السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانقلابات... أسئلة حول صدارة إفريقيا

19 ابريل 2012
بعد أن قرأت عن الانقلاب الذي وقع مؤخراً في غينيا بيساو، تساءلتُ حول معنى ودلالات وقوع انقلابين متقاربين زمنياً في إفريقيا، الأول في مارس (بمالي) والثاني في أبريل في غينيا بيساو. وقد صدر خلال السنوات الأخيرة العديد من البحوث والمقالات الصحفية التي تشير إلى أن فترة النزاعات الفظيعة في إفريقيا التي أعقبت نهاية الحرب الباردة قد باتت خلفنا، وأن الدول الإقليمية باتت تعالج خلافاتها الداخلية عبر الاحتكام إلى صناديق الاقتراع في جل الأحيان، في وقت قررت فيه الجيوش الإقليمية عموماً لزوم ثكناتها وعدم التدخل في السياسة الداخلية لبلدانها. وقد تبين أن ثمة القليل جداً الذي يمكن القلق بشأنه حتى الآن، على الأقل حسب "جاي أولفيلدر"، الذي يكتب في مدونته الإلكترونية الرائعة "Dart-Throwing Chimp". و"أولفيلدر" عالم سياسي يركز على الجانب الكمي، حيث يستعمل التحليلات الإحصائية في محاولة التنبؤ بالاتجاهات المحتملة في كل شيء من المجاعة إلى الحروب. ولئن كنتُ أنتمي عموماً إلى الفريق الذي ينظر إلى العلماء السياسيين المعاصرين على أنهم يركزون أكثر مما ينبغي على الرياضيات، على حساب دراسة الجوانب الثقافية والنفسية، إلا أنني استمتعتُ كثيراً أثناء تصفح مدونته منذ أن اكتشفتها. وفي مقال نشره على مدونته الأسبوع الماضي، تطرق "أولفيلدر" للتساؤل الذي يحيرني بشكل مباشر: "هل باتت إفريقيا مهووسة بالانقلابات في 2012؟". الجواب المختصر هو "لا" قاطعة. ومن أجل مزيد من الشرح والتوضيح، أرفق "أولفيلدر" مقاله برسم بياني يقيس وتيرة الانقلابات في إفريقيا؛ وتفاصيل الأدوات الإحصائية منشورة على مدونته. أما الخلاصة، فهي أن إفريقيا عرفت ثلاث موجات واضحة للانقلابات: "في منتصف عقد الستينيات، بعد بضع سنوات على بداية حركة التحرر من الاستعمار؛ وأخرى في أوائل عقد التسعينيات، بعد نهاية الحرب الباردة؛ وثالثة في أواخر عقد التسعينيات، عندما انخفض معدل الانقلابات في المنطقة بشكل حاد. وفي هذه الأثناء، فإن الحدثين اللذين شوهدا حتى الآن في 2012 يبدوان عاديين تماماً، حيث يوافقان نفس المعدل الذي سجل خلال العقد الماضي تقريباً وما زالا دون حالة الارتفاع الأخيرة المتمثلة في ستة انقلابات في 2008". ومما لاشك فيه أنه يمكن أن يحدث مزيد من الانقلابات هذا العام، إلا أن الأمر سيتطلب ستة انقلابات على الأقل حتى تخرج إفريقيا من نطاقها الإحصائي الأخير، وحينها فقط يمكن الحديث عن كون القارة السمراء بصدد الدخول في موجة انقلابات جديدة. وقد عثرت على مدونة "أولفيلدر" أول مرة عندما قام شخص ما بنشر مقاله لشهر يناير الذي يحمل عنوان "تقييم احتمالات انقلابات في 2012"؛ وقام فيه بحساب أربعة "عوامل خطر" هي: معدل وفيات الأطفال، ودرجة الديمقراطية، والنشاط الانقلابي مؤخراً، واستقرار بلد ما منذ نهاية الحرب الباردة. ومن أصل البلدان العشرة الأولى الأكثر تعرضاً للخطر (يقدم أولفيلدر جدولاً يضم قائمة البلدان الأربعين «الأكثر تعرضاً للخطر»، حسب تقديراته) هناك ثمانية توجد في إفريقيا، تحتل فيها غينيا بيساو المرتبة الثانية، بينما تأتي مالي في المرتبة العاشرة. هذا في حين تحتل النيجر، التي لديها أوجه شبه وقواسم مشتركة مع مالي (مجموعات طوارق تقاوم سيطرة الحكومة المركزية، وتاريخ من التشابك مع ليبيا في عهد القذافي) في المرتبة الأولى. ومن البلدان التي تضمها القائمة هناك -بالترتيب- تشاد، وغينيا، ومدغشقر، والكونجو، وموريتانيا، وبنغلاديش، وجمهورية إفريقيا الوسطى. هذا في حين تحتل السودان المرتبة الحادية عشرة، بمجموع يماثل مجموع مالي. غير أن تقييم "أولفيلدر" للخطر ليس تنبؤاً بأنه من المحتمل جداً حدوث انقلاب في بلد معين في سنة معينة، حيث يكتب موضحاً: "كما هي العادة مع كل التنبؤات الإحصائية للأحداث النادرة، فإن التقديرات في معظمها قريبة من الصفر (في المتوسط، مجموعة صغيرة فقط من محاولات الانقلاب تحدث عبر العالم كل سنة، وقد أضحت أكثر ندرة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ انظر إلى مقالات سابقة في المدونة من أجل مزيد من التفاصيل). ثم إن على المرء أن يتذكر أن "الانقلاب" و"الانتفاضة" ليسا نفس الشيء، مثلما هو حال سوريا، التي لم تدخل قائمته للبلدان الأربعين الأولى المهددة. وفي هذا السياق، يقول أولفيلدر: "من أجل فهم هذا التنبؤ، من المهم فهم كون تخصيص معدل منخفض لاحتمال حدوث محاولة انقلاب في سوريا في 2012 ليس هو نفس الشيء كتوقع أن بشار الأسد أو نظامه سيصمد ويبقى خلال العام. قد يبدو الأمر أشبه بإنجاز تمييزات دقيقة على نحو غير معقول، غير أن تعريفات الانقلابات التي استعملت لبناء البيانات التي تبنى عليها هذه التنبؤات لا تشمل حالات استقال فيها زعماء بلدان تحت الضغط أو أسقطوا على أيدي مجموعات متمردة. ولذلك، فإن التنبؤات في حالة سوريا تشير فقط إلى أنه من غير المرجح أن يطاح بالأسد من قبل قواته الأمنية. والواقع أن تحليلي للبلدان التي من الأرجح أن تعرف عمليات انتقال ديمقراطية في 2012 تضع سوريا ضمن البلدان العشرة الأولى على تلك اللائحة". دان مورفي لندن ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©