الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشاي يلازم العراقيين من الفطور إلى السحور

الشاي يلازم العراقيين من الفطور إلى السحور
14 سبتمبر 2008 23:37
ارتبط الشاي بالموروث العراقي؛ فغدا جزءا من حياة الأسر العراقية وطقسا استثنائيا من طقوسها، لاسيما في الليل· وفي شهر رمضان المبارك يكثف العراقيون من شرب الشاي في الفترة ما بين الفطور والسحور للتعويض عن ساعات الصيام· يمكن وصف علاقة العائلة العراقية بالشاي بأنها ''علاقة فريدة''، فقد دخل الشاي في مفاصل حياتها، فهو كالخبز لا يخلو منه بيت· وتغلغل في نسيجها الثقافي فللشاي قصص، وقصائد، ولوحات فنية، وأغنيات منها ''خدري الجاي (الشاي) خدريه عيوني المن أخدره''· وهناك لوحة للرسام نزار سليم عنوانها شرب الشاي· ويرد الشاي في قصيدة لنزار قباني في رثاء زوجته العراقية بلقيس، إذ يسائلها: ''أين شايك العراقي المهيّل''· ولشدة ولع العراقيين بالشاي تفننوا في إعداد خلطته، وطريقة شربه، فالبعض يتناوله بالاستكان، والبعض الآخر بالصحن بعد تطعيمه بالهيل، وهناك من يخلط السكر معه، وغيره يشربه ''دوش'' أو ''دشمله'' حين يتناول السكر منفصلا· والسكر أنواع فمنه الخشن والناعم والقطعة الهرمية الشكل التي تسمى ''كله''، وتستخدم بعد تكسيرها إلى فصوص صغيرة ، أو تلك التي على شكل مكعبات وتسمى ''قند''· ويقول الباحث الأكاديمي أحمد الناجي إن العراقيين عرفوا الشاي بعد الاحتلال البريطاني عام ،1914 وقد انفرد في بيعه عطار في محلة الحيدرخانه المطلة على شارع الرشيد، وشيئا فشيئا اتسع نطاق تجارته وانتقل إلى بقية المدن العراقية· ويبين أن الشاي يعد في ''قوري'' الشاي (إبريق) المصنوع من المعدن أو الخزف، ويسكب في كأس يسمى ''الاستكان''· وأصل الكلمة انجليزية وهي مكونة من ثلاث مقاطع East -tea - can أي كوب الشاي الشرقي، وهذه الكلمة متداولة في الروسية والألمانية ولغات أخرى· ويقول مؤرخون إن أول من عرف الشاي هم الصينيون قبل آلاف السنين ، ثم اكتشفت نبتته في إقليم آسام الهندي عام ،1832 من قبل روبرت بروس وهو ضابط بريطاني كان يعمل في شركة الهند الشرقية· ويشيرون إلى أن الشاي ينمو في العديد من الدول منها سيلان، والهند، وكينيا، وإيران وشمال العراق، ويعتبر شاي سيلان من الأنواع الجيدة، وزراعته تحتاج إلى أرض جبلية رطبة· ويقول علاء حسين إن العراق أصبح من البلدان الأولى في استهلاك الشاي على الرغم من حداثة دخوله إليه أيام الاحتلال البريطاني، مشيرا إلى أن إبريق الشاي يبقى على نار هادئة في رمضان من الفطور إلى السحور· ويشير إلى أن المقاهي حين كانت تستخدم القهوة سميت ''كهاوي'' وحين انتشر الشاي وحل محل القهوة أصبحت تسمى ''جاي خانه''، وبذلك غدا الشاي الشراب ''المفضل'' لدى العراقيين· ويروي الحاج عبد الوهاب الجاسم رواية طريفة عن الشاي سمعها، قائلا:'' في عشرينيات القرن الماضي زار وفد من أهالي الريف أحد الأعيان، فقدم لهم الشاي ولم يكونوا يعرفونه، وبعد أن وضعت أمامهم استكانات الشاي ظلوا صامتين لا يعرفون كيف يشربونه، وبعد فترة برد الشاي فطلب المضيف تغييره، وعندما لاحظ أن ضيوفه مستمرون في صمتهم بادر إلى تحريك الملعقة الصغيرة داخل الاستكان، وأخذ يشرب منه، فقلده الضيوف، وعند خروجهم سألوه عن المشروب، فقال لهم إنه الشاي''· وواكب حسان الوادي، تاجر شاي بالجملة منذ منتصف القرن الماضي، مراحل زراعة الشاي في بلدان عديدة منها الهند وروسيا وإيران، مبينا أن الشاي الجيد هو الذي يعطي اللون والنكهة في نفس الوقت· وينصح الوادي بالنظر إلى الأوراق إذ ينبغي أن توجد بينها خيوط بيض يقول إنها التي تعطي النكهة وهي خلاصة النبتة ''الوردة''· وحول تناول الشاي يقول: ''لشرب الشاي طرق عدة منها طريقة تسمى ''الدشلمة'' وهي أن يتم تناول قطعة من السكر منفصلة عن الشاي، وهي طريقة تشيع في إيران ومورست في العراق إلى وقت قريب· وللدشلمة أدوات خاصة تتكون من أوعية، وفأس صغير تسمى ''الدكاكه'' لتكسير ''كلة القند'' (السكر)، مشيرا إلى أنها كانت ترسل كهدية في الأعراس· ويضيف الوادي أن العراقيين يتلذذون بشرب الشاي بواسطة الاستكان فقط ولا يميلون إلى شربه بالكؤوس· ومع الشاي نشأت طرائف فمثلا إذا وضع شخص في استكانته ملعقتين يقولون إنه سيتزوج أخرى إن كان متزوجا، أو أنه سيتزوج اثنتين إذا كان عازبا· ويؤكد الحاج حسين الراجي أنه لا يستطيع الاستغناء عن شرب الشاي فما أن يؤذن الفجر حتى يهرع لإعداد الشاي مع الهيل، والتلذذ برائحته· وفي رمضان يعمد الراجي إلى ''الإفراط'' في شربه من الفطور إلى السحور لتعويض ساعات الصيام التي يحرم خلالها منه·
المصدر: بغداد
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©