الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الغلو في فهم الدين (1)

الغلو في فهم الدين (1)
14 سبتمبر 2008 23:33
الغلو في الدين أمر مذموم، جاء ذلك صريحاً في نصوص الشرع الذي إليه نحتكم ومنه نتعلم ونستلهم، فقد صحَّ في الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وقائع كثيرة ومنها قوله: (هلك المتنطعون) أخرجه مسلم في صحيحة · والتنطع هو الغلو والتعمق والتكلف فيما لا ينبغي، وقال عليه الصلاة والسلام: (يا أيها الناس إياكم والغلو في الدين فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين) حديث صحيح أخرجه النسائي وابن ماجه في سننه وغيرها · والغلو في الدين يكون من طرفين، إما بالتشدد والإفراط فيه ، وإما بمجاوزة الحد تركاً وتفريطاً· أما الطرف الأول : فلا يخفى على أحد من أهل العلم أن أحكام الشرع لها درجات خمس: الفرض والسنة والمباح والمكروه والحرام· وهذه الأحكام التكليفية مأخوذة كلها من نصوص الشريعة: القرآن والسنة · فالأمر قد يكون فرضاً وقد يكون سنة وقد يكون إرشاداً وتوجيهاً وقد يكون غير ذلك· ومن التشدد والغلو أن نجعل المكروه حراماً أو السنة فرضاً، وإذا كانت المسألة مختلفاً فيها بين العلماء ولكل فريق دليله وحجته ، فمن الغلو أن نحمل الناس على رأي واحد ولا نرى غيره شيئاً بل نعده باطلاً ونتهم من يتمسك به، بالزيغ والضلال ، وهذا هو الغلو المذموم · فمسائل الفقه اجتهادية، اختلف فيها علماء الإسلام وكلهم يستند إلى حجة شرعية وبعضها قوي مقنع، وبعضها ضعيف ولكن مكانتهم جميعاً في الدين عظيمة وفي الفهم عالية · وقد قرر علماء الإسلام الأوائل ومن تبعهم أن التعصب للرأي مذموم والخطأ لا يسلم منه أحد ، ولهذا فإنكار المسائل التي اختلف فيها أهل العلم وحمل الناس على رأي واحد يعد خطأ وغلوا· قال سفيان الثوري المتوفي 160هـ : ( إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه، وأنت ترى غيره فلا تنهه ) · ومن الغلو في الدين أن يقرأ الطالب الآية أوالحديث وفيها أمر أو نهي فلا يدرك دلالته، هل هو من الفرض أو السنة أو الإباحة أوالمكروه أوالحرام ، فيأخذ رأيا ويفرضه على الناس، وهذا من قلة الفقه والعلم بل هو من التعصب · ومن هذا الغلو الأخذ بغرائب المسائل، وشواذ الآراء الفقهية قصد الإغراب على الناس والتشديد عليهم، أوالتحلل من الشريعة، فقد قال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه : حدثوا الناس بما يعرفون، أتحبون أن يكذب الله ورسوله) أخرجه البخاري في صحيحة · وقال الإمام مالك: (عندي أحاديث لو ضرب رأسي بالسياط ما أخرجتها) وقد قال ذلك لتخوفه من أن بعض الناس قد لا يضعها في موضعها الصحيح أو يفهمها على غير وجهها· وقد وجدنا كثيراً من المسائل التي يتشدد فيها بعض الناس ويغلو فيها؛هي من المسائل التي تعددت آراء العلماء فيها ولكل واحد دليله· وهذا من سعة الشريعة الإسلامية ويسرها ورحمتها· والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ) · ؟ المدير العام للهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©