الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«صمت القبور» يسقط أقنعة الأفكار الوهمية والمعتقدات الزائفة

18 ابريل 2012
قدمت فرقة مسرح جامعة الإمارات (بنين)، مساء أمس الأول، على خشبة قاعة المدينة الجامعية بالشارقة، وضمن مسابقة مهرجان الإمارات للمسرح الجامعي الذي يستمر حتى الثاني والعشرين من الشهر الجاري، عرض مسرحية “صمت القبور” للمسرحي الراحل سالم الحتاوي وإخراج حسن يوسف. تحكي المسرحية قصة رجل هارب من ضجيج الحرب، والقتل، والموت المنتشر في مدينته نتيجة لنبوءة أشاعها عراف مجهول الهوية، فيلجأ هذا الرجل مع ابنه الرضيع إلى مقبرة لعل صمت القبور يخفف عنه المعاناة، ليفاجأ بوجود شخص غريب يعيش في هذا المكان الموحش، ليقدم للرجل الهارب خطابا في معنى التضحية والشهادة والتاريخ والبطولة وفداء الوطن، ليطلب منه بعد ذلك التضحية بطفله من أجل استعادة أرواح الشهداء الذين سبقوه في التضحية، وفي اللحظة التي يكاد فيها الرجل الغريب تقديم الطفل قربانا لما يدعيه، يظهر رجل أخر متهالك، فينقذ الطفل من الموت ، ويكشف لنا عن الشخصية الحقيقية للغريب بأنه العراف نفسه الذي كان سببا في كل تلك الصراعات والحروب. فكرة واضحة الترميز، تحيل من الطقسي إلى الواقعي، ومن إيمان البعض بالخرافات إلى اعتبار أن تلك الخرافات ليست إلا قوى أخرى تستغل عقولنا وحبنا لوطننا في سبيل مصالحها الشريرة. وقد كان لهذه الرؤية الفكرية التي قدمها الحتاوي دراميا أن تستخدم بشكل واضح، وأن يتم شحنها دلاليا، وبصريا من قبل المخرج، لولا أن ما كتب عن المسرحية في التعريف بها يشي بغير ذلك، إذ إن هناك إشارة واضحة على أن المسرحية تعالج “مواضيع مهمة دارجة بين الناس في هذا الزمان، وهي الإيمان بالعرافين والسحرة والأبراج وغيرهم” مع وجود بعض الإشارات غير الواضحة عن شمس الحرية والمستقبل الأفضل. ولا يخفى على أحد بأن التقديم للمسرحية هو مكون أساسي من استراتيجية التلقي، وكان من الممكن تجاوز هذه الرؤية المبهمة للنص لولا أن العرض عززها كثيرا، فزاد الأمر من ضبابية الرؤية، وعطل أحيانا كثيرة على المتفرجين متعة تفكيك مفردات العرض المسرحي، وباعد بين العلامة المسرحية ودلالاتها، فبينما كانت الحبكة تسير في خط يتعلق بقضية إنسانية عامة وهي الشهادة والتضحية في سبيل الوطن، فإن المشهد الأخير من المسرحية يؤكد على أن الفكرة المطروحة هي موضوع الشعوذة والسحر والنبوءات الكاذبة من اجل مصلحة العراف الشخصية. إخراجيا، وضع المخرج قبرا على الخشبة، وشجرة، وترابا، وهي مفردات تحيلنا إلى فضاء واقعي، كما أضاف إليها بعض الإكسسوارت المناسبة للمكان، إلا أن الممثلين (ياسر اللبادي، إسماعيل بلهون، عبدالله المانعي) لم يستخدموا إلا بعضا منها مثل الرحى، وأداة حفر القبر للطفل، والمبخرة، ورغم المحاولة الجدية الواضحة نحو استخدام إضاءة درامية، ومؤثرات موسيقية مناسبين لهذا الفضاء البارد والصامت، فضاء الموت، إلا أن عقبات عديدة يبدو أنها لم تخدم الإخراج وبالتالي التمثيل في بعض المشاهد، مع الإشارة إلى ذلك الاستخدام الذكي للرحى، وما يقابله في حياتنا الثقافية من تشبيهات حين نتحدث عن رحى الحرب أو الموت مثلا، وكان من الممكن أن يتم اللعب على هذه المفردة بشكل كبير. تحتاج تجربة مسرحية “صمت القبور” إلى دراسة فعلية تتعلق بالمسرح الجامعي خاصة، فهو بالأساس يمتلك خصوصيته من كوننا نتعامل مع موهوبين مثقفين، ونتوجه إلى جمهور متعلم ومدرك، وبالتالي فإنه من الضرورة بمكان أن نأخذ بيد هؤلاء المبدعين. «الثالث» تعرض اليوم تعرض فرقة جامعة الجزيرة في السابعة من مساء اليوم على خشبة مسرح جامعة الشارقة مسرحية “الثالث” تأليف عبدالله صالح وإخراج عيسى كايد.
المصدر: الشارقة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©