الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاتحاد الأوروبي.. «مستوى ثانٍ» للعضوية

16 أغسطس 2016 21:58
إن المشروع الأوروبي بلا أمل. والحديث عن وجود اتحاد أوثق مما كان تم إسكاته بقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. والحل طويل الأجل يكمن في الاعتراف بأنه في حين أن بعض الدول الأوروبية لا تريد شيئاً أكثر طموحاً من منطقة تجارة حرة، فإن دولاً أخرى يجب أن تحرز تقدماً على طريق بناء مشروع متكامل للولايات المتحدة الأوروبية. ويجب أن يحتفظ هذا الائتلاف من الدول القادرة والراغبة – والمؤهل الأول أكثر أهمية من المؤهل الثاني - بعملة «اليورو» مع التحرر من الأعضاء الأضعف في العملة. وكل ما يلزم لكي تحقق العملة الموحدة نجاحاً يمكن بناؤه فيما بعد، بما في ذلك إنشاء اتحاد مصرفي كامل، وإصدار سندات مشتركة، ووجود خزانة مركزية مع وزير مالية مخول وسياسات مالية منسقة بشكل صحيح. إن خلق مستويين لأوروبا من شأنه أن يوفر وسيلة محتملة للخروج من التهديد الذي شكله التصويت بخروج المملكة المتحدة، لأنه، كما كانت نتيجة الاستفتاء ضارة لبريطانيا، فإنها أيضاً تشكل مخاطر سياسية لبقية أعضاء الكتلة. وزير المالية الفنلندي «بيتيري أوربو» قال إن أكبر خطر بعد خروج بريطانيا، إن هذه الأخيرة والاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة لا يمكنهما الاتفاق، وهذه الحالة من عدم اليقين تسبب ضرراً لمنطقة اليورو وللنمو. ومن المرجح أن تكشف مفاوضات الطلاق عن انقسامات عميقة في اختلاف رؤى مختلف الدول في الاتحاد الأوروبي (وناخبيها) للاتحاد. وإيجاد مستوى ثانٍ من العضوية، يمكن لبريطانيا ودول أخرى الاشتراك فيه، مختلف عن حلم التوحيد الأصلي، سيكون بمثابة اعتراف بأن حجماً واحداً لا يناسب جميع الدول الأوروبية، سواء من الناحية السياسية أو من الناحية الاقتصادية. ويمكن للمجموعة الخارجية الاحتفاظ بإمكانية الوصول إلى السوق الموحدة، لكنها لن تمثل عبئاً على الجوهر الأقوى اقتصادياً. ولا يمكن للجوهر الاعتماد بعد الآن على خفض قيمة العملة الفعلي للتصدير بثمن بخس إلى الخارج. وتقرير من الذي سيبقى ومن الذي سيرحل لن يكون بالأمر السهل. فقواعد «ماستريخت»، المصممة لضمان أن الدول فقط التي تكون فيها الديون والعجز تحت السيطرة يمكنها اعتماد «اليورو»، كانت دائماً بناء سياسي محكوم عليه بالفشل من خلال الغش. ولكن من الأفضل المخاطرة بمعركة سياسية الآن - باستخدام خروج بريطانيا كعذر مناسب للحساب - من السماح بضغوط داخلية لتفجير الجزء الخاص باليورو. ويعتقد الخبير الاقتصادي الحائز جائزة نوبل «جوزيف ستيجليتز»، أن الوضع الحالي غير قادر على البقاء، لكن الحل الذي يقدمه هو السماح للدول الفردية بأن يكون لديها نسخة خاصة بها من اليورو. والفكرة تبدو في أحسن الأحوال تجميلية، وفي أسوأها غير قابلة للتطبيق. وفي مقطع من كتابه الجديد الذي نشرته مجلة «فانيتي فير» هذا الأسبوع، يستعرض «ستيجليتز» الحجج لوجود منطقة عملة تشارك فيها الدول التي تتبع استراتيجيات مالية فردية، والتي تختلف اقتصاداتها في نواحٍ عديدة. ويقول الخبير الاقتصادي إن النظام القائم «يخلق داخل أوروبا النوع نفسه من الصلابة التي فرضها معيار الذهب على العالم». وهو محق، فالسماح لليونان بأن تستمر في ارتداء سترة قيود عضوية منطقة اليورو، على سبيل المثال، يبدو قاسياً تماماً عندما تزيل مرونة العملة التي من شأنها أن تساعدها على معالجة معدل البطالة الذي ظل أكثر من 20 في المئة لمدة عشر سنوات. ومنطقة «اليورو» تفتقر، على سبيل المثال، لوجود مؤسسة يمكن أن تقدم تمويلاً على نطاق واسع لمشروعات مصممة خصيصاً لعضو مريض اقتصادياً. أما الجهود الموجودة فعليا فهي على نطاق صغير: في حين أن البنك المركزي الأوروبي يضع سياسة نقدية لكل الأعضاء، فإن موازنة الاتحاد الأوروبي تمثل 1 في المئة فقط من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، مقارنة بالإنفاق الفيدرالي للولايات المتحدة الذي يمثل 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. ولكن من الصعب معرفة كيف يمكن حل هذا من خلال السماح لليونان بأن يكون لديها «اليورو المرن» الخاص بها الذي يمكن أن «يتقلب»، ولكن ضمن الحدود التي تؤثر عليها سياسات منطقة «اليورو» نفسها. وأي صندوق تحوط جدير بهذا الاسم سيهاجم العملة الجديدة، ويصطاد البلدان الضعيفة واحدة تلو الأخرى. ويبدو النظام الذي اقترحه «ستيجليتز» بشكل ملحوظ مثل آلية سعر الصرف الأوروبية التي ربطت قيم العملات معاً في شبكة في السنوات التي سبقت تقديم عملة اليورو. وفي الحقيقة، فإن آلية سعر الصرف الأوروبية لم تعمل إطلاقاً بشكل جيد، والإغراء بخفض القيمة بشكل منتظم أثبت أنه مغرٍ جداً لدول مثل إيطاليا، والموجات الناتجة عن هجمات المضاربة في سوق الصرف الأجنبي كانت مضرة من الناحية السياسية والاقتصادية. *كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©