الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رئاسيات روسيا: بوتين أم ميدفيديف؟

22 ابريل 2011 22:53
في الوقت الذي تحتد فيه الاختلافات السياسية بين رئيس الوزراء بوتين والرئيس ميدفيدف وتتسع فيه الهوة بين الرجلين أمام الرأي العام، بحديث كل منهما عن احتمال ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة خلال السنة المقبلة، يجد العديد من الروس أنفسهم بصدد فكرة كانت تبدو قبل أسابيع قليلة فقط ضرباً من الخيال، وهي ماذا لو تواجه الرجلان في انتخابات مفتوحة وشفافة لتحديد رئيس البلاد القادم؟ والحقيقة أن بوتين نفسه هو من لمح إلى الفكرة التي انتشرت في الفضاء الافتراضي وفي المدونات كالنار في الهشيم، حيث قال: "لا أحد منا، سواء ديمتري أو أنا، استبعدنا فكرة ترشحنا في الانتخابات المقبلة". وكان بوتين يرد على تصريحات سابقة أدلى بها ميدفيديف في مؤتمر عقد بالصين قال فيه: "لا أستثني احتمال ترشحي في الانتخابات المقبلة، وسأحدد رأيي في المستقبل القريب، لأنه لم يبقَ على الاستحقاق سوى أقل من سنة، وقد حان الوقت لإدخال تغييرات مهمة في النظام". وعلى مدار السنوات الثلاث المنصرمة قاد، بوتين، الرئيس السابق الذي حكم لفترتين، وخليفته الذي عينه بنفسه، ميدفيدف، البلاد في إطار من التوازن والاتفاق الودي، رغم أن بوتين تولى منصب الشريك الأكبر، وطيلة الفترة الماضية أصر الطرفان على أن العلاقة بينهما جيدة وأنهما سيقرران في الوقت المناسب من سيترشح باسم المؤسسة الرسمية لخوض الانتخابات الرئاسية. ففي النظام التوافقي القائم على الديمقراطية الموجهة، والذي أسسه بوتين، يُعتبر دعم الدولة ضرورياً للفوز في الانتخابات، كما أن معارضي الكرملين عادة ما يتعرضون للتهميش حتى عندما يُسمح لهم بالترشح. لكن رغم هذا التوافق، برزت إلى السطح خلال الأسابيع القليلة الماضية بعض الشروخ في العلاقة بين الرجلين، بحيث بدأت بعض القوى السياسية في روسيا تأتلف حول كل من القائدين لدعمه في الانتخابات، بما في ذلك مراكز التفكير التي أصدرت دراسات هي أقرب إلى المنشورات الانتخابية والبرامج الدعائية. وفي هذا الإطار يقول "ألكسي بوشكوف"، مقدم أحد أشهر البرامج التلفزيونية في التلفزيون الروسي، إن "هناك عدداً من الأصوات اليوم، سواء من الليبراليين أو المحافظين، ممن يفضلون القطع مع نظام بوتين وترك الناخبين يقررون بأنفسهم من سيكون رئيسًا للبلاد". ويضيف "بوشكوف" قائلا: "إذا كان لدينا مرشحان، بوتين وميدفيديف، يتبنيان خطين سياسيين مختلفين، فمن شأن ذلك أن يخلق نظاماً حزبياً ثنائياً في روسيا، لاسيما في ظل الاختلافات الحقيقية الموجودة داخل المجتمع الروسي، إذ في الوقت الذي يفضل البعض المقاربة التقليدية لبوتين، يُؤثر الآخرون توجهاً أكثر ليبرالية كالذي يسعى ميدفيديف إلى إرسائه. وأياً كان الرئيس القادم لروسيا فإنه سيمتلك شرعية جديدة، فلو كان ميدفيديف سيتخلص أخيراً من ربقة بوتين وسيكون قادراً على رسم طريقه الخاص، أما إذا كان بوتين فسيدرك أن انتصاره قائم على تأييد شعبي حقيقي". والواقع أن فكرة فطم روسيا عن تقليدها العريق مع الحكم الشمولي ترجع إلى تاريخ طويل، وإن كانت المحاولات جميعها انتهت إلى الإخفاق، حيث سرعان ما مُحيت الفترة الوجيزة التي أعقبت سقوط آخر قياصرة روسيا في العام 1917 بسيطرة البلاشفة الذين حكموا روسيا طول سبعين عاماً، قضوا خلالها على التعددية الحزبية، كما أن محاولات بناء نظام ديمقراطي خلال تسعينيات القرن الماضي باءت بالفشل بسبب الفوضى الاقتصادية والانهيار الاجتماعي. وبعد عقد على ذلك جاء بوتين إلى السلطة متعهداً بإعادة الهيبة إلى الدولة، ورغم تنحيه عن الرئاسة في عام 2008 مفسحاً المجال لمساعده ميدفيديف للصعود إلى الكرملين، انتقل بوتين إلى كرسي رئيس الوزراء الذي مكنه من السيطرة على الجهاز البيروقراطي الروسي، كما تولى رئاسة حزب "روسيا الموحدة" المدعوم من الكرملين، ومباشرة بعد وصول ميدفيديف إلى الرئاسة سارع مجلس الدوما الواقع تحت سيطرة "روسيا الموحدة" إلى تعديل دستور 1993 للسماح بتمديد الفترات الرئاسية لمدة ست سنوات بدل أربع سنوات، وهو التعديل الذي يعتقد البعض أنه يمهد الطريق أمام بوتين للعودة في عام 2012. وفيما يجادل بوتين في الدفاع عن سجله في الحكم، قائلا إنه فرض الاستقرار في روسيا بعد عقد التسعينيات المضطرب، وهو ما ركز عليه في خطابه ليوم الأربعاء الماضي أمام مجلس الدوما الروسي الذي عدد فيه الإنجازات الاقتصادية تحت قيادته... يراهن ميدفيديف على تحديث الدولة بإيجاد نظم يضمن انفتاحاً أكبر على الغرب، وضخ المزيد من الاستثمارات في القطاع التكنولوجي. لكن خطابه لا يروق كثيراً للمناطق المحافظة في العمق الروسي، ولا للطبقات المستفيدة من الوضع الراهن والتي راكمت ثروات هائلة من تصدير الثروات المعدنية. ومع ذلك يُتوقع لهذا الخطاب الجديد أن يلاقي صدى أكبر وسط الشباب المتعلم في المدن والذين تشير استطلاعات الرأي إلى أنهم يتوقون إلى سيادة القانون وإدخال إصلاحات سياسية على النظام والاستفادة من الحريات المدنية على غرار ما هو موجود في الغرب. وإذا ما قرر ميدفيديف تحدي بوتين في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالأرجح أنه سيفعل ذلك تحت راية حزب "روسيا العادلة" الذي أنشأه الكرملين لمواجهة الحزب الشيوعي ذي النفوذ المتواصل في المجتمع. فريد وير - موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©