الجمعة 10 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دمشق في العيد أيام فرح وساحات طفولة

دمشق في العيد أيام فرح وساحات طفولة
27 نوفمبر 2009 22:23
يهل عيد الأضحى المبارك على دمشق والمدن السورية في أجواء الابتهالات والتكبيرات والأناشيد الدينية التي تسبّح بحمد الله، وتعلو الابتسامة كل الوجوه، ويميل الناس إلى الوداعة والتسامح وتكريس روح المحبة. ويرتبط عيد الأضحى بوقفة عرفات والحج، ويعيش الجميع مشاعر المغفرة مع حجاجهم زوار البيت العتيق، وتبدأ مظاهر العيد قبل حلول أيامه المباركة بأكثر من أسبوع. تفتح المحلات التجارية والأسواق الشعبية أبوابها ليلاً ونهاراً لاستقبال الزبائن، ولا يختلف نهار دمشق عن ليلها في هذه الأيام، إذ تزدحم الأسواق بالمشترين، وتكتظ المحلات بأصناف شتى منهم، كل يريد شراء حاجاته للعيد من ملبس ومأكل وحلوى، كما تتميز دمشق قبيل العيد بأسواقها الشعبية العريقة التي تكتسي حلة من الزينة والأضواء الملونة، وتعرض أنواعاً عديدة من الملبس والمأكل والحلويات. الحميدية والصالحية يزدان سوق الحميدية التاريخي بأحلى حلة، وإذا كان هذا السوق مزدحماً بشكل دائم بالزوار، فإنه يكتظ بالناس قبيل العيد، وهم يبحثون عن حاجاتهم من الملابس الرجالية والنسائية وألبسة الأطفال، ولاسيما أن هذا السوق ما يزال يمثل مرجعية أسواق دمشق القديمة منها والحديثة، وتتفرع عنه أسواق الحريقة وسوق النسوان والعصرونية، ويتوسطه محلان شهيران لبيع البوظة وكشك الأمراء. ويشكل هذا السوق التقليدي الجميل المدخل والطريق إلى الجامع الأموي الكبير. لذا فإن الشعور بالعيد يبدأ من هنا بالنسبة للزائرين. أما سوق البزورية القريب من الحميدية فيبدو كأنه سوق العيد نفسه! إذ يؤمه الجمهور بكثافة باعتباره السوق الرئيسي للسكاكر وبيع الشوكولاته والفواكه المجففة، ففي هذا السوق يختار الدمشقيون سكاكر ضيافة العيد، سواء من الشوكولاتة الفاخرة المحشوة بالبندق والفستق الحلبي والمكسرات الأخرى، أو من (الراحة) الفاخرة المصنوعة من السكر والنشاء والمحشوة بالجوز والفستق الحلبي والكاجو، والتي تقدم للمهنئين بالعيد، أو بمناسبة عودة الحجاج من بيت الله الحرام. أما (الملبّس) الدمشقي فهو اختصاص شامي قديم، وهو عبارة عن حبة لوز ملبسة بالسكر، ويتخذ عدة ألوان منها الأبيض والزهري والأزرق، ويكون النوع الفاخر هشاً، وهذه الأنواع من السكاكر توارثها أهل دمشق أباً عن جد. ولا يختلف الحال في أسواق الصالحية والحمراء التي تكتظ كالحميدية والبزورية بالمتسوقين، وكذلك المراكز التجارية الكبرى الحديثة في حي كفرسوسة الجديد، وفي منطقة المزة، وعلى طريق درعا جنوب دمشق، حيث تضم هذه المراكز كمثيلاتها في العالم سلعاً متنوعة. حي الميدان في الأحياء الشعبية الدمشقية كالميدان والشيخ محيي الدين تبدو مظاهر العيد أكثر بهجة وسطوعاً، ربما لعراقتها القديمة أو لعفويتها البسيطة التي تشي بفرح أكبر ولمعان أكثر. وإذا كان السوريون يصنّفون بأنهم أكبر مستهلكي الحلويات في العالم، فإنهم في