الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متى تقلص أميركا ميزانية البنتاجون؟

26 يونيو 2010 21:46
في ظل التركيز المنصب حالياً على تقليص عجز الميزانية، يُطرح السؤال: هل تعد الـ700 مليار دولار -ويزيد- المخصصة للإنفاق العسكري سنوياً، موضوعاً ممنوع الخوض فيه؟ إن جل وسائل الإعلام قلما تتطرق لإمكانية خفض أكبر ميزانيةٍ خاضعة للسلطة التقديرية في البلاد، كما أن معظم السياسيين يرفضون حتى مجرد بحث هذا الموضوع. ولهذا تعد التوصية الواردة في التقرير الذي صدر في الحادي عشر من يونيو الجاري عن لجنة "الدفاع المستديم"، وهي لجنة يشارك في عضويتها سياسيون من الحزبين الرئيسين، تعد تلك التوصية التي أوصت بخفض يفوق تريليون دولار في ميزانية البنتاجون على مدى السنوات العشر المقبلة، مؤشراً على أن بعض العقلانية ربما تكون وبدأ يطغى داخل واشنطن. اللجنة التي دعا إلى تشكيلها "بارني غرانك"، النائب الديمقراطي عن ولاية ماساتشوسيتس، الذي أثار هذا الموضوع في مقال رأي بدورية "ذا نيشن" في أوائل 2009، إلى جانب السيناتور الديمقراطي "رون وايدن" (ولاية أوريجون)، والنائبين الجمهوريين "رون بول" (تكساس)، و"والتر جونس" (كارولاينا الشمالية)، لا تلقي الضوء فقط على كيفية إيجاد الموارد اللازمة، وإنما أيضاً تقترح إطاراً جديداً للأمن القومي في القرن الحادي والعشرين. ومن بين العناصر التي ستشملها جهود التوفير على مدى السنوات العشر نحو 113 مليار دولار من خلال تقليص الترسانة النووية الأميركية، و200 مليار دولار عبر تقليص الوجود العسكري الأميركي في الخارج ومجموع الموظفين العسكريين من أصحاب البزات، و138 مليار دولار عبر استبدال أنظمة التسلح المكلفة وغير العملية ببدائل أفضل، و100 مليار دولار عبر تقليص التمويل غير الضروري للقيادة والدعم والبنى التحتية. بيد أن "توفيراً هاماً"، كما يجادل التقرير، يعتمد ربما على إعادة النظر في "التزامات وأهداف أمننا القومي لضمان تركيزها بشكل واضح على ما يهمنا أكثر من أي شيء آخر". ثم ينتقل التقرير إلى وصف "استراتيجية لضبط النفس، استراتيجية تستند إلى الرد على الخطر بدلا من البحث عنه... فنحن لسنا بحاجة إلى المكوث في البلاد الأجنبية في أحيان كثيرة. و"ينبغي أن يتم تحديد حجم ميزانيتنا العسكرية على نحو يضمن حمايتنا والدفاع عنا. ولهذا الغرض، فنحن لسنا مضطرين لإنفاق 700 مليار دولار سنوياً أو أي رقم قريب من ذلك؛ لأننا نستطيع توفير الأمن لأنفسنا بكلفة أقل من ذلك بكثير، شريطة أن نستثمر ثروتنا الجيوسياسية. ثم إن عدونا الرئيسي، وهو تنظيم "القاعدة"، لا يمتلك جيشاً، ولا قوات جوية، ولا قوات بحرية... لذلك فملاحقة الإرهابيين المناوئين لأميركا هو بالأساس عمل استخباراتي وأمني". والأكيد أن إعادة توجيه السياسة الأمنية لن يتأتى بسهولة في ضوء ما يسميه مراسل "ذا نيشن"، آري برمان، "الطبقة الاستراتيجية"، وهي تضم مستشاري السياسة الخارجية الديمقراطيين المتشددين، والمحافظين الجدد، وخبراء مراكز البحوث، والمراقبين الذين تكتظ بهم واشنطن والذين يقاومون السياسات والحجج البديلة. كما تعد الجماعات الضاغطة التي تدافع عن مصالح الشركات المتعاقدة في المجال العسكري، والتي قد تفقد صفقات بمئات المليارات من الدولارات، خصماً شرساً يقاوم التغيير كذلك. وعلاوة على ذلك، فإن وسائل الإعلام التقليدية التي لا تفسح المجال أمام أفكار أمنية جديدة لمنظمات في اليسار واليمين والوسط، داخل واشنطن وخارجها، تتحدى الوضع القائم. وهنا يجدر التذكير بأن قلة قليلة من وسائل الإعلام هي التي غطت تقرير اللجنة. زد على ذلك الحجة التي كثيرا ما تتردد، وهي حجة قوية بشكل خاص في اقتصاد يعرف معدلات بطالة من رقمين، والتي تقول بأن تقليص الإنفاق على الدفاع يقتل الوظائف. غير أن الإنفاق على المجال العسكري يعد واحداً من أسوء الطرق لخلق الوظائف (بالنسبة لكل دولار ينفق)، وتقليص ميزانية البنتاجون التي ما فتئت تنتفخ وتتضخم أمر منطقي أكثر من خفض الاستثمار في الوظائف والطاقة النظيفة والنقل ودعم الحكومات على صعيد الولايات والصعيد المحلي، وكلها أمور نحن بأمس الحاجة إليها، وهي تنشط الاقتصاد أكثر، وتساهم في انتعاشنا القومي بشكل أكبر. والحق أن وزير الدفاع جيتس حاول ويحاول إلغاء بعض برامج التسلح، غير أن ما قام به حتى الآن لا يعدو كونه مجرد نقل للمال من برنامج تسلح إلى آخر. والحال أن خفض الإنفاق على المجال العسكري بشكل هام يقتضي أكثر من مجرد التخلص من برامج تسلح غير ضرورية. فهو يتطلب إعادة تفكير في دورنا في العالم، مثلما يشير إلى ذلك تقرير اللجنة: هل تعد أميركا شرطي العالم أم جمهورية تمتع بحس المسؤولية؟ كشرطي للعالم، أنفقنا أكثر من تريليون دولار على الحربين في أفغانستان والعراق لوحديهما. ومن هنا يطرح السؤال: ألم يحن الأوان بعد لنفتح نقاشاً صادقاً وصريحاً حول هذه المسألة؟ كاترينا فاندن هوفل رئيسة تحرير دورية «ذا نيشن» وعضو مجلس إدارة منظمة «حملة مستقبل أميركا» التقدمية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©