سرمد الطويل (بغداد)
تجري المفاوضات على قدم وساق في العاصمة العراقية بغداد لترتيب خارطة التحالفات السياسية بعد الهزة التي تعرض لها رئيس الوزراء حيدر العبادي إثر انسحاب كتل سياسية من تحالفه الذي أعلنه قبل ثلاثة أيام، إذ نقلت تسريبات حول فتح فصائل الحشد باب المفاوضات مع زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي للدخول بتحالف مشترك، مقابل مضي العبادي إلى مفاوضات مع مقتدى الصدر وقوى سنية لدخول تحالف عابر للطوائف بعد أن اعلن زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم انضمامه له.
وحسب التسريبات الأولية، فإن المفاوضات الجارية منذ يوم الأحد تجري بشكل أساس بين العبادي وزعيم التيار الصدري لضمان تأييده على الأقل إذا لم ينضم إليه لتحالف النصر لما يملك من شعبية معروفة.
بالمقابل، أكدت المصادر السياسية التي سربت الأنباء عن المفاوضات، أن فصائل الحشد متمثلة بتحالف (فتح) يفاوض على أن يدخل الانتخابات منفرداً في الوقت نفسه الذي يلوح بالانضمام إلى ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي كنوع من رد الفعل بعد خروجهم من تحالف النصر المنافس للمالكي.
ولم تمض ساعات على إعلان تحالف «نصر العراق» الذي جمع رئيس الوزراء حيدر العبادي بفصائل الحشد الشعبي وأحزاب أخرى، حتى أُعلن انسحاب كل مجموعات «الحشد» من التحالف صباح الاثنين الذي شهد أيضاً سلسلة تفجيرات وسط بغداد وفي مناطق أخرى عراقية أوقعت عشرات الضحايا.
وأكد ?المحلل ?السياسي ?جمعة ?العطواني ?أنه «?كلما ?ازداد ?عدد ?الكتل ?السياسية ?داخل ?التحالفات، ?ازدادت ?الإشكاليات ?والاجتهادات ?والانقسامات ?والاختلافات ?في ?وجهات ?النظر?«?. وأضاف «?هذا ?التحالف ?الكبير ?لم ?ير ?النور ?أكثر ?من ?ثلاثة ?أيام ?بسبب ?الشروط ?التي ?وضعت ?من ?بعض ?قياداته، ?حيث ?اشترطت ?كتلة ?الفتح ?بقيادة ?الأمين ?العام ?لمنظمة ?بدر ?هادي ?العامري ?من ?بداية ?تشكيل ?التحالف ?عدم ?انضمام ?الحكمة ?والأحرار ?إلى ?هذا ?التحالف?.«
وتابع العطواني أن «بعض الكتل السياسية قدمت مرشحيها ضمن التحالف ممن عليهم ملفات وقضايا فساد كبيرة»?.
من جانبه، أوضح الخبير الاستراتيجي واثق الهاشمي أن «المشهد السياسي بالنسبة للتحالفات الانتخابية، لن يستقر، وسيشهد انقسامات وعودة كتل في وقت آخر».
وأضاف «?كتلة ?العبادي ?أصبحت ?مترهلة ?وكبيرة ?جداً، ?حيث ?تضم ?68 ?تشكيلاً ?ما ?يصعب ?على ?الكتل ?السياسية ?دفع ?مرشحيها ?ضمن ?هذا ?التحالف?«?.
وبشأن ?إجراء ?الانتخابات، ?يرى ?سياسيون ?أن ?الجدل ?سيستمر ?بشأن ?إمكانية ?تأجيل ?الانتخابات ?المقبلة ?حتى ?يحل ?موعد ?التصويت ?على ?قانونها ?وقرار ?إجرائها ?في ?موعدها?، وقال ?عضو ?اللجنة ?القانونية ?النيابية ?قاسم ?العبودي ?إن ?الانتخابات أثارت ?المزيد ?من ?الحساسية ?وإشاعة ?الفوضى ?والتفرقة ?بين ?المكونات، ?واستحضار ?صور ?الخلاف ?التاريخي ?والعقائدي ?والديني ?والقومي، ?في ?حين ?يفترض ?بها ?أن ?تكون ?وسيلة ?وأداة ?لإعادة ?بناء ?المجتمع.
