الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

افغانستان الوعرة : تحديات المهمة الجديدة لبتراويس

26 يونيو 2010 14:17
لورا كنج افغانستان في بلدة مرجة الأفغانية التي تقع وسط تيارات الرياح القاسية، يُختصر التحدي الأكبر أمام الجنرال بتراويس، الذي تم اختياره مؤخراً لقيادة القوات الغربية بأفغانستان، في أحد أبسط المواد الغذائية وهو الخبز اليومي! فبعد أربعة أشهر على بدء الهجوم الذي نفذته قوات مشاة البحرية الأميركية في المناطق الجنوبية التي يغلب عليها الطابع الزراعي، وكانت في السابق معقلا رئيسياً لتنظيم "طالبان"، بدأت حملة شرسة من الترويع يقوم بها المتمردون وتستهدف الأهالي بالتركيز على بعض الأهداف المتواضعة مثل المخابز، وهو ما يعبر عنه "كليم"، أحد أصحاب المخابز في مرجة قائلا: "أمرونا بإغلاق محلاتنا"، واصفاً محنة الاختطاف التي تعرض لها مع زميل له ودفعته إلى إغلاق مخبزه خوفاً من انتقام "طالبان" بعدما اتهموه ب"مساعدة الأميركيين"، وأموره ب"إغلاق المخبز وإلا التعرض للقتل". وفيما كان يفترض ببلدة مرجة الواقعة في محافظة هلمند الاستراتيجية أن تمثل نموذجاً لخطة مكافحة التمرد التي صاغتها الولايات المتحدة والقائمة على الجمع بين القوة العسكرية وتقديم الحكومة الأفغانية للخدمات الضرورية للشعب، تحولت البلدة إلى قصة تدعو إلى مراجعة العديد من الحسابات السابقة والتأني قبل إطلاق أي تقييمات متسرعة بالنجاح. فالخطة التي تركز على إعادة تشكيل مرجة هي جزء من استراتيجية مكافحة التمرد التي بلورها الجنرال ماكريستال ومن المتوقع أن يستكملها بعده بتراويس إثر توليه قيادة جيوش التحالف في أفغانستان. وحسب هذه الاستراتيجية التي طورها الجيش الأميركي باستلهامه تجارب التاريخ في حروب العصابات، فإنه ليس كافياً قتل المتمردين، إذ يبقى النصر العسكري بدون معنى ما لم يصحبه استقطاب المدنيين وحشد تأييدهم. والطريق الأمثل لتحقيق ذلك، حسب الاستراتيجية، يكمن في إبراز كيف يمكن لحكومة جيدة أن تغير حياة الناس للأفضل، وهو ما لم يتحقق بعد في مرجة، أو على الأقل لم يتقدم بالسرعة المطلوبة، وهو ما يؤكده الجنرال جوزيف بلوتز، المتحدث باسم القوات الدولية للمساعدة الأمنية التابعة لحلف شمال الأطلسي قائلا: "مازال الوضع صعباً في المنطقة الوسطى من وادي هلمند"، مضيفاً أنه قبل أربعة أشهر كان "علم طالبان يرفرف فوق مرجة التي كانت مركزاً لتجارة المخدرات والعبوات الناسفة التي تزرع على جنبات الطرق، ومن الطبيعي أن يستغرق الأمر بعض الوقت لتغيير وضع كان سيئاً للغاية". وسيتولى الجنرال بتراويس زمام الأمور في وقت تواجه مسيرة التقدم في مرجة بعض الصعوبات وتشهد تأخراً مقارنة بما كان يأمله المسؤولون العسكريون، لكن رغم هذه العراقيل أكد وزير الدفاع، روبرت جيتس، أن الولايات المتحدة ليست "متورطة" في أفغانستان، قائلا: "أعتقد أننا نحرز بعض التقدم وإن كان بوتيرة أبطأ مما كنا نتوقع". وسيكون أمام جيتس وبتراويس وقت يمتد حتى نهاية السنة الجارية لإظهار أن الاستراتيجية الحالية يمكنها النجاح، رغم حرص وزير الدفاع على عدم المبالغة في التوقعات بقوله: "نحن لا نبحث عن النصر بحلول ديسمبر أو يوليو من عام 2011 ". أما الرئيس أوباما الذي يتابع الجهود العسكرية في أفغانستان بكثير من القلق، فصرح في مؤتمر صحفي يوم الخميس الماضي، مع الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف، بالقول: "نحن لم نقل إننا سنطفئ جميع الأضواء ونغلق الأبواب خلفنا، بل قلنا إننا سنبدأ مرحة انتقالية ستسمح للحكومة الأفغانية بتولي قدر أكبر من المسؤولية". والحقيقة أن مرجة ليست سوى حلقة في سلسلة من التحديات التي ستواجه الجنرال بتراويس في مهمته الجديدة بأفغانستان، لاسيما بعد ارتفاع عدد القتلى في صفوف الجيوش الغربية خلال الشهر الجاري الذي أصبح الأكثر دموية على مدى السنوات التسع من الحرب التي سقط فيها أكثر من 1700 جندي، كما أن التمرد بدأ يستعيد بعض قوته ويكسب أراضي جديدة في مناطق كانت هادئة في السابق مثل الشمال، هذا في الوقت الذي لم تبد القوات الأفغانية استعدادها بعد لتحمل مسؤولية حماية البلاد. وبالإضافة إلى ذلك تبقى الحكومة الأفغانية غارقة في الفساد ولا تحظى بثقة الشعب الأفغاني، في ظل تصاعد المخاوف من أن تتحول الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها خلال شهر سبتمبر المقبل، إلى مناسبة لاندلاع العنف وتزوير أصوات الناخبين. وبالطبع هناك من ينظر إلى الحملة التي شنتها القوات الأميركية على مرجة كقصة نجاح وإن كانت غير مكتملة بعدما تحسنت حياة الناس في البلدة مقارنة بالسنوات التي كانت فيها السلطة الحكومية غائبة تماماً عن المنطقة. ومع ذلك يشعر العديد من الأهالي بخيبة الأمل بسبب فساد قوات الأمن الأفغانية، واستمرار "طالبان" في ترويع السكان وإيصال رسائل تهديد إلى الأهالي تحذرهم فيها من مغبة التعاون مع الأميركيين، وفي بعض الأحيان تقوم بقتل أشخاص ترى أنهم يتعاونون مع الحكومة الأفغانية. وقد دعا بعض المسؤولين العسكريين إلى استخلاص الدروس من تجربة مرجة وصعوبة فرض الاستقرار والأمن في البلدة للتقدم بحذر أكبر خلال الحملة المتوقعة على محافظة قندهار المجاورة التي تعتبر معقل "طالبان" الأكبر في الجنوب ومركزها الروحي في أفغانستان. وتبدو قندهار بعلاقاتها القبلية المتشابكة، وتجذر الجريمة والتواجد الكثيف للمتمردين في أراضيها، أكثر تعقيداً من مرجة، ما يطرح أمام بتراويس العديد من التحديات التي يتعين عليه مواجهتها ما أن تطأ قدماه أرض أفغانستان الوعرة. ينشر بترتيب خاص مع خدمة « إم سي تي إنترناشون
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©