السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

“قراقوش” زمانه !

29 نوفمبر 2009 23:46
وصلتني رسالة كئيبة موجعة وقاسية، من قارئة يائسة بدأتها بالجملة التالية: “إنني واثقة أن لا حل لديك ليس استخفافا بك.. ولكن لأنها فعلا ليس لها حل سوى من رب العالمين.. وقررت أن أكتب إليك كنوع من “الفضفضة” حتى أرتاح ولو قليلاً”. لن نشير إلى أية تفاصيل شخصية عن هوية أو صفات صاحبة الرسالة، احتراماً لخصوصيتها. إنما سأتوقف عند بعض الجمل التي اخترناها من رسالتها - بالنص الحرفي- ونتأمل قليلاً: “أنا فتاة أبلغ من العمر سبعة وعشرين عاماً، حرمت من فرص إكمال تعليمي، كما حرمت من العمل لا لسبب سوى أنهم متهاونون جدا جدا فيما يتعلق بمستقبلنا نحن البنات، ونبقى طول الوقت قابعين في المنزل لا نخرج إلا للضرورة القصوى، لأن “قراقوش” زمانه لا يسمح لنا بذلك”، وتقول: “السلطة في بيتنا الكئيب ينفرد بها أخي الذي يكبرني قليلاً، ولا ضير، إلا أنه لا يحترم أحدا، ولا يهتم بآراء الآخرين ومشاعرهم، فهو شخص متسلط وعنيد لدرجة بشعة، ويمسك بكافة الحقوق والصلاحيات والتحكم فينا نحن البنات وإذلالنا”. وتضيف “والله لا أكذب عليك، فأخي هذا مجرم بدرجة “سفاح”..لا تندهش ..إنه “سفاح” متمرس سولت له نفسه أن يريق دماء أحلى سنين عمرنا، وأن يحرم ما أحله الله بمزاجه الشخصي! وأن يتحكم بنا إلى أن وصلنا لهذه المرحلة من اليأس والاكتئاب”. وتتساءل القارئة المسكينة: “أين القانون الذي يعاقبه على جريمته في سرقة سنين عمرنا، وإذلالنا والتلاعب بنا وتحويلنا إلى خادمات بدرجة امتياز؟”. وتكمل: “تخيل أننا نقضي وقتنا، وكله فراغ كالأموات! كل ما نفعله هو أن نلقي بجثثنا على السرير ونستغرق في التأمل في سقف الغرفة!، إنني قرفت من عيشتي، ومللت هذه الحياة، وقد اختصرت مأساتي كثيراً، ولم أذكر لك واقعي المرير بكل بتفاصيله وأعرف أنك لا تستطيع حل مشكلتي أو مساعدتي”. حقيقة.. لم أشعر بالأسف والعجز كما شعرت بهما عند قراءة هذه الرسالة، لا لشيء سوى عدم القدرة على فعل شيء ما، من شأنه أن يرفع الغبن والقهر والظلم عن هذه الفتاة. أعلم أن هناك قيوداً وأمورا يعلقها ضعفاء النفوس على شماعات عديدة، وأعلم أن المجتمع وتقاليده بريئان من هذه التهم، فما حققته المرأة الإماراتية من إنجازات ونجاحات ومكاسب لم يسبقها إليها أحد، وما تحظى به من تكريم واحترام، يعد نموذجا أمام كثير من الشعوب ليحتذي به، وأتعجب أن يكون بيننا في هذا الزمان “قراقوش” بهذا المستوى من الفكر والانغلاق والرجعية. أقول لصاحبة الرسالة: “تفاءلي.. ولنحاول.. ولا تقنطي من حل يأتي من رب العالمين”. المحرر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©