الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا والمكسيك.. شراكة ضد تجارة المخدرات

27 نوفمبر 2009 23:01
انتقاماً من اعتقال السلطات لزعيمهم، أطلق قادة المليشيات التابعة لعصابات تجار المخدرات يدهم في ولاية ميكوكان الخارجة عن القانون خلال موسم صيف العام الحالي؛ فاعتقلوا 12 من ضباط الشرطة المكسيكية ثم قتلوهم وتخلصوا من جثثهم برميها على قارعة أحد طرق المرور السريع بالولاية؛ وتبين لاحقاً أن هناك قاسماً مشتركاً بين الاثني عشر ضابطاً من ضباط المخابرات القتلى: فقد تلقوا جميعهم تدريباً مشتركاً مع عملاء مكافحة المخدرات الأميركيين ليعملوا إلى جانبهم في الحرب التي تشنها الحكومة المكسيكية على عصابات المخدرات بدعم أميركي؛ وقال المسؤولون إن صلة الضباط الضحايا بالعملاء الأميركيين جعلت منهم هدفاً ثميناً لعصابات المخدرات التي تشن حملة انتقامية عنيفة ضد التعاون العسكري غير المسبوق بين الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك على تجارة المخدرات في الأخيرة. فبعد عقود من انعدام الثقة والخيانات في بعض الأحيان، قررت السلطات الأميركية والمكسيكية ترك خلافاتها جانبا لتوحيد الجهود ضد عدو واحد مشترك هو عصابات المخدرات؛ ووفقاً لما ورد في لقاءات صحفية أجريت في كل من واشنطن ومكسيكو سيتي، يتبادل الطرفان معلومات استخباراتية حساسة، فضلاً عن تبادلهما لتكنولوجيا الحاسبات الآلية والمعدات الحربية، إضافة إلى تدريب الخبراء الأميركيين لشركائهم المكسيك على كيفية محاربة عصابات المخدرات؛ وقد تمكن عدد من أفراد وضباط الشرطة المكسيكية من اختراق صفوف العصابات والانضمام إلى مليشياتها سراً، الأمر الذي ساعد على إفساد الكثير من جهود التعاون الإجرامي الذي يتم عبر الحدود بين عدد من أشد المنظمات الدولية إجراماً. على حد تعبير جون فيلي -نائب رئيس المهمة الأميركية الخاصة بمكافحة المخدرات في السفارة الأميركية بمكسيكو سيتي- "فإن اعتراف مسؤولي كلتا الدولتين الجارتين في أعلى المستويات باقتسامهم المسؤولية المشتركة إزاء مكافحة المخدرات وغيرها من الجرائم المنظمة ذات الخطورة الكبيرة في المكسيك، يعد تحولاً كبيراً جداً في العلاقات بين واشنطن ومكسيكو سيتي". غير أن هذه الشراكة لا تزال ضعيفة مهتزة وتشوبها الشكوك العميقة الموروثة من علاقات الماضي. من جانبهم أكد المسؤولون عن فرض القانون في أميركا أن هذه الشراكة الجديدة بين بلادهم والمكسيك قامت على تقارير وتوصيات مطمئنة من قبل الخارجية الأميركية على قدرة أجهزة فرض القانون المكسيكية على تجاوز تاريخ طويل من الفساد ونقص الكفاءة، وأن في وسع الرتب العليا في الجيش المكسيكي تجاوز مشاعر عدائها التاريخي للأجانب، مع العلم أن هذه الرتب تحظى بحصانة قانونية مطلقة في تنفيذ مختلف عملياتها. ولكن لا تمنع هذه التأكيدات المسؤولين الأميركيين من الاعتراف بالطبيعة المغامرة لشراكة بلادهم الحالية مع المكسيك؛ وتكمن الشكوك في مدى إمكانية نجاح الجهود المشتركة بين البلدين، في قدرة عصابات المخدرات ذات الموارد المالية غير المحدودة على رشوة وإفساد عدد من الشخصيات القيادية العاملة في مجال مكافحة المخدرات والجريمة المنظمة في حكومة الرئيس الحالي فيليب كالديرون. والمثير للقلق أن من بين الشخصيات التي نجحت عصابات المخدرات في استمالتها إلى جانبها، رئيس الادعاء العام بوحدة مكافحة الجريمة المنظمة. كما تمكن عميل استخباراتي موال لعصابات المخدرات من اختراق مكتب الإنتربول الدولي في مكسيكو سيتي بدعوى أنه يعمل في السفارة الأميركية، وتمكن من سرقة معلومات حساسة من إدارة مكافحة المخدرات. يذكر أن الشراكة الحالية تقوم على أساس "مبادرة ميريدا" البالغة ميزانيتها 1.4 مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة في شكل مساعدات للجهود التي تبذلها المكسيك في مجال مكافحة المخدرات في عهد إدارة "بوش"؛ وشملت مبادرة السنوات الثلاث تلك، إمداد وحدات الجيش المكسيكي بطائرات من طراز بلاك هوك العمودية، ونظم الإضاءة الليلية وأجهزة أشعة جاما التي تستخدم في مهام البحث عن الأسلحة والأموال المخبأة في الحدود المشتركة بين الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك. وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتبادل فيها الجيش الأميركي ونظيره المكسيكي، المعلومات الاستخباراتية السرية في زمن قياسي عبر ضباط المخابرات المكسيك الملحقين بالقيادة العسكرية الأميركية الشمالية في "كلورادو سبرينجز"، إضافة لأولئك الملحقين بوحدة المهام العسكرية الأميركية في كي ويست في فلوريدا، وهي الوحدة المسؤولة عن الاستطلاعات البحرية وبواسطة الأقمار الاصطناعية العسكرية في منطقة الكاريبي وشرقي المحيط الهادي. وتمرر الوحدة ما تحصل عليه من معلومات استطلاعية استخباراتية إلى سلاح البحرية والقوات الجوية المكسيكية كي تتمكنا من رصد واعتراض شحنات المخدرات المتجهة شمالاً عبر الحدود. إلى ذلك يستخدم الفنيون ومهندسو تقنية المعلومات المكسيك برامج التشغيل التابعة للحكومة الأميركية للاستفادة منها في بناء شبكة "بلاتفورم مكسيكو" وهي عبارة عن شبكة كمبيوتر وطنية تقام في مبنى محصن يتألف من خمسة طوابق في أطراف مكسيكو سيتي. وبناء على ذلك سيكون في وسع سلطات فرض القانون المكسيكية تبادل المعلومات والاتصال المباشر بقاعدة البيانات التابعة لنظرائها في الولايات المتحدة الأميركية؛ وتجري الآن ترجمة أهم المعلومات التي تحويها قاعدة البيانات الأميركية إلى اللغة الإسبانية. وبينما لا يمكن التقليل من أهمية تبادل العتاد الحربي في عمليات مكافحة المخدرات في المكسيك بين الجانبين الأميركي والمكسيكي، إلا إن من رأي المسؤولين في كلتا الدولتين أن برنامج فحص وتدريب عملاء مكافحة المخدرات المكسيك يعد بمثابة العمود الفقري الذي تقوم عليه الشراكة المتنامية بين البلدين ضد المخدرات. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
المصدر: مكسيكو سيتي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©