الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

في هايتي··· التجارة هي الحل

في هايتي··· التجارة هي الحل
16 سبتمبر 2008 02:14
ألحقت العاصفة الاستوائية ''هانا'' أضراراً بالغة بهايتي، البلد الذي يعاني أصلا من مشكلات عديدة ويمر بأزمة طاحنة بسبب تفشي الأمراض ونقص الغذاء، ناهيك عن العنف والفقر المدقع بعدما أشارت التقارير الإعلامية أن عدد القتلى قد يفوق ما خلفه إعصار ''جين'' في العام 2004 الذي لقي فيه أكثر من 3 آلاف شخص حتفهم؛ واليوم تعيش المناطق الساحلية الوسطى من الجزيرة أوقاتا عصيبة بعدما غمرتها مياه الفيضانــات التي وصـــل علوهــا في بعــض القرى إلى عشــرة أقــدام، ما تسبب في نزوح ما لا يقل عن 150 ألفا من سكان هايتي من منازلهم وتشردهم في مناطق بعيدة، ناهيك عن توقف السيارات عن العمل، بالإضافة إلى النقص الحاد في مياه الشرب والطعــام والمأوى؛ وكأن ذلك لا يكفي الجزيرة المنكوبة فتأتي مياه الإعصار الأخير ''آيك'' لتفاقم الأزمــة وتزيــد من متاعــب الأهالي؛ والواقع أن الكوارث الطبيعية التي تضرب ''هايتي'' تأتي فقط لتنهــك بلـــدا يعاني أصــلا من مشاكل اقتصادية وسياسية خانقــة، فحتى في الظروف العادية تسببت نسبة البطالة المرتفعة وشح المواد الغذائية في تأجيج الاضطرابات السياسية وانتشار مظاهر العنف في أنحاء البلاد المتفرقة· ولتفادي الأسوأ اتخذ الكونجرس الأميركي خطوة مهمة تهدف إلى التخفيف من معاناة هايتي والإسهام في حل بعض مشاكلها، عبر تضمين قانون الزراعة الذي صادق عليه لغة جديدة توسع من الفوائد التجارية والقانونية التي تستفيد منها هايتي في علاقتها الاقتصادية مع الولايات المتحدة؛ وعلى المشرعين الأميركيين الذين دعموا هذه الخطوة تجديد التزامهم تجاه هايتي، والتأكيد على دعمهم الاستثمار في الجزيرة لإعادة الثقة إلى أهلها وإخراجهم من الفقر الذي يحاصرهم؛ فقد بلغ الفقر مستويات يصعب على الأميركيين تخيلها بعدما وصل معدل البطالة إلى80 بالمائة حيث أكثر من نصف الهايتيين يعيشون بأقل من دولار في اليوم الواحد؛ ومع أن سكان الجزيرة يحبون العمل ويبذلون أقصى جهدهم للرفع من مستواهم المعيشي يبقى النمو السنوي للدخل الفردي ضعيفا، إذ ظل طيلة الخمس عشرة سنــــة الماضيــــة سلبيــــــا بنسبــــــة 2 بالمائة، لذا لن تستطيع المساعدات الأميركية تحسين ظروف الهايتيين مهما بلغ سخاؤها لأن المطلوب وعلى نحو مستعجل، هو تدفق الاستثمارات الأجنبية لخلق المزيد من الوظائف وتطوير البنية التحتية· فقبل حوالي العامين مرر الكونجرس الأميركي قانوناً للشراكة مع هايتي يشجع على الاستثمار في الجزيرة، يطلق عليه اختصاراً بقانون ''أمل''، وذلك من خلال استخدام بعض الحوافز التجارية لإقناع المستثمرين على الذهاب إلى هايتي؛ والواقع أن القانون الجديد جاء ليصحح اختلالا في قانون التجارة مع أفريقيا الذي يعترف بحاجاتها الاقتصادية، لكنه يغفل الحاجيات الملحة لأحد أفقر البلدان القريبة من السواحل الأميركية؛ هذا القانون الذي أعاد بعض الاعتبار للعلاقة مع هايتي يسمح بدخول الملابس التي تمت خياطتها في الجزيرة إلى السوق الأميركية معفاة من الرسوم الجمركية، لا سيما الملابس التي تجمع أجزاؤها في هايتي وتستقدم من بلدان تربطها مع الولايات المتحدة اتفاقيات إقليمية للتجارة الحرة؛ واللافت أن هايتي قبل عشرين عاما كانت إحدى الدول الرائدة في خياطة الملابس الجاهزة، بحيث كان يوفر هذا القطاع العمل لأكثر من 300 ألف شخص، ليتقلص ذلك العدد في السنة الماضية إلى 30 ألفا فقط؛ لكن وخلال الستة أشهر الأولى منذ بدء العمل بقانون ''أمل''، استحدثت أكثر من ثلاثة آلاف وظيفة، وربما تتمكن هايتي مجددا في حال تدفق المزيد من الاستثمارات استعادة مكانتها السابقة والتخفيف من معاناة سكانها· ورغم المقاومة التي واجهت بها صناعة النسيج الأميركية مسألة فتح أسواقها أمام المنتجات الهايتية خشية فقدان الوظائف في الولايات المتحدة، إلا أن الواقع يشير إلى غير ذلك؛ فالقانون الجديد الذي ينص على معاملة تفضيلية لهايتي سيعيد الوظائف من الشرق الأقصى إلى الولايات المتحدة، لأنه خلافا للأرباح المالية في الشرق تُنفق العائدات التي تجنيها هايتي من تجارتها الخارجية والاستثمارات الأجنبية في السوق الأميركية؛ الأكثر من ذلك أنه عندما تقوم هايتي بخياطة الملابس الجاهزة فهي تعتمد على أزرار صنعت في أميركا، فضلا عن مواد أخرى تدخل في صناعة النسيج؛ والعيب الوحيد في قانون ''أمل'' هو الفترة الزمنية القصيرة التي يغطيها، بحيث لا تتعدى ثلاث سنوات، والحال أنه لكي يواصل النمو الاقتصادي حركيته ولكي تستمر الاستثمارات الأجنبية في التدفق على البلد يتعين على الكونجرس تمديد العمل بالقانون، وما يضمنه من حوافز تجارية لهايتي، لعشر سنوات أخرى، بل وتسهيل الإجراءات القانونية حتى تتمكن المنتجات الهايتية من منافسة نظيرتها الآسيوية· وأخيرا علينا أن ندرك بأنه من مصلحتنا أولا وقبل كل شيء دعم الاستقرار والازدهار في هايتي، لا سيما وأن البلد لا يبعد سوى بثمانين دقيقة عن ساحل ميامي، بالإضافة إلى الروابط الجغرافية والتاريخية والإنسانية المشتركة والاحتمال القائم دائما لتدفق اللاجئين إلى السواحل الأميركية؛ ولا ننسى أننا سبق أن أرسلنا قواتنا مرتين إلى هايتي وما لم تتحسن الأوضاع فقد نضطر إلى إرسالهم مرة أخرى· مايك ديواين سيناتور جمهوري سابق من أيوا ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©