الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات من التراث: البشارة

حكايات من التراث: البشارة
16 سبتمبر 2008 01:07
خرج أبوطالب بن عبد المطلب في ركب إلى الشام تاجراً، فلما تهيأ للرحيل وأجمع المسير، تعلق به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما يزعمون، فرق له وقال: والله لأخرجن به معي ولا يفارقني ولا أفارقه أبداً· فخرج به· فلما نزل الركب بصري مروا ببحيري - وكانوا كثيراً ما يمرون به قبل ذلك فلا يكلمهم، ولا يعرض لهم - حتى كان ذلك العام، فلما نزلوا به قريباً من صومعته صنع لهم طعاماً يا معشر قريش، وأحب أن تحضروا كلكم صغيركم وكبيركم، وعبدكم وحركم· قال له رجل منهم: والله يا بحيري إن لك لشأنا اليوم! ما كنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيراً! فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرى: صدقت، قد كان ما تقول؛ ولكنكم ضيف، وقد أحببت أن أكرمكم وأصنع لكم طعاماً، فتأكلوا منه كلكم· فاجتمعوا إليه، وتخلف رسول الله من بين القوم لحداثة سنه، في رحال القوم تحت الشجرة، فلما نظر بحيرى في القوم، ولم ير الصفة التي يعرف ويجدها عنده قال: يا معشر قريش، لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي· قالوا له: يا بحيرى، ما تخلف عنك أحد ينبغي له أني أتيك إلا غلاماً، وهو أحدث القوم سناً· فقال: لا تفعلوا، ادعوه فليحضر هذا الطعام معكم· فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزى إن كان للؤم بنا أن يتخلف ابن عبدالله بن عبدالمطلب عن طعام من بيننا· ثم قام إليه فاحتضنه، وأجلسه مع القوم· فلما رآه بحيرى، جعل يلحظه لحظاً شديداً، وينظر إلى أشياء من جسده - وقد كان يجدها عنده من صفته - حتى إذا فرغ القوم من طعامهم، وتفرقوا؛ قام إليه بحيرى فقال: يا غلام؛ أسألك بحق اللات والعزى إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه - وإنما قال له بحيرى ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما· قال الراوي: زعموا أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: لا تسألني باللات والعزى شيئاً فوالله ما أبغضت شيئاً قط بغضهما! فقال له بحيرى: فبالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه! فقال له: سلني عما بدا لك· فجعل يسأله عن أشياء من حاله في نومه وهيئته وأموره، فجعل رسول الله يخبره؛ فيوافق ذلك ما عند بحيرى من صفته، ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده· فلما فرغ أقبل على عمه أبي طالب، وقال له: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني· قال له بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا! قال: فإنه ابن أخي· قال: فما فعل أبوه؟ قال: مات وأمه حبلى به· قال: صدقت! فارجع بابن أخيك إلى بلده، واحذر عليه يهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شراً، فإن لابن أخيك هذا شأناً عظيماً، فأسرع به إلى بلدك· فخرج به أبوطالب سريعاً حتى أقدمه مكة حين فرغ من تجارته بالشام!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©