تعكف شركة آبل على تطوير عمليات آي فون في السوق الهندية المهمة سعياً منها إلى الحد من هيمنة سامسونج إلكترونيكس، وذلك من خلال التأقلم مع قوانين تجارة التجزئة المحلية وإجراءات التوزيع المعقدة، غير أنه لا يزال هناك طريق طويل أمام آبل ينبغي عليها أن تسلكه، وهو أمر ليس بالسهل في وقت يتباطأ فيه نمو آبل في الولايات المتحدة وأسواق متقدمة أخرى.
وقالت ستراتيجي أناليتكس إن الهند مرشحة لتصبح ثالث أكبر سوق هواتف ذكية في العالم هذا العام بعد الصين والولايات المتحدة.
تتجنب آبل شركات الاتصالات اللاسلكية لكي تستطيع أن تتحكم بقدر الإمكان في نشاط تسويقها بالهند وتقدم قروضاً حسنة لتجذب المستهلكين ذوي الدخل المحدود.
كما زادت الشركة موظفيها في الهند بنسبة 30% إلى 170 موظفاً في الأشهر الستة الماضية، كما أنها تقدم منتجات أخرى مثل جهاز بث الفيديو التليفزيوني المنتظر عرضه في المتاجر قريباً، حسب مصادر عليمة.
ولذلك وردت آبل أكثر من 252 ألف هاتف آي فون إلى الهند في الربع الرابع من العام الماضي، ما يتجاوز ثلاثة أمثال العدد المورد في الفترة الربعية الثالثة حسب مؤسسة كناليس البحثية.
ومع ذلك، لا تشكل آبل سوى 5% من توريدات الهواتف إلى الهند مقارنة مع 40% التي تشكلها رائدة السوق هناك سامسونج. وتفوقت الشركة الكورية الجنوبية من خلال اعتبارها الهند سوقاً ذات أولوية كبرى قبل ما تنتبه آبل لذلك، وأيضاً من خلال تقديمها تشكيلة من الهواتف المرتكزة على برمجيات أندرويد من جوجل تبدأ أسعارها من 100 دولار. بينما يبلغ سعر نسخة آي فون من الجيل السابق نحو 50 دولاراً، ويبلغ سعر أحدث موديل آي فون قرابة 850 دولاراً.
وقال نيل شاه كبير المحللين في ستراتيجي أناليتكس المتمركزة في الولايات المتحدة: «لا تزال آبل في الفئة الغالية من الأسماء التجارية وفي غير متناول المستهلك الهندي العادي». معظم مستخدمي الأجهزة اللاسلكية في الهند البالغ عددهم 865 مليون مستخدم لا يزالون يستخدمون هواتف من الفئة المتواضعة، كما أن شركات الاتصالات لا تدعم أسعار الهواتف الذكية مثلما تفعل في الولايات المتحدة. ولا يسمح لآبل في الهند أن تفتح متاجر تجزئة تابعة لها أو أن تبيع مباشرة هواتف آي فون عبر الإنترنت.
يذكر أن الراحل ستيف جوبز الشريك المؤسس لشركة آبل كان لديه مشاعر خاصة تجاه الهند، ففي التاسعة عشرة من عمره مكث في الهند سبعة أشهر وزار نهر جانج ليشهد احتفالاً روحياً، حسب مذكراته الشخصية.
وكان جوبز يقول إن للهند والتراث الشرقي تأثيراً عظيماً على نشاطه في آبل. وقال: «لا يستخدم الهنود الريفيون عقولهم كما نفعل بل يستخدمون حدسهم الفطري. والحدس يعتبر قوة كبرى».
ورغم عشقه للهند، لم تحقق آبل سوى تقدماً بطيئاً فيها وإن كانت تستثمر بكثافة في أسواق صاعدة أخرى. وقالت كنا ليس إن توريدات آي فون إلى الهند البالغة 460 ألف جهاز العام الماضي لا تقارن بتوريداته إلى الصين البالغة 19,6 مليون جهاز والبرازيل البالغة 1,4 مليون جهاز.
وألقى تيم كوك رئيس تنفيذي آبل باللوم على شبكات التوزيع في الهند، فعلى عكس الولايات المتحدة، ليس لدى شركات الاتصال اللاسلكي متاجر خاصة بها. من المعتاد أن تنتقل أجهزة المحمول في الهند عبر مراحل عدة قبل أن تذهب إلى المستهلكين، فهي تذهب إلى شركات الاتصالات ثم إلى الموزعين المركزيين والمحليين، ثم إلى متاجر التجزئة.
وقال كوك: «إن التوزيع متعدد المراحل بالهند يزيد تكلفة توصيل المنتجات إلى السوق».
وبدأت آبل في الخريف الماضي تعديل أسلوب توزيعها. وبدلاً من الاستعانة بشركات الاتصالات، بدأت آبل في العمل مباشرة مع اثنين من الموزعين المحليين. وتحكم الشركة الآن سيطرتها على الأمور كافة الخاصة بالإعلان وحجم الأرصدة الذي يدخل الهند والمدن المستهدفة وتختار التوقيت المناسب لذلك.
ومع ذلك لا تزال الهند تضع العراقيل، إذ لم تتمكن آبل من فتح متاجر باسمها التجاري بسبب شرط أن يشتري تاجر التجزئة الأجنبي 30% من قيمة المبيعات في الهند من موردين محليين، وهو أمر صعب تنفيذه في دولة تكاد تخلو من نشاط تصنيع الإلكترونيات.
وقالت نيودلهي إنها تبغي تشجيع مزيد من الاستثمار الأجنبي في تجارة التجزئة وإن شرط التوريد يعتبر منطقياً بالنظر إلى أنه سيساعد على تطوير الصناعات المحلية.
تبيع آبل في الهند عن طريق قرابة 2000 متجر تجزئة و65 محلاً لها حقوق امتياز آبل في مراكز التسوق ومنافذ بيع أخرى. وتحدثت آبل مع مسؤولين حكوميين عن تغيير القيود التي تمنعها من البيع عبر الإنترنت.
كما تبيع آبل نسخ آي فون القديمة بأسعار مخفضة في الهند، وخارجها ولكن بربح كبير نسبياً، غير أنه مع اكتساب أجهزة منافسة مثل سامسونج الانتشار في أسواق صاعدة، تعيد آبل تخطيط أسلوبها ليلائم كل دولة على حدة.
وبدأت آبل مؤخراً السماح للعملاء الهنود بتسديد أسعار آي فون بأقساط لا تحمل فائدة، كما تعكف آبل على تطوير آي فون أقل تكلفة.
ومع ذلك لا تزال آبل في الترتيب السادس من حيث توريدات الهواتف المحمولة إلى الهند بعد سامسونج وسوني ونوكيا وإلى جي إلكترونيكس، وريسيرش إن موشن التي طرحت هاتفها بلاكبيري زد 10 المزود بشاشة اللمس في الهند مؤخراً.
نقلاً عن: «وول ستريت جورنال»
ترجمة: عماد الدين زكي
عدد اليوم
