الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

استرضاء الأطفال بمكافآت مادية عوضاً عن العاطفة يضر بالنمو الاجتماعي الاجتماعي والنفسي

استرضاء الأطفال بمكافآت مادية عوضاً عن العاطفة يضر بالنمو الاجتماعي الاجتماعي والنفسي
29 نوفمبر 2009 01:01
على نحو مماثل تكشف بي. جيتس أن الأطفال غالباً ما يلتمسون الأشياء المادية كتعويض عاطفي ويسقطون ضحية للاستراتيجيات المشتركة التي تغريهم ليكونوا مستهلكين أوفياء في سن مبكرة. وتجمع بي. جيتس عديد من الأبحاث والمقابلات، لتبين أن الطفولة السليمة تعني أحياناً طفولة أكثر بساطة، وتعني بشكل أو بآخر تقدير قيمة التواصل الجيد والتفاعل مع الأقران والعائلة. وتركز الانتباه على استراتيجيات لمعاكسة المادية وتعزيز شخصيات أقوى في نفوس أطفالنا وهم يبحرون في عالم معقد، وتناقش أيضاً طرقاً نستطيع من خلالها أن نساعدهم في بناء إدراك النفس وتشجيعهم على اكتساب مهارات ستساعدهم في أن يكونوا راشدين ويتمتعون بالاستقامة وقوة الشخصية. تقول جيتس في بداية الكتاب “من وجهة نظري” لا يولد الماديون كما هم، ولكن تتم تنشئتهم ليصبحوا كذلك، نحن لا نأتي إلى هذا العالم مع جين يجبرنا على الذهاب إلى المجمع التجاري، على العكس يتعلم الناس من خلال وسائل مختلفة أن يقدّروا أسلوب الحياة المادي”. تعريف المادية وتلفت إلى أن تعريف المادية يكون تبعاً لثلاثة مواقف يتخذها الإنسان نحو المقتنيات والثروة، وهي: 1 - إن الاكتساب والاستهلاك يجب أن يكون هدفاً رئيسياً للحياة. 2 - إن المقتنيات تجلب السعادة. 3 - إن النجاح يعتمد على حجم ونوع ممتلكات المرء. وقبل أن تعرج إلى الحديث عن المادية في العصر الإلكتروني الحالي أوضحت أن علماء الاجتماع أقروا بأن فكرة المادية ليست نتاجات للزمن الحديث، مستشهدة بأن سوق روما القديمة عرف المادية المتعية للطبقات العليا آنذاك، كما كان للبومبيين Pompeiians القدماء نسختهم الخاصة من مراكز التسوق، مع قدر ما يوجد من المحلات وورشات العمل في الجادة الخامسة Fifth Avenae، شهدت النهضة الأوروبية الإيطالية صعود طبقة التجار جنباً إلى جنب مع الاعتقاد الحديث الآن بأن جميع المواطنين يجب أن يكون لديهم الحق في القدرة الصعودية للتنقل وفرصة الشراء من أجل حياة مرفهة، ولذلك أكدت جيتس أن المادية كانت ولازالت دوماً جزءاً من الحضارات. وفيما يتعلق بالمادية والعصر الإلكتروني، بيّنت الاستطلاعات التي أجريت في الولايات المتحدة على مدى العشرين سنة الماضية، بأن الأميركيين يعتقدون وباطراد أن الحصول على المزيد هو الأفضل. وادعت الغالبية العظمى في هذه الاستطلاعات بأن دخلاً سنوياً مقداره 90.000 دولار سيكون مطلوباً لحياة مريحة، أما العائلات التي تكسب من 75.000 إلى 100.000 دولار سنوياً فتقول إنها لا تستطيع شراء “كل ما تحتاج إليه”. هنا تستطرد جيتس قائلة: “البشر كائنات اجتماعية ونحن لا نقارن أنفسنا بجيراننا فحسب، بل بأساليب الحياة الحقيقية والخيالية على حد سواء، والتي تنهمر علينا من أجهزة التلفاز والمجلات ودور السينما وحتى حجرات الاغتسال في الحمامات. وتنتقل جيتس إلى الحديث عن ما يعرف بـ”الحضارة الفورية”، مفسرة ذلك المصطلح بأنه يعني المجتمعات التي تتيح فيها التكنولوجيات الجديدة للناس أن يفوا باحتياجات العمل والاجتماع ووقت الفراغ بسرعة جداً، كما يشير