الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أكراد العراق··· عيون خارج الحكم الذاتي

أكراد العراق··· عيون خارج الحكم الذاتي
15 سبتمبر 2008 02:11
أقدم الزعماء الأكراد على مد سلطتهم على مساحات من الأرض يبلغ طولها 300 كيلومتر تقريبا، وتقع كلها خارج حدود منطقة الحكم الذاتي المحددة لهم في شمال العراق، وذلك حين قاموا بنشر آلاف من الجنود في مناطق مختلطة عرقيا، في خطوة رآها العراقيون العرب تعديا على ما يعتبرونه مواطنهم الأصلية؛ يُنظر إليها من قبل العراقيين العرب، والمسؤولين الأميركيين على أنها خطوة استفزازية يمكن أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة؛ يعلق الميجور جنرال قائد القوات الأميركية في شمال العراق على ذلك بقوله: ''إن التحرك بسرعة إلى داخل هذه المنطقة في محاولة لتغيير التركيبة السكانية، ورفع أعلام حكومة إقليم كردستان على مناطق ليس من حقها أن ترفع عليها أعلامها في الوقت الراهن، لهو إجراء سيترتب عليه نتائج عكسية بالنسبة للأكراد، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة التوترات''· من المعروف أن الحلم الذي يداعب خيال الأكراد -25 مليون نسمة- من أمد طويل هو إنشاء دولة مستقلة تشمل أجزاء من إيران والعراق وسوريا وتركيا؛ وجميع هذه الدول باستثناء العراق تعارض بقوة الحكم الذاتي للأكراد ناهيك عن إنشاء دولة؛ غير أن الأكراد العراقيين -حتى وهم يقومون بتوسيع نطاق أراضي الحكم الذاتي التي يسيطرون عليها ويتجاوزونها إلى ضم أراضي الغير- لا زالوا يصرون على أنهم لا يسعون إلى الاستقلال· وكانت حكومة رئيس الوزراء ''نوري المالكي'' ذات الأغلبية العربية، قد أرسلت الجيش العراقي لطرد قوات ''البشمركة'' الكردية من بعض المناطــق مما أسفـــر عن تأجيج المخاوف من اندلاع صراع عربي كردي، في الوقت الذي بدأ العراق يسترد عافيته ويستفيق من آثار سنوات من العنف المتبادل بين الشيعة والسنة· وقد أتاحت لي الأسابيع الأربعة التي جبت خلالها أربع محافظات تلاصق منطقة الحكم الذاتي الكردي معرفة مدى تغلغل وانتشار الأكراد في هذه المناطق، حيث أحصيت خلال تجوالي مقاتلي ''البشمركة'' وهم يديرون 34 نقطة تفتيش في هذه المناطق، معظمها يرفع العلم الكردي علما بأن بعض تلك النقاط كان يقع على مبعدة 75 كيلومترا إلى الجنوب من خط حدود منطقة الحكم الذاتي· وعلى رغم أن المسؤولين في واشنطن وبغداد قد ركزوا تحديدا على الصراع العربي- الكردي في ''كركوك'' المدينة المختلطة عرقيا والغنية بالنفط، والتي لقي ما لا يقل عن 100 شخص مصرعهم في أعمال عنف وقعت فيها هذا العام، فإن الحقيقة هي أن النزاعات بين القوميتين لم تقتصر على هذه المدينة بل امتدت إلى محافظات أخرى مثل ''نينوى'' و''تميم'' و''صلاح الدين'' و''ديالي''؛ ففي مدينة ''جالاوالا'' وهي مدينة ذات أغلبية عربية تقع في محافظة ''ديالي'' على بعد ثمانية أميال جنوب منطقة الحكم الذاتي الكردي عمدت السلطات الكردية تدريجيا إلى توسيع نطاق دورها في المنطقة على مدار العــام الماضي، من خلال تسيير دوريــات من قوات البشمركه وقوات الاستخبارات الكردية (أسايش) في شوارعها· يقول ''نهاد علي'' -نائب قائد مفرزة البشمركة العاملة في المنطقة البالغ عدد أفرادها 150 جنديا-: ''من الذي يستطيع أن يجادل بأننا قد حولنا هذه المنطقة بالفعل إلى جزء من منطقة الحكم الذاتي الكردية''؛ ويشير ''نهاد'' إلى العلم الكردي وهو يرفــرف على قاعدته المقامة بجوار نقطة شرطة عراقية عربية حديثة النشأة ويضيف: ''من الذي ساهم بالجزء الأكبر من الأموال هنا؟ من الذي سالت دماء شهدائه هنا؟ إن هؤلاء الناس الذين يعيشون هنا يعتمدون اعتمادا شبه كلي علينا، ومن واجبنا ألا نتخلى عنهم''· ولكن السكان العرب في المدينة والبالغ عددهم 70 ألف نسمة بدأوا في التعبير عن غضبهم بسبب ما يصفونه بـ''حملة لطردهم من أراضيهم''؛ يقول ''أحمد صالح حناوي النعيمي'' -شيخ قبيلة عربي في ''جالاوالا''- إن الاكراد قد سجنوا وخطفوا وقتلوا، ما لا يقل عن 40 عربيا في محاولة منهم لـ''تكريد'' المنطقة- وهي اتهامات يرفضها المسؤولون الأكراد؛ وبتحريض من زعماء قبائل مثل ''النعيمي'' دخل الجيش العراقي إلى المنطقة الشهر الماضي وأمر قوات البشمركة بالانسحاب خلال 24 ساعة من ''جالاوالا'' والمناطق المحيطة بها· ومن المعروف أن تحديد موقع خط الحدود الفاصل بين المناطق الكردية والمناطق العربية يعتبر واحدا من أكثر الموضوعات حساسية وقابلية للانفجار في العراق؛ ويذكر في هذا الشأن أن الدستور العراقي قد نص على النظر في المزاعم المتبادلة بين الطرفين وحل المسائل عن طريق الاستفتاء ولكن الذي حدث هو التاريخ النهائي الذي كان محددا للاستفتاء في عام 2007 قد انقضى وليس من المعروف الآن ما الذي سيحدث· وقد حاول المسؤولون الأميركيون والغربيون الذين يخشون أن يؤدي النزاع بين العرب والأكــراد إلى التأثير بالسلــب على المكاســب التي حققها التحالف في العراق خـــلال العـــام المنقضي، إقناع الطرفين بدعم عملية الأمم المتحدة التي تقضي بتقديم تقارير عن كركوك وغيرها من المناطق المتنازع عليها، كجزء من استراتيجية لنزع فتيل الصراع كما يقول ''ستيفان دو ماستورا'' رئيس مهمة المعاونة في العراق· ويرى ''دو ماستورا'' أن الحل الآن هو ترك زعماء الكتل المتنازعة يتوصلون عبر المفاوضات إلى تسويات قابلة للاستمرار في البداية، على أن يتم بعد ذلك إجراء استفتاء على تلك التسويات بالرفض والموافقة منهيا وجهة نظره بالقول: ''إن ما نريد الوصول إليه في نهاية المطاف هو صفقة كبرى وليس مجرد مقاربة بالقطعة''· آميت بالي جالاوالا- العراق ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس انجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©