الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تدريس الأمازيغية يتراجع وسط مطالبات نواب بفرضه على كل الجزائريين

تدريس الأمازيغية يتراجع وسط مطالبات نواب بفرضه على كل الجزائريين
22 ابريل 2011 20:00
قدّم 22 نائباً بالبرلمان الجزائري مؤخراً مقترحاً قانونياً ينص على إجبارية تدريس اللغة الأمازيغية في كل المدارس الجزائرية دون استثناء، عوض أن تبقى «اختيارية» كما هو الشأن الآن. كما ارتفعت العديد من الأصوات خارج البرلمان تؤيد مقترح النواب وتدعو إلى تجسيده في أقرب الآجال. تقلصٌ مستمر كانت السلطات أقرت في العام الدراسي 1994- 1995 إدخال الأمازيغية إلى المدرسة للمرة الأولى مرة منذ استقلالها في 1962، حيث كان التعليم يتم باللغتين العربية والفرنسية فقط، وذلك بعد أن نظم سكانُ منطقة القبائل الأمازيغية إضراباً عن التعليم في عام 1994، رفعوا خلاله شعار «ثمازيغث ذي ليكول» أي «الأمازيغية في المدرسة» واستمرّ الإضراب شهوراً عديدة وكلّف تلاميذ وطلبة المنطقة ضياع عام من دراستهم ولكنه كُلّل بالنجاح حيث تم الاتفاق مع السلطات على تلبية هذا المطلب في العام الدراسي الموالي. وتمّ إدخال الأمازيغية بصفة «اختيارية» في مدارس 16 ولاية جزائرية يتحدث كل سكانها، أو أغلبُهم، إحدى اللهجات الأمازيغية الخمس المنتشرة في الجزائر، إلا أن التجربة الآن آلت إلى الفشل ولم تعد تُدرّس إلا في أقسام محدودة في 9 ولايات فقط وبعددٍ قليل من التلاميذ والطلبة. ويقول النائب علي إبراهيمي، مندوب النواب الـ22 الذين رفعوا مقترح إلزامية تدريس الأمازيغية في كل مدارس وأنحاء الجزائر «واقع تعليم اللغة الأمازيغية لم يعد يسرُّ أحداً، لقد تعرضتْ إلى تراجع خطير، فهي لم تختفِ في 7 ولايات فقط، بل بدأت حتى بالانحسار في منطقة القبائل، وهي معقلها التقليدي». ويوعز إبراهيمي السبب الأول في تراجع تعليمها إلى «الطابع الاختياري لتدريسها». ويضيف أن «ذلك يعرقل تطورها وترقيتها». وهناك أسبابٌ أخرى في نظره، ومنها نقص توظيف أساتذة الأمازيغية لعدم وجود مناصب مالية، وغياب الليونة في توظيف حاملي الشهادات الجامعية في الأمازيغية، في قطاع التعليم، معتبراً أن ذلك «دليل على عدم جدية السلطات في تدريسها». ويدعو إبراهيمي وباقي النواب إلى إلزامية تدريسها في كل أطوار التعليم بالجزائر، مع التطبيق التدريجي لهذا القرار وتجنيد كل الوسائل البشرية والمادية لإنجاحه. إجبارٌ وتعميم لقي المقترح القانوني للنواب، والذين يعتزمون عرضه قريباً على البرلمان لمناقشته أملاً بالتصويت عليه وإقراره، تأييداً لدى الناشطين التقليديين الذين اشتهروا بالدفاع عن الأمازيغية، ويقول علي موزاي، وهو مُخرج عدة أفلام بالأمازيغية إن «إجبارية تدريس الأمازيغية وتعميمها على كافة المدارس الجزائرية، ضرورة لتجاوز التناقض بين الخطاب السياسي الرسمي الذي يتبناها ويتعهد بترقيتها وتطويرها، وبين الواقع». وكانت الدولة قد تعهدت في عام 2002 بالعمل على ترقية الأمازيغية وتطويرها بجميع مكوِّناتها اللسانية المستعمَلة عبر الجزائر، طبقاً لتعديلٍ دستوري أقرّ لأول مرّة في مادته الثالثة، أن «تمازيغت لغة وطنية». من جهته، يبدى يوسف مراحي، رئيس «المحافظة السامية للأمازيغية» التي أنشأتها السلطات في عام 1995 للسهر على ترقية الأمازيغية، حسرته الكبيرة لعزوف تلاميذ وطلبة 7 ولايات أمازيغية عن دراسة هذه اللغة في السنوات الأخيرة بعد أن كانوا يدرسونها منذ إدخالها اختيارياً إلى المدارس في 1995. ويقول مراحي «من غير المعقول ألا توجد أقسام ومدارس في بعض الولايات الأمازيغية، وأن يقتصر تعليمُها الآن على 9 ولايات فقط، علماً بأن 95 بالمائة من التلاميذ ينحصرون في 3 