الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفنانون المسلمون يزخرفون الأسلحة بالذهب والأحجار الكريمة

الفنانون المسلمون يزخرفون الأسلحة بالذهب والأحجار الكريمة
14 سبتمبر 2008 23:33
إذا كانت الحرب في نظر الخبراء الاستراتيجيين فنا له قواعده وأصوله فإن أدوات الحرب والقتال، الهجومية والدفاعية، كانت ميدانا خصبا بذل فيه الفن الإسلامي محاولات مبهرة لإسباغ طابع زخرفي على هذه الأدوات، اسفر عن زخرفة هذه الاسلحة من دروع وسيوف وخناجر فضلا عن الاسلحة النارية من البنادق والغدارات بشتى انواع الزخارف الإسلامية ، بل لم يعدم بعضها التحلي بالذهب والفضة والأحجار الكريمة! ووفقا لهذه الروح الفنية أصبحت أدوات القتال وأسلحة النزال تزخر بشتى أنواع الزخارف المعروفة في ديار الإسلام· وقد كان اغلب الحكام المسلمين من رعاة الفن والفنانين، يفخرون بانتمائهم إلى طبقة المحاربين ويعرضون في استقبالاتهم واحتفالاتهم أسلحتهم المحلاة بشتى أنواع الزخارف والمعادن والجواهر الثمينة· لم يكن ذلك جزءا من تقاليد البلاط فحسب وإنما أيضا نتيجة من نتائج الطابع الجهادي لبعض دول الإسلام وسيطرة العسكريين على البعض الآخر لدواعي مواجهة الاخطار الخارجية أو بسبب الحروب والفتن الداخلية، وقد رسخت هذه المظاهر كلها الاندماج والتمازج الكاملين بين الحكام وارباب السيوف من العسكريين سواء من اتوا من القبائل والاسر الحاكمة أو من انحدروا من اصول الرقيق العسكري أو المماليك ويتجلى تأثير هذه الحقائق السياسية بوضوح في تصاوير المخطوطات الإسلامية التي تزخر بعشرات من صور المحاربين في المعارك أو في البلاط وقد حملوا الاسلحة المذهبة أو ارتدوا الاقنعة الحربية المزخرفة وهم على صهوات خيول تكسوها اغطية مزركشة عليها سروج منقوشة حاملين في ايديهم تروسا ملونة ومعهم جعب لحفظ السهام والنبال المزخرفة، بالاضافة الى الدبابيس المذهبة والسيوف والخناجر ذات المقابض المموهة بالذهب والفضة والمرصعة بالاحجار الكريمة· وكان لتعقد انظمة الحرب لدى المسلمين اكبر الاثر في غلبة الصبغة الفنية على اسلحة الجيوش بصفة عامة واسلحة امراء الحرب والبلاط خاصة· ففي مختلف الاقطار الاسلامية كان الحكام يحرصون على استعراض قواتهم للاطمئنان على كفاءة تدريبها وكفاية اسلحتها وهناك عشرات من الروايات التاريخية عن التفتيش الدقيق الذي كان يشمل الأسلحة والخيول، وتعتبر العروض العسكرية لفرق الجيش أمام الأمراء والسلاطين اعظم عرض للأسلحة المزخرفة· وتشهد كتابات المؤرخ المصري الشهير المقريزي بعناية المماليك بزخرفة عتادهم الحربي من دروع وزرد وسيوف وسروج خيل من خلال رصده لانشطة أسواق السلاح والزرديين وشيوع استخدام التكفيت وهو تزويد المعادن بزخارف من الذهب والفضة وكانت الاسلحة من بين الهدايا والخلع التي يمنحها الحكام لرعاياهم وكان استخدام بعضها يعتبر دلالة على المرتبة العسكرية أو الوظيفية· وتحتفظ العديد من المتاحف العالمية بامثلة من الأسلحة التي استخدمها المسلمون طوال العصور الوسطى وحتى مشارف العصر الحديث وهي تشهد برقي الذوق الفني الذي يصل إلى حد الترف ويقف على النقيض من طبيعة استخدام هذه الأسلحة· وقد فرض طابع التكنيك الحربي الإسلامي الذي تمثل الشهادة ركنه الركين ان تكون اغلب المقتنيات المتحفية من الأسلحة ذات الطابع الهجومي كالسيوف والخناجر والنشاب والرماح والغدارات والمدافع والبنادق· وفي المقابل نجد العتاد الدفاعي نادر الوجود بالقياس لهذه الأسلحة ذلك أن اسلوب الكر والفر والفلسفة الاستشهادية لفن الحرب كانت تدفع المحاربين الى التخفف قدر الامكان من الدروع والخوذات وذلك لضمان مرونة الحركة· وتبرز السيوف المزخرفة في مقدمة الأسلحة الهجومية ، وتزدان انصالها احيانا بزخارف من رسوم نباتية مكفتة، بالذهب على نصلها المصنوع من الصلب وفي البعض الاخر كتابات تشمل ادعية أو شهادة التوحيد وثمة نماذج مختلفة تحمل كتاباتها اسماء الامراء أو السلاطين الذين صنعت السيوف لهم نجد ايضا نفس الزخارف مع استخدام كثيف للفضة في بعض البنادق والأسلحة النارية التي انتجت في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي وبدايات القرن التاسع عشر في تركيا والهند المغولية وإيران· وكانت اغمدة السيوف والخناجر من اكثر اجزاء هذه الاسلحة احتشادا بالزخرفة سواء اتخذت من المعادن أو من الجلد أو من الاحجار الكريمة· وتميزت مقابض السيوف والخناجر التي صيغت في كثير من الاحيان من احجار كريمة ونصف كريمة بنحتها على هيئة رؤوس حيوانات كالخيول بل واتخذ بعضها شكل رؤوس الطيور· ولم تخل الملابس الحديدية الخفيفة التي تحمي صدور المحاربين من زخرفتها بالتخريم بزخارف نباتية واخرى هندسية، كما مست روح الفن الجميل بزخارفها المحفورة والمزركشة بالذهب والفضة خوذات المحاربين، فنقشت بها كتابات وأدعية وزخارف نباتية وهندسية· اما اقنعة المحاربين، فهي نادرة للغاية فلا يوجد منها في المجموعات العالمية سوى ثلاثة نماذج عرض واحد منها في معرض كنوز الاسلام الذي نظمه متحف ''راث'' في مدينة جنيف السويسرية عام ·1985 وتم تشكيل هذا القناع المعدني بالطرق فبدت الحواجب والخدود والأنف والشوارب بارزة· وكان هذا الوجه المعدني في الأصل جزء من خوذة يتصل بها بواسطة مفاصل عند الحاجبين وبواسطة خطاف عند احد الصدغين· وقد زخرف هذا القناع بزخارف التوريق العربية الارابيسك دون أن يغفل صانعه الدواعي العملية في تصميمه خاصة من حيث توفر مواضع اتصاله مع الخوذة أو توفير الفتحات اللازمة فهناك فتحتا الرؤية عند العينين وفتحتا التنفس أسفل الأنف فضلا عن فتحات أمام الفم لضمان خروج صوت المقاتل عند الحاجة· وتفردت الهند المغولية واليمن بإنتاج الأسلحة التي تستخدم كجزء من الملابس وهي عامرة بالزخارف وبالاستخدام الكثيف للذهب والفضة وشتى الأحجار الكريمة التي كانت مفضلة في صناعة المقابض والأغماد بالنسبة للخناجر على وجه الخصوص
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©