من ?جهتها، ?شددت ?النائبة ?ابتسام ?الهلالي ?على ?ضرورة ?إجراء ?الانتخابات ?في ?موعدها ?المحدد، ?لأن ?التأجيل ?يعد ?مخالفة ?قانونية ?ودستورية، ?خصوصاً ?فيما ?يتعلق ?بانتخابات ?مجلس ?النواب، ?فلا توجد ?في ?الدستور ?فقرة ?تجيز ?التأجيل ?أو ?التمديد.
ويجري نواب في البرلمان، منذ أيام عدة، حراكاً هدفه جمع موافقة أغلبية، على إصدار قرار بتأجيل الانتخابات البرلمانية، المقرّر إجراؤها في مايو القادم، لمدة ستة أشهر. وكشف مصدر نيابي، عن قيام بعض النواب بحملة لجمع تواقيع، تمهيداً للطلب من رئاسة البرلمان عرض مشروع قرار تأجيل الانتخابات على أعضاء البرلمان للتصويت عليه، مشيراً إلى وجود قوى سياسية «سنية وشيعية وكردية» مع تأجيل الانتخابات.
وأضاف «الطرف الأقوى المطالب بتأجيل الانتخابات، هو النواب السنّة الذين يبرّرون ذلك بعدم عودة جميع النازحين إلى مناطقهم»، لافتاً إلى انضمام جهات من «التحالف الوطني» الحاكم إلى جبهة المطالبين بالتأجيل.
وتابع «توجد أمور أخرى تدفع باتجاه التأجيل، مثل تأخّر البرلمان في مسألة التصويت على قانون الانتخابات»، موضحاً أنّ الانتخابات لن تتم ما لم يحصل اتفاق على صيغة معينة للقانون.
من جانبها، استبعدت النائبة عن حركة التغيير الكردية تافكة أحمد إجراء الانتخابات في موعدها رغم تسجيل الائتلافات الانتخابية، كاشفة عن وجود أطراف في التحالف الوطني تسعى لتأجيل الانتخابات، وقالت إن الأجواء في إقليم كردستان في ظل غياب الاتفاق السياسي مع بغداد وعدم عودة جميع النازحين في المناطق المحررة، فضلاً عن عدم تمكن مجلس النواب من إقرار قانون الانتخابات النيابية والمحلية تشير إلى تأجيل الانتخابات، وأضافت أن المساعي لتأجيل الانتخابات ما زالت مطروحة بقوة من قبل الأطراف السنية والكردية، فضلاً عن أطراف في التحالف الوطني.
ولم يستبعد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، احتمال تأجيل الانتخابات البرلمانية، ستة أشهر أخرى، مرجّحاً في الوقت عينه، خلال تصريح صحافي سابق، أن تشهد الأيام المقبلة التصويت على قانون الانتخابات.
وتصطدم الدعوات لتأجيل الانتخابات البرلمانية، برفض نائب الرئيس نوري المالكي الذي يحذّر من «خطر كبير» على العملية السياسية بالبلاد، في حال تم تأجيل الانتخابات، معتبراً، في بيان سابق، أنّ التأجيل «سيضع العراق أمام أزمة دستورية?«?. وأكد أنّ ما يتمّ ترديده بشأن تأييد المالكي لتأجيل الانتخابات هو «أمر غير صحيح»، مضيفاً أنّ التأجيل «يعني أنّه لن تكون هناك سلطات لا تنفيذية ولا تشريعية?«?.
يُشار إلى أنّ الدستور العراقي، يوجب إجراء انتخابات برلمانية كل أربع سنوات، ومن المقرّر وفقاً للمواعيد الدستورية، أن تجري الانتخابات البرلمانية العراقية في 12 مايو 2018.
عدد اليوم