المصطلح أيضاً إلى موقف ينتقص فيه من قيمة القديم والبطيء، بينما يبجل فيه الحديث والسريع. وتلفت جيتس إلى أن تلك الارتقاءات السريعة في التكنولوجيا جعلت حياة كل جيل تختلف من حيث النوعية عن حياة الأجيال التي سبقته. الإعلام والإعلان واستشهدت بالأبحاث المتعلقة بالتلفاز التي وفرت بعض الإرشاد فيما يختص بالكيفية المحتملة لتأثر الأطفال، على سبيل المثال، نحن نعلم أن الإعلان التلفزيوني يشـجع الصغار على الرغبة في منتجات يرونها على الشاشة، فالصغار الذين يشاهدون مثلاً إعلانات تشجع طعام الحبوب المحلاة، هم أكثر احتمالاً لأن يطلبوا المنتج من أهاليهم مرات متعددة. وقد تطور أمر هذا الإعلان إلى صفحات الإنترنت وألعاب الفيديو التي صار الأطفال يجلسون أمامها بالساعات، وهو ما يجعل لها تأثيراً قوياً على الأطفال ومشترياتهم ونوعية حياتهم. ولذلك تلفت الكاتبة إلى أن مواقع شبكة الإنترنت الموجهة للأطفال هي مدعاة للاحتفال والقلق على حد سواء، لأن عديد من المواقع تقدم مادة تعليمية مفيدة يمكن أن تكون مكملة لتعليم الأطفال، ويشجع البعض منها الإيثار وخدمة المجتمع، ومع ذلك كثيراً ما تكون هذه المواقع مدعومة من قبل الإعلان، والعديد منها يشتمل على تسوق مرتبط بشبكة الكمبيوتر، فضلاً عن ارتباطه بشكل أو بآخر بمفاهيم أو اتجاهات قد تكون غير مقبولة من قبل الأهل. وبالنظر إلى هذه الشواهد يجدر بالأهالي أن يكونوا قلقين وفاعلين ولذلك تحدد المؤلفة بعض الطرق التي تساعد الأهالي على اليقظة والحذر من تأثير الإعلام والإعلان ومنها: 1 - كونوا مدركين لما يشاهده أطفالكم ولما يلعبون به، تظهر الأبحاث أن أشهر ألعاب الفيديو العنيفة غير مألوفة لمعظم الأهالي، ومع ذلك فإن هذه الألعاب هي مألوفة إلى حد كبير للأطفال، إما عن طريق السماع أو لأنهم يلعبون بها في البيت أو عند زيارة الأصداء. 2 - استكشفوا مع الصغار طرقاً ملائمة لتدبر الإحباط والغضب. 3 - تحدثوا مع أطفالكم عن الطرق التخطيطية الإعلانية التي تحاول الشركات من خلالها إثارة رغبة المستهلك. 4- ساعدوا أطفالكم على التفريق بين الحقيقي والخيالي. عدوى المادية وفي موضع آخر من الكتاب، تتناول المؤلفة ما يعرف بـ”عدوى المادية” وتسعى إلى تفسير موضوعين اثنين مرتبطين بتلك “العدوى”، وهي: أولاً: جذور الرغبة المادية، فتقول إنه مثل العديد من القيم الحياتية تنشأ المادية من تأثيرات عائلية وثقافية على حد سواء، تشمل الثقافة بالطبع مواضيع كثيرة بما فيها عرق الفرد وجنسه، والحوار والمدرسة والإعلام وغيرها، ومن بين أشياء عديدة تحدد ثقافة المرء وقيمه وأولوياته تركز الكاتبة على إسهام العائلة والانتماء العرقي في تكوين المواقف المادية للأطفال. ثانياً: الكيفية التي يؤثر بها الاتجاه المادي في ُحسن الحال العاطفي للأفراد والمجتمعات على حد سواء، انطلاقاً من أن العديد من الناس يؤمنون إلى حد ما بأن وسائل الراحة والمادية والرضا متلازمان، وهو ما يظهر بوضوح في المجتمعات الاستهلاكية التي يغلب على أفرادها الحب الأعمى للثروة والشهرة، وهو ما ينسحب على عديد من الصغار من حيث الإعجاب الأعمى بمحاكاة ملابس وأساليب حياة مشاهيرهم المفضلين. لافتة إلى أن هذا السلوك ينشأ لدى البعض، من الاعتقاد بأن الملابس الباهظة الثمن والتجهيزات ستولد احتراماً إيجابياً للنفس. قوة المحاكاة وبالحديث عن المشاهير