الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بين المعرفي الموضوعي والذاتي الشخصي

بين المعرفي الموضوعي والذاتي الشخصي
29 يناير 2009 03:34
إن الأحكام الذاتية في النقد العربي القديم قد توصل إلى كشف المعرفي، فليس كل ما هو ''ذاتي'' يعني في المحصلة بأنه نقيض للفكر والاستنباط، أو حتى ليس كل ما هو معرفي وموضوعي يدل على أنه ليس بذاتي، فهناك أبعاد معرفية وموضوعية مطمورة في الخطابات الذاتية، وخطابات ذاتية مدفونة هي الأخرى في الخطابات النقدية، فمن الأولى ألا ننساق خلف البلاغة الأكاديمية التي تقوم على عزل الذاتي عن المعرفي أو المعرفي عن الذاتي، ولذلك فإنه لابد أن نثابر في فهم الشخصي وتنكراته في الخطابات النقدية الأكاديمية، وأن نسعى جاهدين إلى تلمس الشخصي والمعرفي في آن واحد، ونفعل ذلك حتى نفهم شخصية الناقد الذي لا يقرأ النصوص بوصفه ناقدا فحسب، وإنما بوصفه كاتبا له تجربة إنسانية مميزة، حتى ولو أنها لم تعرض بشكل مباشر إلى سيرة المؤلف· لا يحدد طه أحمد إبراهيم في كتابه ''تاريخ النقد الأدبي عند العرب'' المفاهيم التي تقود عليها دراسته، فنحن لا نعرف حتى هذه اللحظة ماذا يعني ''بالذوق الفني المحض'' و''المذهب العلمي'' و''الملكة التحليلية''، لأن البلاغة الأكاديمية تفترض مسبقا استخدام بعض الشعارات المشرّعة بواسطة المؤسسة التعليمية المحترفة؛ وهي لذلك عادة ما تحول هذه المصطلحات الملتبسة إلى مفاهيم راسخة دون أن تقوم بتحديدها، وتأتي هذه المفاهيم في سياق حديث طه أحمد إبراهيم عن النقد قبل الإسلام، حيث يقول: إن ''ملكة العقل عند الجاهليين هو الذوق الفني المحض، فأما الفكر وما ينبعث عنه من التحليل والاستنباط فذلك شيء غير مبرر عندهم، وبعيد كل البعد عن الروح الجاهلي··· ]و[ لم يكن للجاهلي ذهن علمي··· ]و[ إننا نستبعد أن تكون للجاهليين ملكة تحليلية في النقد الأدبي··· والنقد ]عندهم[ قائم على الانفعال والتأثير''· فرغم أن إبراهيم لم يطلع على النقد قبل الإسلام، لأن ما وصل منه قليلا جدا، إلا أنه جازم في خطابه دون الحاجة إلى أن يوضّح لنا أحكامه هذه، لأنها مشرّعة بواسطة المؤسسة التي تقر البلاغة الأكاديمية القائمة على ثنائية الذاتي والموضوعي، فيحق لأي باحث أكاديمي أن يستخدم مصطلح مثل ''الذهن العلمي ـ الانفعال ـ التأثير ـ الروح الجاهلي···'' دون أن يعرّف لنا ما يحتاج إلى تعريف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©