الوقت نفسه من أهم مصنعي ومصدري الحلويات الشرقية الشهيرة عالمياً. ويعتبر حي الميدان العريق من أهم أسواق بيع الحلويات في دمشق، تليه ساحة المرجة والسنجقدار. ويبدو سوق الجزماتية في الميدان كأنه مدينة من الحلوى قبيل العيد، حيث تتكدس أصنافها على بسطات كبيرة خارج المحلات، وهي تتضمن البقلاوة، والمبرومة، والبلورية، وكول وشكور، وزنود الست، وأسوارة الست، والبرازق، والغريبية. ولا توجد إحصائية معتمدة لعدد الأطنان من الحلويات التي يشتريها الدمشقيون في فترة العيد، لكن إذا كانت دمشق تضم خمسة ملايين ساكن، فإنه يمكن القول: إن الدمشقيين يشترون في العيد ما يقارب المليونين ونصف المليون كيلو من هذه الحلويات بالمتوسط. لذا يبدو سوق الميدان مزدحماً ليلاً ونهاراً بالمشترين ليشكلوا ظاهرة من أهم ظواهر قرب حلول العيد المبارك. وكذلك الحال في ساحة المرجة والسنجقدار. وثمة ظاهرة أخرى تسبق أيام العيد، وهي وجود قطعان من الخراف تتجول في بعض شوارع دمشق وأحيائها الشعبية، حيث يعتبر عيد الأضحى موسماً لتقديم الأضاحي وتوزيع لحومها على الجيران والأقرباء والفقراء. طقوس العيد لأيام عيد الأضحى طقوس خاصة في دمشق، تبدأ بزيارة قبور الموتى من أجداد وآباء وأقرباء والترحم على أرواحهم ووضع أغصان من نبات (الآس) على قبورهم وقراءة القرآن والدعاء لهم، ثم يتوجه الناس إلى أداء صلاة العيد. وبعد الصلاة وتبادل التهاني والتبريكات بين المصلين، يعود المصلون إلى بيوتهم، حيث تكون قهوة العيد قد أصبحت جاهزة استعداداً لاستقبال المهنئين والمباركين بالعيد. وقد اعتاد الدمشقيون استهلال أول أيام العيد بزيارة كبار العائلة كالجد أو الجدة أو الوالدة والأعمام والخالات وكذلك الجيران الأقرب. كما يجتمع الأخوة المتزوجون مع زوجاتهم وأولادهم في بيت العائلة الأكبر ويتناولون طعام الغداء معاً. وفي اليوم الثاني يبدأون باستقبال المهنئين كما يقومون بتهنئة الجيران والمعارف. لكن تأثيرات العصر، وانشغال الناس بهموم الحياة، بدأ يؤثر على العادات والتقاليد الدمشقية لدى البعض، فقد استبدلوا زيارة التهنئة برسالة (SMS) أو عبر التخاطب مباشرة بالهاتف الخليوي. وتلاحظ إحصائيات نشرت مؤخراً أن نسبة المكالمات عبر الهاتف الأرضي والهاتف الخليوي تزداد كثيراً في أيام العيد. الأطفال والعيد العيد هو الأطفال. هكذا يقول كل الآباء، وقبيل العيد تنتصب في ساحات دمشق وحدائقها الأراجيح والقلابات وكافة الألعاب، وتحرص الأسر الدمشقية على شراء الملابس الجديدة للأطفال مع كل عيد، كما تخصص لهم (عيديات)، وهي مبالغ توزع عليهم لينفقوها في أيام العيد. ومن العادات الدمشقية والسورية عموماً أن الأقرباء يمنحون الأطفال (عيديات) إضافية تزيد من إمكانياتهم على الشراء وركوب الأراجيح والألعاب الأخرى. لكن أطفال سوريا في العيد سيخصمون نسبة من عيدياتهم ليتبرعوا بها لأطفال غزة والضفة المحاصرين والمحرومين، وهم يفعلون ذلك بأريحية ومحبة وطيب خاطر.
المصدر: دمشق
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©