السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أستراليا وتحدي الاعتماد على الصين

19 ابريل 2013 23:17
ويليام بيسك محلل سياسي مقيم في طوكيو حين يُنظر إليها من بعيد، قد تبدو الأخبار جيدة جداً حتى عندما تكون سيئة. فالبطالة في أستراليا بلغت الشهر الماضي أعلى مستوى لها منذ ثلاث سنوات إذ وصلت إلى 5,6 في المئة. ولاشك أن زعماء مثل أوباما أو أولاند قد يفعلون أي شيء للحصول على مثل هذا الرقم. كما أن أستراليا تجنبت الركود على مدى 21 عاماً، وتفخر بميزانية تقترب من تحقيق الفائض، وما زالت تتمتع بمعدل تضخم منخفض. ولذلك، يمكن القول، إن البلاد تستحق علامة ممتازة على الصعيد الاقتصادي. وهذا الأداء المتألق يفترض أن يجعل رئيسة الوزراء جوليا جيلارد هي الأوفر حظاً للفوز بولاية أخرى، أليس كذلك؟ ولكن على نحو غريب، تبدو فرص حزب جيلارد -حزب العمل- ضئيلة مع ظهور كل حزمة بيانات اقتصادية جديدة. ذلك أن أقل من 30 في المئة من الناخبين الأستراليين راضون عن رئيسة الوزراء -وهو أضعف أرقامها منذ سبتمبر 2011. (وفي المقابل، فإن 35 في المئة راضون عن زعيم المعارضة توني آبوت، وفق استطلاع رأي لـ»نيوز بول» نشر في صحيفة «ذي أستراليان» في التاسع من أبريل). ويعتبر انعدام الأمن الاقتصادي مبعث القلق الرئيسي بين الناخبين. وقد تم تذكيرهم بذلك يوم الاثنين، عندما أعلنت الصين عن تباطؤ نموها، ما أدى إلى هبوط في الأسهم الرئيسية لأستراليا إلى أدنى مستوى لها منذ شهر. وفي هذا السياق، قالت لوري براكر، وهي موظفة تأمينات في الرابعة والثلاثين من عمرها، في سيدني الأسبوع الماضي: «لقد ضقتُ ذرعاً بهذه الحكومة التي تقول مراراً وتكراراً كم أننا محظوظون، وكيف أن الجميع يحسد أستراليا»، مضيفة «إننا في حاجة إلى كلام أقل ومساعدة أكثر من أجل التعاطي مع ارتفاع الأسعار، ولتقدم أكثر من أجل خلق وظائف جديدة وأفضل من حيث الرواتب». هذه التخوفات ليست حكراً على أستراليا بالطبع؛ ولكنها تعكس مفارقة جيرالد. فحكومتها التي أمضت ثلاث سنوات تقريباً التزمت بالقواعد: حيث حافظت على الميزانية الوطنية في مستوى يحقق الفائض، أو قريباً منه، واتبعت سياسة نقدية بطريقة ذات صدقية، وفعلت أكثر مما فعله آخرون بخصوص فرض ضريبة على انبعاثات الكربون التي تؤدي إلى ارتفاع حرارة كوكب الأرض. ولكن، ما هو الشكر الذي حصلت عليه أستراليا مقابل اتباعها توصيات الغرب؟ دولار أسترالي مرتفع القيمة على نحو مبالغ فيه أخذ يُضعف القطاعات التصديرية للبلاد. وعندما نفكر في اقتصادات عرضة للجانب المظلم من معدلات فائدة تعادل الصفر، فإن بلداناً مثل الولايات المتحدة واليابان والبرازيل وتايلاند تقفز إلى أذهاننا. غير أن العملة الأسترالية ارتفعت بـ 75 في المئة مقابل الدولار الأميركي، وبـ 89 في المئة مقابل الين الياباني منذ أن أدى انهيار مؤسسة «ليمان براذرز» في 2008 إلى أزمة مالية عالمية. وعندما سألتُ مسؤولين حكوميين وزعماء شركات في سيدني الأسبوع الماضي عن أسباب تشاؤمهم بشأن المستقبل، نطقوا بكلمتين: الدولار القوي. غير أنه آن الأوان كي يكف الزعماء الأستراليون عن التذمر والشكوى من سوء الوضع، والشروع في معالجة نقاط الضعف الحقيقية في اقتصادهم. فمنذ سنوات وبلدهم «بلد محظوظ»، مثلما جاء في عنوان كتاب لدونالد هورن عام 1964. وفي هذا السياق، يمكن المجادلة بأنه ليس ثمة اقتصاد متطور استفاد من الإصلاحات التي أطلقها دينج زياو بينج في الصين أواخر السبعينيات أكثر من أستراليا؛ حيث أدت الطفرة الصينية إلى ارتفاع الطلب على الموارد الطبيعية لأستراليا، مثل الحديد والفحم والنحاس. ونتيجة ذلك، تأتـّى النمو السريع بسهولة كبيرة تقريباً. كما استفادت أستراليا من وزراء خزانة محنكين، مثل ذراع جيلارد الأيمن واين سوان، وكذلك بيتر كوستيلو وزير المالية في حكومة جون هاورد السابقة. غير أنهم لم يديروا الشؤون المالية للبلاد سوى في الأوقات الجيدة في الواقع. وعلاوة على ذلك، فإن المسؤولين المنتخَبين ركزوا جهودهم على الحفاظ على استمرار طفرة السلع الأسترالية. وعلى سبيل المثال، فإن قطاع المناجم يستحوذ على قدر كبير من اهتمام الحكومة، على رغم أنه لا يوظف سوى 2,5 في المئة من اليد العاملة. غير أن السياسيين ينسون أن «هورن» اختار عنوان كتابه ذاك من باب التهكم والسخرية، ولم يقصده حرفياً. حيث كتب يقول: «إن أستراليا بلد محظوظ... إذ يدير شؤونه أناس من الدرجة الثانية يتقاسمون حظه». وبدلاً من استغلال الدولار القوي كسبب لوقف اعتماد بلدهم على الصين، يحث السياسيون في كانبيرا ومديرو الشركات من سيدني إلى «بيرث» البنك المركزي على الهبوب لنجدتهم؛ حيث تخلت جيرالد وآخرون تقريباً عن مسؤولياتهم لجيلِن ستيفنس، حاكم البنك المركزي الأسترالي. والحال أنه يجدر بالزعماء الأستراليين أن يستغلوا هذا الوقت لإعداد بلدهم لليوم الذي سيبدأ فيه الطلب الصيني على السلع الأسترالية يقل على نحو حتمي. كما يجدر بالحكومة أن تغتنم أدنى معدلات منذ 53 عاماً للاقتراض والاستثمار، خاصة أن ثمة حاجة للأموال من أجل إعادة بناء البنية التحتية المتقادمة والنهوض بالنظام التعليمي، وتشجيع انتقال إلى تصنيع ذي قيمة مضافة مرتفعة، وتشجيع الابتكار. كما يجب على الصناعة الأسترالية أيضاً أن تعيد صنع نفسها وإيجاد طرق للتنافس، وخلق الوظائف، وزيادة الإنتاج، ومعالجة الأخطار التي يطرحها تغير المناخ. ومثلما يقول تيري ديفيس، المدير في «كوكا كولا أماتيل»، ففي وقت أخذ فيه الدولار القوي «يقضي على» الصادرات، فإن «الحل الوحيد هو تحسين البحث والتطوير». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم سي تي إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©