الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رؤية داخل المسارات المتعاكسة

رؤية داخل المسارات المتعاكسة
19 ابريل 2012
يشكل هذا الكتاب “مسارات الثورة/ رؤية تحليلية ديمقراطية جذرية” للدكتور شريف يونس مدرس التاريخ بجامعة حلوان، رؤية وتحليل للثورة المصرية، تطور ليواكب أحداث الثورة وما بعدها، حتى شهر ديسمبر. وهو ينطلق من موقف أصلي مؤيد للثورة، كثورة ديمقراطية يأمل الكتاب في أن تكون جذرية، ملتزمة بشعارات العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة. يقول المؤلف في كتابه الصادر عن دار العين: “في 24 يناير، كتبت على الفيس بوك، ما معناه أنه لا توجد ثورة بموعد مسبق، وأن تحديد 25 يناير كموعد للثورة مجرد بلاغة. فيما بعد اتضح أن كثيرا من المشاركين أنفسهم لم يتوقعوا سوى نمط الاحتجاجات المحاصرة بالشرطة الذي تعودنا عليه من 2005، وقد تكون أوسع قليلا لتصل إلى بضعة آلاف، وربما عشرة آلاف. ولكن لسبب ما قرر الناس في هذا اليوم الاستجابة للنداء. ربما كراهية في الشرطة وعيدها. وربما لأنه ببساطة كل ثورة تحدث دائما فجأة، برغم أن كل مقدماتها من عوامل سخط وخطاب مضاد للنظام القائم تكون موجودة بالفعل قبلها بزمن. وهذا ما يرجع إليه المحللون والمؤرخون لاحقا ليقولوا إن الثورة كانت منطقية تماما.. وإن أسبابها كانت متوافرة قبلها. واقع الأمر أن من عايشوا الحدث، بل من شاركوا فيه، بل من لعبوا دورا كبيرا في تفجيره، لم يكونوا قادرين على توقعه، وتصرفوا بعفوية حسب تطور الأحداث، مثل كل ثورة”. ويؤكد أن الكتابات المنشورة هنا لا تطمح إلى تقديم هذا التفسير اللاحق للثورة، ولا كانت منشغلة به أصلا. فقد كانت هي بحد ذاتها جزءًا صغيرًا من المعركة الكبرى الدائرة. كان الغرض منها نقل أفكار بشأن الثورة وتوقعات بشأن مسارها وبشأن ما قد يفعله الأعداء وتوضيح منطلقاتهم ونمط تفكيرهم، للمهتمين من بين الثوار، وبهدف أن تكون هذه المساهمة إضافة للطاقات الثورية لا غير. لم تكن القضية التي تلتزم بها هذه المقالات قضية نظرية، برغم أنها تحتوي على تحليلات لها أسس نظرية، وإنما كانت عملية ومباشرة. فهي إذن من أحد جوانبها شهادة، شهادة على الأحداث من موقع مشارك جسديا وذهنيا في الحدث. ويضيف “لأنها “شهادة تحليلية”، إن جاز التعبير، فإنها تعكس تطور الموقف من النظام والدولة ورؤية مشكلات الثورة. وقد فضلتُ أن أترك النصوص كما هي باستثناء بعض التصحيحات الطفيفة للغاية بغرض الحفاظ على طابعها كشهادة، تحتوي، بالتالي، على تغيرات في الموقف وتعديلات في التحليل. تبدأ مقالات الكتاب بتصور مؤداه؛ أن ما حدث في 25 يناير وحتى قرب التنحي كان انتفاضة. ويتطور الموقف إلى القول بأنها عملية ثورية، بدأت بالانتفاضة وما زالت تواصل طريقها الطويل، الذي سيستغرق غالبا بضع سنوات. ولكننا لن نستطيع أن نتبين في القريب العاجل طبيعة هذا الحدث التاريخي بأصدائه في الداخل، في كل أنحاء البلاد، وفي الخارج. تظل هذه التحليلات في النهاية جزءًا من الحدث ومساهمة فيه أكثر منها نظرة من أعلى، من وراء أستار التاريخ. ولكنها حاولت مع ذلك أن تقدم رؤية شاملة للوضع السياسي ككل، وأن تبين جذور الثورة وطبيعة الأزمة السياسية للنظام قبل 25 يناير وبعده. تهدف هذه الشهادة التحليلية إذن إلى تكوين رؤية وتوجُّه. وقد اعتمد المؤلف في ذلك على دراسات سابقة، سواء بشأن نظام الحكم وطبيعته، بدراسة موسعة للفترة المعروفة بالناصرية، وأخرى عن سيد قطب، أو بكتابات عن الأوضاع السياسية والثقافية المصرية في مجلة “البوصلة: صوت ديمقراطي جذري”، في 2005 وما بعدها حتى قبيل الثورة. لكن مقالات الثورة هذه لا تكرر التحليلات السابقة، وإنما تعتمد عليها ضمنيًا فحسب. وهي متأثرة من حيث أدواتها التحليلية بمجموعة من الأفكار النقدية. تعتمد هذه الكتابات أيضًا ـ حسب المؤلف ـ “على مناقشات عديدة مع كثير من الأصدقاء الذين شاركوا بنشاط في الثورة، والذين جمعتني وإياهم صداقة وعلاقة فكرية وثيقة في السنوات الأخيرة عبر العمل المشترك في مجلة “البوصلة”، وبصفة خاصة الأصدقاء محمد نعيم وعمرو عبد الرحمن ومحمد البعلي. وأستطيع أن أعتبرهم مؤلفين مشاركين.. ليس فقط بسبب تفاعل الآراء، ولكن أيضًا لأن الكتابة، بما في ذلك كتاباتهم في فترة الثورة، لم تكن في نظرنا أكثر من فعل جماعي ضمن الفعل الجماعي الأعظم: الثورة نفسها. كان المهم أن تصل الأفكار، وأن يصوغها ويطورها شخص ما. وكان كل منا يقدم ما في استطاعته. قضية الملكية الفكرية لم تكن لها أية أهمية هنا”. وقد نُشر أغلب هذه المقالات في الفيس بوك أولا، أو في موقع البوصلة مترافقًا مع الفيس بوك، بغرض أن يصل بأسرع وقت إلى أكبر عدد من الناس. بعضها نُشر بعد أيام إما مترجمًا إلى الإنجليزية أو بأصله العربي في دوريات مصرية. وتهدف إعادة نشرها هنا إلى إثارة نقاش بشأن الرؤية التي تقدمها بين الثوريين، وبأمل أن تكون ذات فائدة في الصراعات القادمة. يذكر أن المؤلف شريف يونس مدرس التاريخ بجامعة حلوان، يعدُّ هو وخالد فهمي والراحل محمد حاكم من المؤرخين الجدد البارزين في مصر الذين أخذوا على عاتقهم تجاوز رؤية المدرسة القومية في قراءة التاريخ؛ بالتحرر من الأيديولوجيا وهدم الأصنام، وطرح أسئلة جديدة وليس تقديم إجابات جديدة على أسئلة قديمة?.?
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©