الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

تظاهرة? ?عاصمة الثقافة العربية قسنطينة تنطلق برسائل حضارية

تظاهرة? ?عاصمة الثقافة العربية قسنطينة تنطلق برسائل حضارية
20 ابريل 2015 22:49
مختار بوروينة (الجزائر) افتتحت تظاهرة عاصمة الثقافة العربية قسنطينة 2015 برمزية الحضور العربي، في ساحة الصخر العتيق الموصول بجسور قسنطينة، حيث تكامل خطاب الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة مع كلمات أمين عام جامعة الدول العربية نبيل العربي في إنصاتهما لمعاني التظاهرة وترجمة الإسقاط الثقافي على الواقع العربي الذي تتقاسم دوله دروباً من الأحزان والآلام. بندائه الموجه إلى المثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء ليعملوا ما استطاعوا على نشر ثقافة الاعتدال والتنوير لتكون درعاً وحصناً منيعاً في وجه دعاة الجهالة والظلامية، يكون بوتفليقة قد أبدى اهتماما كبيرا بالعمل الثقافي ودوره في بناء المجتمعات وحفظ الاستقرار، ما يستدعي تعزيزه لضمان الأمن الثقافي في خضم العولمة الجارفة وتوفير أسباب مناعة الشباب العربي من أن يكون فريسة للتطرف الديني والتعصب المذهبي، مع الابتعاد عن النعرات والفتن. التوجه نفسه جاء به نبيل العربي الذي يرى أنه بات ضروريا لأن يكون العمل الثقافي في الوطن العربي عملية مستمرة ومتواصلة مع عديد من القضايا، كونه من أسباب الأزمات التي تسجل اليوم حوله، وفي كل مكان، هي تلك الموجة غير المسبوقة من التطرف والغلو الديني في عديد من الأقطار وكذا عدم الاهتمام اللازم بالثقافة بمعناها الشامل والعصري إلى جانب الانحدار الثقافي الذي تشهده العديد من الدول العربية. التظاهرة الثقافية العربية التي أدرجت في سياق احتفال الشعب الجزائري بمرور ستين عاما على ثورته التحريرية والتي كانت بمثابة المشروع التحرري للأمة العربية جمعاء وللقارة الأفريقية، تشارك بها دول عربية بكل أطيافها الثقافية وستغيب عنها دول عربية أخرى وإن حضرت ستكون بأقل تمثيل، وما بين الحضور والغياب تحتضن قسنطينة صور الأمس وتجتهد بالبحث عن أخرى جديدة لتقدمها للأجيال المتلاحقة من أجل التمسك بهويتها الحقيقية أمام التمزق الذي طالها في الكثير من النواحي ولم تقو على إيجاد مكانة لها بين الثقافات الأخرى رغم إسهاماتها من قبل في الثقافة الإنسانية وما تزخر به من تراث ثقافي عريق صار محل تحطيم همجي مع ما يضاف له من بنية تحتية تستهدفها أحزمة البشر الناسفة. ضمن هذا الإطار، عرج بوتفليقة على سيرة العلماء ومدى التأثير الذي يمارسونه في صلب المجتمع وصيرورته، مستحضرا العلامة والمصلح عبدالحميد بن باديس، رائد النهضة الحديثة في الجزائر إبان ليالي الاستعمار الحالكة، وابن مدينة قسنطينة العريقة بتاريخها وتراثها الممتد عبر قرون طويلة، وهو ما يسمح بالتفاعل الإيجابي مع مساهمات كل البلدان العربية والاستفادة فيما بينها. انتظم لقاء دولي بعنوان «عبدالحميد بن باديس في الثقافة العربية الإسلامية» ، بعد ساعات من الافتتاح الرسمي للتظاهرة، بمشاركة عديد الباحثين والجامعيين الذين قدموا من عديد من البلدان العربية والمغاربية، وأبرزوا من خلال تدخلاتهم المساهمة الكبيرة لفكر الشيخ العلامة ابن باديس في التجديد العربي - الإسلامي، باعتباره من بين المحفزين للشباب والداعين للتمسك بالأمل والإيمان في تحرير العقول والوطن من الاحتلال الفرنسي. الشيخ عبدالحق بن باديس البالغ من العمر حاليا 96 عاما ، ما زال يحتفظ بالكثير من الذكريات عن أخيه العلامة عبدالحميد الذي وافته المنية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي في 16 أبريل 1940، قال إن الشيخ عبدالحميد كان دائما مسالما وكافح بلا هوادة كل أشكال العنف ومتفاديا بذلك العنف اللفظي، وأن الرئيس بوتفليقة درس بدقة حياة ومآثر الإمام بن باديس ونجح في ترسيخ نصيحته من أجل المصالحة والتسامح من طرف الجزائر المستقلة لوضع حد للأزمة التي عاشتها في سنوات التسعينيات. الملتقى الذي تم نقله عبر القمر الاصطناعي بين مسجد الأمير عبدالقادر بقسنطينة ومسجد عبدالحميد ابن باديس بوهران بمسافة 700 كلم بينهما، أكد أن فكر الإمام بن باديس كان مستقبليا وكان مواكبا للتطورات وللعصر، داعيا إلى استغلال أعمال الشيخ في حل وتسوية الصعوبات والمشاكل التي تواجهها الأجيال الجديدة. وللتعريف بهذه الشخصية العربية للآخر أوصى الملتقى بإخراج فيلم حول حياة عبدالحميد بن باديس وترجمة أعماله إلى جميع اللغات، الأمر ممكن لكن يحتاج إلى إرادة جادة بالنظر إلى مشروع فيلم الأمير عبدالقادر المعطل منذ عدة سنوات، فهل ستسمح ديناميكية قسنطينة بالإفراج عنهما كشخصيات جزائرية عربية؟ وتوفر لهما كل الإمكانيات أسوة بالجهود الضخمة والفريدة التي قامت بها الدولة في مدينة قسنطينة من أجل إطلاق هذا الاحتفال وهي ـ كما قال نبيل العربي ـ جهود تليق باسم الجزائر وعظمة مدينتها قسنطينة، وأن المنشآت الجديدة التي بنيت بالمدينة من قاعات ومعارض ومراكز ثقافية ستكون وسيلة للتواصل فيما بين الثقافات. مسألة أخرى جاءت في الكلمات الرسمية تدعو إلى تقاسم أبناء الوطن العربي احتفال الجزائر الذي يشكل انتصارا آخر لجهاد ونضال شعبها. في عمق هذا التوجه كان الحديث أيضا عن فلسطين المحتلة وويلاتها، وعبر حضورها كأول ضيف ينزل على قسنطينة سيتجسد محتوى فلسطين الصامدة الثابتة إبداعيا وذلك عبر «شموع لا تنطفئ» كعنوان لملتقى أدبي حول الشاعرين مفدي زكريا ومحمود درويش، وجهان لقصيدة واحدة صنعت مجد نضال الشعبين الجزائري والفلسطيني العربيين. ففي مشواره الأدبي، خلد الشاعر مفدي زكريا صاحب «إلياذة الجزائر» والنشيد الرسمي «قسما بالنازلات الماحقات» القضية الفلسطينية في قصيدتين وردتا في ديواني «اللهب المقدس» و»وحي الأطلس» بوقع كلمات محمود درويش «سجل أنا عربي»..
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©