ورغبة الأطفال في محاكاتهم وتقليدهم، تتعرض جيتس إلى مفهوم وقوة المحاكاة وتؤكد على أن هناك علاقة وثيقة بين وسائل الإعلام المختلفة وقوة المحاكاة، لأن الإعلان يوّلد التوسل لدى الأطفال للحصول على ما يريدونه، والتوسل يحقق نتائج كبيرة، وهذا ما لاحظه الباحثون الذين يعملون بشكل سري في المحلات ومتاجر الألعاب، أن الأهل يستسلمون في معظم الأحيان لطلبات أطفالهم الخاصة بالسلع المادية. وللتغلب على قوة المحاكاة تلك والجنوح إلى المادية ترى بي- جيتس أن ذلك يتطلب الفكاك من تأثير وسائل الإعلام المختلفة، وهذا يتأتى بزيادة ثقافة الأطفال الخاصة بوسائل الإعلام من أجل تنشئة أطفال مهيئين لدخول مرحلة الرشد كمستهلكين كفوئين، وتشمل الثقافة الإعلامية المرغوبة، العناصر الأساسية التالية: 1 - فهم السبب وراء إنتاج برامج أو أفلام معينة والكيفية التي انتجت بها. 2 - فهم ردود الفعل العاطفية للمرء تجاه البرامج. 3 - تقدير البرامج من منظور جمالي “فني”. 4 - فهم الأخلاقيات المحتواة في برامج وسائل الإعلام. المقارنة و الوحدة ثم تعرج المؤلفة إلى استعراض كلاً من قوة المقارنة وقوة الوحدة، وتأثيرهـم في زيادة مادية الأطفال، وتقصد بالمقارنة هنا حرص الأطفال على اقتناء أشياء مثل التي بحوزة أصدقائهم نتيجة المقارنة المستمرة فيما بينهم. أما قوة الوحدة فيعني بها اشتداد مادية الأطفال عندما يحاولون كسب الصداقات والانتماء والإعجاب من خلال الاستهلاكية، حيث يتجه الأطفال الأكثر عرضة للتأثر بقوة الوحدة إلى السلع المادية كبديل للعلاقات. والتغلب على قوة المقارنة يستلزم- حسبما تقول جيتس- تعزيز قدرة الأطفال على التعبير عن أنفسهم بتقدير وإعجاب، والقيام بخيارات مستقلة، وكذلك وجود النمط الوالدي الدافئ والمشجع والذي يحفز الأطفال على التفكير المستقل، فضلاً عن أن توافر شبكة موسعة من الأقارب أو الأصدقاء والجيران يساعد الأطفال على أن يأخذوا بعين الاعتبار آراء أخرى عدا عن آراء أقرانهم. وبالنسبة إلى التغلب على قوة الوحدة، فيحتاج أن يأخذ الأهل الأفكار المفيدة التالية في اعتبارهم. 1 - يمكن للأهل أن يلفتوا نظر الطفل إلى وجود تغييرات لمكانة الطفل بين أصدقائه بعيداً عن التفسيرات الاكتئابية وعندما يعيد الأطفال صيانة الأسلوب الذي ينظرون به إلى العالم، فهم يكسبون مزيداً من السيطرة على حياتهم الاجتماعية. 2 - يحتاج الأطفال إلى أن يفهموا بوضوح العلاقة بين تصرفاتهم وكيفية استجابة الناس لهم. 3 - بإمكان الأهل أن ينظروا في تجربة مجموعة المهارات الاجتماعية، بما يتيح للأطفال أن يمارسوا مهاراتهم ويكسبوا ثقة اجتماعية، لأن الأطفال المنعزلين لا يحظون بفرص كثيرة لممارسة وتطوير مهاراتهم الاجتماعية، وبدون هذه الفرص فإن الأطفال المنفردين بأنفسهم معرضون لخطر من النضج والحرج الاجتماعي، وبالتالي يلجأون إلى المادية كمفر سهل ويسير يعبرون من خلاله عن ذواتهم ومن خلال الإبحار في الأفكار العديدة التي تمخضت عن دراسات وأبحاث مختلفة وردت في كتاب دونا بي- جيتس، تخلص إلى وجود طرائق وأساليب عديدة يمكن من خلالها السيطرة على النزعة المادية لدى الأطفال وتخليصهم من الخضوع للتأثيرات المختلفة التي تجعلهم كائنات عادية لا تستشعر وجودها إلا من خلال اقتناء السلع المختلفة التي تضج بها المتاجر
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©