الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

مقديشو الصغرى... مدينة صومالية في أميركا!

29 نوفمبر 2009 23:50
بوب دروجين مينيابوليس على بعد عدة مساكن من "نهر المسيسيبي" يقوم حي سكني لم يكن لـ"مارك توين" الروائي الأميركي الشهير أن يتخيل إمكانية وجوده من الأساس. ففي هذا الحي يمكنك أن ترى رجالا ذوي لحى مخضبة بالحناء ذات اللون الأحمر الفاقع، ونساء يرتدين العباءة والنقاب الذي يغطي الوجه بأكمله، ومطاعم تحمل أسماء مثل" ما شاء الله" ومقاهي تحمل أسماء مثل "علي أمين" ومكاتب لتحويل الأموال بالفاكس، ومسجداً كبيراً يحمل اسم" القانتين" وغيرها من المنشآت والأبنية المشابهة. "عندما جئت إلى هنا كمهاجر عام 1995، لم يكن هناك سوى عدد محدود من الصوماليين وكنا نشعر بأننا وحيدون" هذا ما تقوله "أدار كاهين" (48 عاماً) التي كانت تعمل مطربة في وطنها الصومال قبل قدومها إلى الولايات المتحدة، وتعمل الآن كمتطوعة في أحد مراكز المجتمع التي تخدم الجالية التي تنتمي إليها. وتضيف "كاهين" بمرح: "أما الآن فإن الجميع قد أصبحوا هنا إلى درجة أننا قد أصبحنا نشعر بأننا نعيش في مقديشو وهو ما دعانا إلى أن نطلق على الحي الذي نعيش فيه اسم "مقديشو الصغرى". وهذا الحي الكائن في "مينيابوليس" الذي يعتبر عاصمة الشتات الصومالي في الولايات المتحدة يوفر عدة أشياء في ذات الوقت هي: الأمن، والتجدد، واليأس، والخوف. كما يمثل إلى جانب ذلك، خصوصاً بالنسبة للأجيال الشابة من الصوماليين، مكاناً انتقالياً، وبحثاً عن الهوية. يقول "سعيد فاهية" الذي وصل إلى الولايات المتحدة في عام 1997، ويرأس في الوقت الراهن مجموعة من الاتحادات والجمعيات الصومالية العاملة في أميركا: "إن الحفاظ على الهوية في أوضاع مثل هذه التي نعيشها أمر غاية في الصعوبة"، ويوضح ذلك بقوله: "في الصومال، وبمجرد أن يصل الصبي إلى سن التاسعة يتم تعليمه كافة التقاليد الصومالية والإسلامية، كما يتم تعريفه بكل شيء عن عشيرته وقبيلته وتاريخها لخمسة وعشرين جيلا على الأقل... أما هنا فليست هناك إمكانية لتعليم كل هذه الأشياء، كما لا يوجد سياق لذلك أساساً". وبالنسبة لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف.بي.آي" أصبح حي "مقديشو الصغرى" مركزاً لتحريات مكثفة يجريها ضباط القسم للكشف عن شبكات تجنيد تقوم بإرسال المتطوعين إلى الصومال للالتحاق بجماعة "شباب المجاهدين" الإسلامية المتطرفة. ويقول ضباط "إف.بي.آي" إن الفقر والحرب الداخلية بين العصابات الصومالية، والمساكن المزدحمة، قد أنتجت واحدة من أخطر الشبكات المرتبطة بالإرهاب في الولايات المتحدة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر. كما كشف محققو المكتب عن توجيه تهم بممارسة الإرهاب ضد ثمانية من الرجال الصوماليين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، وأن سبعة منهم لا يزالون طليقي السراح. ويرفع هذا عدد المدانين والمتهمين بالإرهاب في مينيابوليس، أو الذين اعترفوا بضلوعهم فيه، إلى 14 شخصاً هذا العام فقط. وقد وجهت سلطات التحقيق الأميركية إلى هؤلاء تهم تلقين، وتجنيد، وتدريب الشباب الصوماليين المحليين وإعدادهم للانضمام إلى المليشيات الإسلامية التي تشن حرباً ضد الحكومة الصومالية المدعومة من قبل الولايات المتحدة. ويقول بعض أبناء العائلات الصومالية إن ستة شباب صوماليين من مينيابوليس قد لقوا حتفهم في الصومال خلال الثلاثة عشر شهراً الأخيرة، منهم واحد يعتقد ضباط "إف.بي.آي" أنه انتحاري. كما يعتقدون أن 20 شاباً صومالياً من الذين كانوا يعيشون في مقديشو الصغرى قد حملوا السلاح هناك في وطنهم الأم ضد الحكومة الشرعية. ويتكهن "فاهية" بأن هؤلاء الذين ذهبوا للصومال "يحاولون استرداد هويتهم الضائعة، ويسعون لإيجاد مهمة وهدف لهم في الحياة، ويريدون إلى جانب ذلك أن يعرفوا من أين جاءوا، ومَن يكونون". وقد أشارت التحريات التي أجراها ضباط "إف.بي.آي" إلى أن بعض أعضاء المجموعات التي سافرت إلى الصومال هم من أتباع "أنور العولقي" وهو رجل دين متطرف مولود في أميركا كان يلقي محاضرات تعبئة للعنف من خلال الإنترنت. وقد تبين أن الرائد "نضال مالك حسن" الأميركي من أصل فلسطيني المتهم بقتل 13 من زملائه في قاعدة "فورت هود" في تكساس في تاريخ سابق من هذا الشهر قد تبادل رسائل إلكترونية مع العولقي الذي يتخذ من اليمن مقراً له في الوقت الراهن. ويقول "عمر جمال"، وهو مدير "مركز عدالة الصومال الحقوقي" إن محاضرات العولقي المتشددة قد ألهمت العديد من الشباب الصومالي للسفر إلى بلادهم الأصلية، والالتحاق بجماعة "شباب المجاهدين" المتطرفة، وخصوصاً بعد أن أثنى أكثر من مرة في محاضراته على هذه الجماعة التي يقول الأميركيون إنها مرتبطة بتنظيم "القاعدة". ويستطرد "جمال": "لقد تبادلوا الرسائل الإلكترونية ونشروها على المدونات التي يستخدمونها. ومن خلال قراءة هذه الرسائل تبين لنا أن هؤلاء الشباب كانوا يدعون له بالنجاح في مهمته، كما كانوا يشاهدون أفلامه الفيديوية". ومع ذلك، في تيار الحياة اليومية في مقديشو الصغرى قد لا يسمع بعض الأشخاص كلمات الدعوة للعنف بنفس درجة الوضوح التي يسمعها بها آخرون. فعندما التقيت ببعض الشباب الصوماليين الذين كانوا يقفون خلف مركز خدمة المجتمع التابع للجالية قال لي بعضهم إنهم يشعرون بأن العنف شيء بعيد جداً، أو أنه يتم في أرض نائية بعيدة كل البعد عن أميركا. وقال أحد هؤلاء الشباب ويدعى "نور بوسير" ويبلغ من العمر 18 عاماً: "عندما كنا نذهب للعب البيسبول في الملعب الموجود في المركز، كان هؤلاء الشباب الذين عرفنا فيما بعد أنهم ذهبوا إلى الصومال يذهبون لتلقي الوعظ الموجه. وعلى نحو ما يمكن القول إنه كان يتم إجراء عملية غسيل مخ لهم وهو ما قادهم في مرحلة لاحقة للسفر إلى الصومال للقتال... والآن أين هم؟ لقد ماتوا". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©