ولايات بمنطقة القبائل، بينما لا يدرسها في الجزائر العاصمة سوى 16 تلميذاً فقط، وهذه آخر دفعة، وفي العام المقبل لن يكون للأمازيغية وجودٌ في مدارس عاصمة البلاد». ويدعو مراحي إلى إجبارية فرض تدريس الأمازيغية على كل تلاميذ وطلبة الجزائر وأن يكون ذلك بـ»الحروف اللاتينية» واستبعد الحرف العربي وحتى الحروف الأمازيغية «التيفيناغ» وزعم أن ذلك «خيارٌ علمي». ويرفض مسؤولٌ آخر بالمحافظة، وهو علي عصاد، جعل تدريس الأمازيغية اختيارياً. ويقول «الأمازيغية هي لغة كل الجزائريين وهويتهم منذ 3 آلاف سنة، ومن حقهم تعلّمها، وتعليمها بصفة اختيارية لا يساعد على تعميمها». المفروض مرفوض مقابل تزايد الدعوات إلى «فرض» تعليم الأمازيغية قسراً على كل تلاميذ الجزائر، برزت أصواتٌ أمازيغية أخرى تعارض هذه الخطوة وتحذر منها، إذ يؤكد الدكتور صالح بلعيد، المختص باللسانيات في جامعة تيزي وزو، أن «فرض تدريس الأمازيغية يجعل نجاحَها مستحيلاً، لا شيء ينجح إذا تمّ فرضُه بشكل إجباري دون رضا الناس، إذ قد تُقابل برفض واسع من الجزائريين». ويتساءل مستنكراً «بأي حق تُفرض عليهم؟ أنا مع الطابع الاختياري لتدريسها، وفي المناطق الناطقة بالأمازيغية فقط حتى وإن كانت الاختيارية هي السبب الرئيس لتراجع تدريسها». ويحمّل بلعيد حاملي لواء الأمازيغية بمنطقة القبائل مسؤولية فشلها بسبب «محاولة الاستئثار بها واحتكارها وإعطائها بعداً فرنكفونياً من خلال تدريسها بالحروف اللاتينية بدل الحروف العربية أو حتى حروفها الأصلية المعروفة باسم «التيفيناغ»، وهذا ما جعل الجزائريين لا يتعاطفون معهم». ويضيف بلعيد أن «فئة قليلة متنفذة تريد فرض نفسها على كل الشعب، وقد حوّلوها إلى سجل تجاري يستعملونه لابتزاز السلطات، مع أنهم لا يؤمنون بها، فحتى أولادهم يدرسون في الخارج بالفرنسية». ويشير إلى أنه أعدّ دراسة من 22 صفحة عن قسم اللغة الأمازيغية بجامعة تيزي وزو، كشف خلالها أن «أغلب أساتذة المادة لا علاقة لهم بها، و95 بالمائة من طلبتها لا يتقنونها ويفضلون عليها اللغة الفرنسية في لغة خطابهم». ويضيف «الوضع خطير؛ الأمازيغية ليست بخير، لقد تسيَّستْ، وهناك إقصاء متعمّد للحرف العربي لحساب الفرنسية، وكأن هؤلاء يريدون القول إن أجدادنا الأمازيغ كانوا مخطئين حينما اعتمدوا الحرف العربي في تعاملات 13 مملكة أمازيغية تعاقبت على حكم الجزائر وبلاد المغرب منذ الفتح الإسلامي، الجزائريون ينتظرون أن تكون الأمازيغية مكمِّلة للعربية لا للفرنسية، إن قسم اللغة الأمازيغية بجامعة تيزي وزو تحوّل إلى مجرد امتداد للقسم الفرنسي بنفس الجامعة، هذه مسألة خطيرة ولن تخدم الأمازيغية أبداً». الحرف العربي يؤكد أرزقي فراد، باحث ونائب سابق عن منطقة القبائل الأمازيغية، أن «الاستعجال» في تدريس هذه اللغة منذ عام 1995 كان السبب الأول في تراجعها، وقد كان من الأنسب تحضير الجزائريين الذين كان الكثيرُ منهم ينظر إليها بتوجس على أساس أنها ستقسِّم صفوفهم ووحدتهم الوطنية. ويؤكد أن تدريس الأمازيغية بالحرف اللاتيني والذي «فرضه تيارٌ معين، ثبَّطها وأضرَّ بها وأسهم في تراجعها»، ويلح على ضرورة كتابتها بالحرف العربي لأنه «الأقربُ إليها»، ويتكئ فرّاد على رصيد تاريخي ثري، قائلاً «لديّ مخطوطاتٌ أمازيغية لأجدادي في الفقه ومختلف العلوم بالحرف العربي». ويرفض بشدة، فرض تدريسها قسراً على كل الجزائريين. ويدعو إلى انتهاج سياسة إعلامية واسعة لـ»إقناع الجزائريين بأهمية العودة إلى تراثهم وتعلم لغتهم الأصلية»، وان يكون ذلك بـ»سلاسة ومرونة وبطرح معرفي بحت بعيد عن التوظيف السياسي والأيديولوجي الضارّ بالقضية».
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©