الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شباب فرنسا يميلون نحو «اليمين» المتطرف

18 ابريل 2012
رغم دراسته الطويلة لحزب "اليمين" المتطرف الفرنسي، "الجبهة الوطنية"، التي امتدت لأكثر من عقدين، لم يتوقع حتى عالم الاجتماع الفرنسي "سيلفيان كريبون" أن تقفز نسبة شعبية زعيمة الحزب، "مارين لوبين"، إلى مستويات غير مسبوقة في أوساط الشباب الفرنسي، لكن اهتزاز الثقة لدى تلك الفئة العمرية في وسائل الإعلام السائدة ومعها اهتزاز ثقة السياسيين، فضلاً عن مصاعب البحث عن عمل، رفعت من شعبية "لوبين" لدى الناخبين الشباب إلى درجة أنها باتت قادرة على تأمين عدد كبير من أصوات الشباب يتساوى مع، أو يفوق ما يحصل عليه باقي المرشحين، بمن فيهم نيكولا ساركوزي نفسه، خلال الانتخابات المقررة في 22 أبريل الجاري. فقد أظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام وطال الفئة العمرية بين 18 و22 سنة أن "لوبين" حصدت 23 في المئة من أصواتهم، ما جعلها تحتل المرتبة الثانية بين الناخبين من تلك الشريحة، فيما تصدرت نسبة التصويت لصالح المرشح الاشتراكي، "فرانسوا هولاند" بحوالي 31 في المئة، واحتل ساركوزي المرتبة الثالثة بنسبة 21 في المئة، ولأن المرشحين اللذين يحصلان على أعلى نسبة أصوات في الجولة الأولى هما فقط المؤهلان لدخول الجولة الثانية، فإن استطلاع الرأي يؤشر أيضاً إلى هزيمة رمزية لساركوزي على يد الشباب. ويؤكد السيد "كريبون" من جامعة "لاديفونس" الفرنسية أن هذه النسبة الكبيرة من الشباب التي قررت التصويت لصالح "اليمين" المتطرف غير مسبوقة في فرنسا، قائلاً: "لقد فوجئت لأن النسبة الكبيرة الموجهة لليمين هي الأولى من نوعها، ومع أن الأمر لا يعدو استطلاعات للرأي وليست انتخابات حقيقية، تبقى مع ذلك المرة الأولى التي يعرب فيها الشباب عن نيتهم التصويت لليمين المتطرف". وفي دراسة أخرى صدرت خلال شهر مارس الماضي أشار معهد الرأي العام الفرنسي من خلال ثلاثة استبيانات للرأي أجراها بين الناخبين الفرنسيين أن مرشحة اليمين المتطرف "مارين لوبين" قد تهزم كلاً من هولاند وساركوزي في الحصول على أصوات الشباب، وحسب الدراسة احتلت لوبين المرتبة الأولى لدى الفئة العمرية بين 18 و24 سنة بحوالي 26 في المئة من نسبة أصوات الشباب، فيما احتل هولاند وساركوزي، وفقاً لما نقلته صحيفة "لوموند"، 17 و25 في المئة على التوالي، ويرجع تاريخ تأسيس حزب" الجبهة الوطنية" إلى والد مارين، "جون ماري لوبين" عام 1972 لتتولى ابنته الزعامة في 2011، وقام الحزب على مبادئ معروفة تتلخص في معاداة الأجانب وتبني مواقف شمولية، لكن "جون ماري لوبين"، مؤسس الحزب، لم يتبوأ قط مركزاً مرموقاً في هيكل السلطة، ولم يحرز نتائج متقدمة في الانتخابات الرئاسية ليظل على الدوام جزءاً من الهامش السياسي الفرنسي. ومع أن ابنته "مارين" ركزت في خطابها المتشدد، عقب توليها قيادة الحزب، على المسلمين، يرى معظم الفرنسيين أنها أقل تطرفاً من والدها، وفي تفسيره لانجذاب الشباب الفرنسي إلى حزب "الجبهة الوطنية" المتطرف، يشير "فريدريك دابي"، الباحث في المعهد الفرنسي للرأي العام إلى صورة السيدة الشابة والعاملة التي تجسدها مارين خلافاً لوالدها المسن، قائلاً: "تسجل مارين شعبية واضحة لدى الشرائح الشابة لأنها تختلف عن والدها، فهي أولاً قريبة منهم وامرأة، كما أنها شابة أيضاً ولديها أسرة ووظيفة، لذا يشعر الشباب بقربها منهم"، لكن يبقى العامل الأكبر في جاذبتها للشباب موقفها من مسألة الهجرة. فالناخبون الشباب، لا سيما غير الجامعيين منهم والأكثر عرضة للبطالة، كثيراً ما يعبرون عن مخاوفهم من المهاجرين الذين يسلبونهم، حسب رأيهم، ما تبقى من الوظائف في ظل اقتصاد فرنسي يعاني الأزمة، لذا يرون في موقف مارين المتشددة إزاء الهجرة الحل المثالي لمشاكلهم. فبموجب البرنامج الانتخابي للجبهة الوطنية الذي تترأسه "مارين لوبين" سيتم خفض نسبة الهجرة الشرعية المسموح بها في فرنسا من 200 ألف مهاجر سنوياً إلى 10 آلاف، هذا الاقتراح، يقول "بيرسيفال نوي"، الشاب الفرنسي ذو 23 سنة، يناسبه تماماً ويتفق معه كلية لأنه من شأنه خفض نسبة البطالة المرتفعة، ويعبر عن رأيه قائلاً "لدينا معدل بطالة وصل إلى 5 في المئة كما نتوافر على ثمانية ملايين فقير في فرنسا، لذا لا أعتقد أننا في حاجة إلى 200 ألف مهاجر كل سنة". ووفقاً لآخر التقديرات التي نشرها المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية بلغت نسبة البطالة في فرنسا إلى 9.8 في المئة خلال 2011، فيما ترتفع النسبة لدى فئة الشباب بين 15 و24 سنة إلى 22.4 في المئة. وفي هذا السياق يقول جون إيف كامي، الخبير في شؤون اليمين المتطرف الفرنسي، إن نسبة البطالة العالية بين الشباب تدفعهم إلى تحميل المسؤولية كاملة على الهجرة والبحث عن السياسيين الذين يتبنون مواقف متشددة إزاءها، لا سيما في صفوف الشباب ذوي المؤهلات المتوسطة. ويؤكد الخبراء أن مؤيدي الجبهة الوطنية من الشباب غالباً ما يكون مستواهم الدراسي متدنياً ويلاقون صعوبة في إيجاد وظائف والحفاظ عليها، وهو ما تشير إليه استطلاعات الرأي التي تبرز نسبة مرتفعة من التأييد لـ"مارين لوبين" في أوساط الشباب المنحدرين من عائلات عمالية من ذوي الياقات الزرقاء، بحيث وصلت نسبة تأييد لدى تلك المجموعة إلى 30 في المئة. لكن رغم ذلك ليس جميع الشباب الفرنسي متفق مع مواقف "لوبين"، ففي أوساط الشباب الجامعي المتعلم هناك ميل واضح نحو اليسار سواء في نسخته المعتدلة التي يمثلها فرانسوا هولاند من الحزب الاشتراكي، أو النسخة الأكثر تشدداً كما يجسدها مرشح أقصى اليسار "جون لوك ميلونشون". باستيان إنزورالد باريس ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان سيانس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©