لتهدئة الأسواق، بعد ردود الأفعال المبالغ فيها على الإعلان عن نية إعادة هيكلة ديون مجموعة دبي العالمية. وبحسب سي.ام.ايه داتافيجن اتسع هامش عقود مقايضة مخاطر الائتمان لأجل خمس سنوات لإمارة دبي نحو 145 نقطة أساس عنه في أواخر معاملات أمس الخميس ليصل إلى 688 نقطة أساس. بنوك أبوظبي نقلت وكالة رويترز عن مسؤول ببنك أبوظبي التجاري قوله أمس إن البنك معرض بما بين ثمانية وتسعة مليارات درهم (من 2.18 إلى 2.45 مليار دولار) لديون دبي العالمية وشركات تابعة لها مما سيدفع البنك لتجنيب المزيد من المخصصات، وهو ما رفض الرئيس التنفيذي للبنك علاء عريقات تأكيده، وقال عريقات لـ”الاتحاد” نحن لا نفصح عن طبيعة تعاملاتنا مع عملائنا ونحترم مبادئ العمل المصرفي التي تنص على احترام السرية المصرفية، وحول الانكشاف على شركات دبي قال: “لا تعليق”. من ناحية أخرى قال مسؤول تنفيذي من بنك الخليج الأول لرويترز “ائتماننا يبلغ نحو خمسة مليارات درهم لشركات تابعة لحكومة دبي، ولسنا معرضين بالمرة لسندات نخيل” ورفض المسؤولان الكشف عن هويتهما إذ إنهما غير مصرح لهما بالحديث للإعلام.