الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بيلايان ··· حالة سريلانكا التجريبية

بيلايان ··· حالة سريلانكا التجريبية
15 سبتمبر 2008 02:12
كان رئيس وزراء الإقليم الشرقي لسريلانكا، يومئ برأسه موافقاً بينما كان عضو من المجلس الإقليمي يشرح إحدى المشاكل الأمنية؛ كان ذلك مشهدا عاديا من أعمال الحكومة، على أن الخاص والمميز هو أن رئيس الوزراء قائد سابق للمتمردين ''التاميل'' وعدو سابق للجنرالات الأربعة الجالسين إلى يساره، والذين كانوا يدونون ملاحظاتهم· هذا السيناريو يعد جزءا من تحول تصفه الحكومة المركزية بـ''فجر الشرق''، منذ أن استعادت قواتها معقل نمور التاميل الطويل العام الماضي؛ واليوم، وبينمــا توشك الحكومة السريلانكية على إخضاع آخر منطقة مازالت تحت سيطرة نمور التاميل في الشمال، يقول المراقبون إن تنمية الشرق أمر مهم وأساسي أيضا، إذا كان يراد للبلــد أن يخرج من حرب أهلية عمرها 25 عاما؛ وفي هذا السياق يقول ''هاري ميلر'' -وهو مبشر عاش في مدينة باتيكالوا لأكثر من 60 عاما-: ''إن الإقليم الشرقـــي حالـــة تجريبيـــة بالنسبــة لبقية سريلانكــا''· تم انتخاب ''سيفانيساتوري شاندراكانتان، وهو أحد الزعيمين النافذين اللذين انشقا عن المتمردين وساعدا الحكومة على استرجاع هذا الإقليم، ويعرف باسم ''بيلايان''، رئيسا للوزراء في مايو المنصرم· وقد عكس فوزُه تعهدَ الحكومة بتوسيع السلطات السياسية للسكان التاميل وتعزيز آفاقهم الاقتصادية مقابل الدعم؛ غير أن التحديات مازالت كثيرة، فعلى الرغم من أن معظم السكان الـ200 ألف الذين نزحوا من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل سريلانكا بسبب العنف غادروا المخيمات المؤقتة، إلا أن الآلاف منهم لا يستطيعون العودة إلى بلدات ومناطق ساحلية باتت اليوم تحت سيطرة الجيش؛ أما الذين يعودون إلى مناطقهم، فكثيرا ما يجدون منازلهم قد دمرت أو نهبت· وإضافة إلى ذلك، فإن نقاط التفتيش والحرس باتوا ركنا من أركان الحياة اليومية، في وقت ما زال هناك ارتياب وتوجس من الحكومة المركزية· وإذا كانت الشوارع قد خلت من التفجيرات والمعارك بالأسلحة، فإن المسؤولين العسكريين يقولون، إن جواسيس المتمردين يملأون المنطقة، مما يجعل من اتخاذ التدابير الأمنية المشددة أمرا أساسيا في الوقت الراهن، ذلك أن الهجمات المتفرقة على أسلوب حرب العصابات مازالت تستهدف القوات الحكومية في الشرق؛ حيث تسبب هجوم جوي نادر للتاميل على قاعدة لسلاح البحرية بالقرب من مدينة ''ترينكومالي'' الساحلية الشرقية أواخر الشهر الماضي في مقتل أربعة جنود؛ ويقول السكان المحليون إن الحضور القوي والمكثف للجيش جعل الحياة العادية أمرا مستحيلا؛ بينما يقول السكان التاميل، الذين يشكلون ثلث سكان الإقليم، إنهم يتعرضون للعزل والتحرش والاعتقال الجماعي، أو ما هو أسوأ من ذلك، للاشتباه في صلتهم بنمور التاميل؛ وفي هذا السياق، جاء في تقرير لمنظمة ''هيومان رايتس ووتش'' لشهر مارس أن الحكومة مسؤولة عن المئات من حالات الاختطاف و''الاختفاء'' في الشرق، وأشار في الوقت نفسه إلى أن ميليشيا على علاقة بحزب ''بيلايان التاميلي'' الموالي للحكومة متورطة أيضا في بعض الحالات· ويقول ''كي· ناجيسواران'' -ناشط يمثل عائلات التاميل التي نزحت عن مناطقها-: ''لقد وضعت الحرب أوزارها هنا، ومازلنا لا نتوفر على الحريات التي نحتاجها''، مضيفا: ''المزيد من الضرر النفسي يحدث كل يوم''· كلف الانتصار الصعب الذي حققه الجيش على النمور التاميل العام الماضي مئات الأرواح وأفرغ قرى بكاملها من سكانها؛ ومنذ ذلك الوقت أعلن الجيش بعض المناطق الاستراتيجية من إقليم ''تريكومالي'' مناطق أمنية محظور على السكان السابقين دخولها؛ وبالرغم من الظروف الصعبة، إلا أن المئات من التاميل يرفضون مغادرة مخيمات الإغاثة إلى أن يستطيعوا العودة إلى مناطقهم هناك؛ وفي هذا السياق يقول ''جانامونتي جايانتي'' -يعيش في مخيم خارج باتيكالوا-: ''إذا كنا سنموت، فإننا نريد أن نموت على أرضنا، حيث مات أجدادنا''· ومما زاد من حدة الجدل إنشاء الحكومة لـ''منطقة اقتصادية خاصة'' ستكون مفتوحة في وجه المستثمرين الأجانب ومغلقة في وجه السكان السابقين؛ حيث يرى ''مركز بدائل سياسية'' -وهو مؤسسة بحثية في العاصمة كولومبو- أن مصادرة الأرض تعد انتهاكا للدستور والقانون الإنساني الدولي؛ ويقول التقرير أيضا إن الآلاف من التاميل الذين أعيد توطينهم يعيشون اليوم في مناطق حيث الكهرباء والماء الصالح للشرب منعدمان تقريبا؛ وفي هذا الإطار يقول ''جينس هيسمان'' -رئيس وكالة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في الإقليم الشرقي-، إنه يتوقع أن 7000 فقط، من بين الـ17000 الذين سيتم توطينهم، سيبقـــون بنهايــة العام ريثما يتم التأكـــد من أن المناطق الجديدة خالية من الألغام الأرضية والقنابل التي لم تنفجر· هذا وكانت الحكومة قد كشفت النقاب العام الماضي عن ''برنامج إنعاش الشرق'' بكلفة 1,84 مليار دولار وعلى مدى ثلاث سنوات، غير أن المنتقدين يقولون إن الحكومة المركزية لم تساهم سوى بالقليل ماليا· وينسب بيلايان النقص الحالي في التمويل إلى الضعف على مستوى التخطيط للميزانية قبل وصوله إلى السلطة؛ ويَعد بأن إعادة إعمار المناطق الريفية ستزداد سرعة العام المقبل، ما سيؤثر على قائمة من المشاريع المقبلة الرامية إلى النهوض بالزراعة وتحسين مستوى المعيشة إذ يقول: ''ينبغي أن نكون صبورين، أما العنف، فلم يعد له مكان هنا!''· جيسون موتلاج - سريلانكا ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©