الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

رمضان العَمّانيين: مزيج من متعة الواقع والتدين

رمضان العَمّانيين: مزيج من متعة الواقع والتدين
16 سبتمبر 2008 01:26
لليل رمضان لدى العمّانيين، نسبة إلى العاصمة الأردنية عمان، طعم مختلف ونكهة مغايرة عن باقي أيام السنة، نابعة من طقوس يختص بها الشهر ما لبثت أن رسخت في وجدان الأردنيين مع مرور الوقت· ولعل أولى مؤشرات الاحتفاء بقرب الشهر الفضيل تظهر جليا في تعليق رموز الأهلّة المضاءة على شرفات المنازل وأبوابها استبشار خير من شعب أنهكته أكلاف المعيشة اليومية، وأسعار المشتقات النفطية ''الملتهبة''· وتتسابق الأسر على اقتناء هلال أو أكثر مضاءة بألوان حمراء وزرقاء تعجب النظار وخصوصا الأطفال الذين يلحون على ذويهم لشرائها· لكن أكثر ما يلفت الانتباه، حالة التداخل بين الالتزام الديني الذي يظهر جليا في التدافع على صلاة التراويح من قبل الشباب تحديدا الذين ينصرفون بعد انتهاء الصلاة إلى مجالس السمر، ولعب الورق ''الشدة ''· وتغص المقاهي بزائريها المعتادين وغير المعتادين للعب ''الهند''، و ''الطرنيب''، و''طاولة النرد''، ومن بين هؤلاء تجد كبار السن الذين ينتبذون أماكنهم في الزوايا البعيدة عن ضوضاء الشباب التي تصم الآذان أحيانا· رفيقتهم في هذه الليالي الحميمية ''النرجيلة'' (الشيشة) التي يكثر الطلب عليها في رمضان، فتجد ألسنة الدخان وقد غلفت المكان بسحب الدخان الذي يعبق المكان بروائح المعسل بنوعيه ''التمباك والبحريني''· والملاحظ في المشهد الذي تسجله مقاهي عمان أن التلفاز في هكذا أماكن حاضر غائب، فانشغال مرتادي المقاهي باللعب الذي يحتدم التنافس فيه، يجعلهم غير مكترثين بما يعرض على الشاشة الصغيرة من مسلسلات درامية حظيت بالترويج والتسويق قبل حلول الشهر· وللمقاهي مستويات مختلفة في مجتمع منقسم إلى ثلاث طبقات، جراء التباين في الدخول، الثرية والفقيرة والمتوسطة التي يخشى من ذوبانها مع مرور الوقت· فرواد مقاهي المناطق الشعبية، شرق عمان ووسط البلد مثلا، من أوساط العمال والحرفيين، مقارنة مع مقاهي غرب عمان التي يتوافد عليها أبناء الطبقة الثرية والسياسيون ورجال الأعمال الذين يجدون فيها فرصة لمناقشة أوضاع البلد التي تشهد سخونة رفعت من سخونة نهارات صيف أيلول (سبتمبر) الملتهبة نتيجة المواجهة بين ما اصطلح على تسميتهم بـ''اللبراليين'' و''المحافظين''· غير أن مظاهر رمضان لدى العَمّانيين لا تقتصر على المقاهي بل تتجسد في الخيم الرمضانية أيضا التي ترعى الحكومة والقطاع الخاص غالبيتها كنوع من الدعاية للشركة التي تزدان خيمها بمنشورات تروج لمنتجاتها· إلا أنها في المحصلة تسد من رمق فقير تقطعت به السبل خصوصا وأنه يفد إلى الخيم المئات ممن دخولهم تدنت عن خط الفقر العام للفرد في الأردن والبالغ 504 دنانير سنويا (نحو ألفين وستمائة درهم)، بزيادة مقدارها 28,6% عما كان عليه في عام ،2002 والبالغ آنذاك 392 دينارا، وفق أرقام دائرة الإحصاءات العامة لعام ·2006 ولا يجد الباحثون عن أجواء المرح في الشهر الفضيل صعوبة في تحقيق أمانيهم إذا ما توجهوا الى أحد الفنادق التي تقدم عرضا لسهرة رمضانية تتخللها وصلات غنائية لمطرب ''مغمور''، ومشاريب ''باهظة الثمن'' إلا أنها تحقق المراد في ''متعة غير ماجنة''· ولا يغيب عن المشهد الرمضاني رواج العروض المسرحية التي تقدم لون ''الكوميديا السوداء الساخرة'' من الأوضاع المحلية على غرار مسرحية ''نشرة غسيل لايف'' التي تتناول شخصية الأردني بكل ما فيها من معاني الكرم، والنخوة، والإيمان، والعنجهية، والفهلوة، والنفاق، وهي مستوحاة من الأخبار والأحداث اليومية التي يعيشها المجتمع المحلي·
المصدر: عمان
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©