الثلاثاء 7 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

السعد 1

السعد 1
14 سبتمبر 2008 23:34
سعدت برؤية السعد، وإذا هو الصافن الذي ما رأيت مثله من قبل ومن بعد، أكرم به من سلهب سابح، هو لمالكه سعد السعود· وللأعداء سعد الذابح، بل هو لمالكه سعد الملك وسعد البارع وسعد الهمام، وهو أيضاً سعد مطر بالنظر إلى نواله الذي أخجل بواكفه الغمام، بل هو السعد للمؤالف، النحس إن شاء الله تعالى على المخالف، سعد غير مشوم، لا تجاريةه الفرس المسماة (ذو الوشوم) ما هو إلا جواد سابق في الحلبة، متقدم على سائر الجياد في الكبة، خوار العنان، ثابت الجنان، يقول لمطارده من الخيل: عناناك إرسال عنانك، وتنادي الراكب عليه في الوغي: علي الطعن وعليك توجيه سنانك، يرقم في صحيفة الميدان أسطره، حاضر لا يذهل لأنه قد حلب الدهر في الحلبة أشطره، ما هو إلا جبل يرتقى فوقه إلى النجوم، ولا أقول هو إلى وصول الغرض قنطرة، عال يزاحم بمنكبه السماء، كأنما أراده ابن نوح لما (قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء)، طويل العنق أتلع، مرتفع ارتفاع الفلك، فما راكبه إلا بدر عليه يطلع، انتصب عنقه وعرفه، ووصلت قوائمه إلى منتهى الميدان قبل أن يصل طرفه، فيه إرهاب وبأس شديد، ما اسودَّ حافره إلا لأنه مخلوق من الحديد، طير وإن كان شخصه الخيل، أصيل وإن بقي في قوائمه بقية من الليل، ما هو إلا بحر من الذهب لا يمتطى له ثبج، أو حبل خرط من العقيق وقذاله وذنبه وعزائمه خرطت من السبج· أبدى لونه من النضارة ما أدى، وصدقت حمرته حتى كأنه لكثرة معاودته معارك القتال صبغ بدم الأعدا، يتقلب عجزه كالموج، ويكاد يرد عنقه إلى كفله هبوب الفوج، غبارة مسك فتيق، وملبس حسنه جديد وهو عيق يلمع لبرق من نحره، كأنه المقصود بقول الصفدي في شعره: حاز من الأفق سنا برقه وجاز شأو الريح في سبقه عليه من حدته والضنا شواهد ذلت على عتقه منظره يذهب بالهم، في غرته بياض لطيف كأنه درهم، أو كأنه نجم السهى في شفق طلع، أو كأنه فص من الماس ثبت في خاتم من العقيق فما انقلع، كأنما قبله النهار بين عينيه فابيض محل قبلته، وكأنما أراد أن يطلع من رأسه لما رأى الليل وقد طلع من سبلته، جواد طهطاه، أعطاه الله سبحانه من شريف الخلقة ما أعطاه، مطاوع ليست أخلاقه بالعاصيه، محلول الشكال إذا عقد الخير منه بالناصية، ما فيه من عيب سوى أنه ترك النسيم خلفه ضالعه حسرى وما فيه من نقص سوى أنه أفزع بصهيله كل سامع له حتى أطار عن بروج الفلك نسرا، يصرفه اللجام، ولا تلحقه الفرس المسماة (اللجام) يتصدع منه الجبل، وتنسى عنده من الخيول سبل، إذا عكس الأعداء في طرده فهو الواحد الفرد، وعند ذلك يعرف صاحب أصول الفقه حقيقة (العكس) و(الطرد) مفرق للصفوف، مشتت للألوف، ما احترس عنه صيد ولا احتمى، ولو اتخذ له (نفقاً في الأرض أو سلماً في السما) فما للظباء عنه من خلاص، يقال عند كره عليها (ولات حين مناص) ولذا قال راكبه: ما دمت فوقه لم يفتني هارب، وإذا كنت وأنا عليه أقصى المشارق وافيت في لحظة إلى أقصى المغارب، فالمشرق عندي كأنه المغرب، ولقد صدق عليّ وعليه قول الشاعر المغرب: وأرى الوحش في يميني إذا ما كان يوماً عنانه بشمالي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©