الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الفجوة الغذائية... تحدٍّ عاجل في باكستان

30 نوفمبر 2009 23:33
سيد محمد علي باحث وكاتب عمود في «الديلي تايمز» - لاهور لم ينتهِ بعد الخلاف المستمر منذ شهر حول مشروع قانون كيري- لوغار- بيرمان في باكستان. ويخاف معارضو هذا القانون، الذي يوفّر 7.5 مليار دولار كمعونة غير عسكرية لباكستان خلال فترة خمس سنوات، من أن يؤدي إلى الحدّ من سيادة الدولة، بينما يصر أنصاره على أن القصد منه هو تمكين الولايات المتحدة من مساعدة باكستان على التركيز على الاحتياجات التنموية على المدى البعيد، لا غير. وقد حازت العناصر السياسية لمشروع القانون هذا اهتماماً واسع النطاق من قبل السياسيين ووسائل الإعلام في البلدين. ومن جانبه أصدر مجلس الزراعة الأميركي مؤخراً بياناً من إسلام آباد لتطمين الجمهور بأن كمية كبيرة من الأموال سيتم استثمارها بموجب مشروع القانون لتعزيز الإنتاجية الزراعية في باكستان. ويتعين على الأميركيين والباكستانيين على حد سواء الاهتمام بهذه الناحية التي لا تؤخَذ في الاعتبار كثيراً، حيث إن التنمية الزراعية تعتبر أمراً رئيسياً في مستقبل باكستان. وفي الوقت الذي يتم فيه توجيه الكثير من المعونة الخارجية لباكستان باتجاه محاربة التطرف والحد من معدلات الأميّة، اعتبرت منظمة الصحة العالمية الجوع باعتباره التهديد العالمي الأكثر خطورة. وتشير بيانات البحوث من كافة أنحاء باكستان إلى وجود سوء تغذية مستشرٍ بين الفقراء في المناطق الريفية والحضرية بما يشكّل تهديداً متزايداً لاستقرار الدولة، وعائقاً أمام النمو الاجتماعي والاقتصادي على صعيد عام. وحتى يتسنى تحقيق الأمن الغذائي، تحتاج حكومة إسلام آباد المنتخَبة لأن تلتزم بشكل أكثر وضوحاً بسياسات الأمن الغذائي على المديين البعيد والقريب. وبذلك تضم الأعمال السياسية الناتجة ليس فقط تخصيص أموال مناسبة لزيادة الإنتاج الزراعي، وإنما كذلك ضمان توفّر البذور المأمونة والصحيّة لجميع المزارعين في البلاد، وإيجاد التوازن الصحيح بين إنتاج المحاصيل الغذائية والنقدية، وهو أمر لا يخاطبه مشروع قانون كيري- لوغار- بيرمان بشكل خاص. وعلى رغم أن ملامح الالتزام الأميركي المتجدد بتقديم المعونة إلى باكستان في القطاع الزراعي لم يجرِ تقريرها بعد، إلا أن هناك حديثاً متزايداً حول التشجيع على استخدام أنواع هجينة من القطن خالية من الفيروسات، والمساعدة على ضمان الحصول على العلامات التجارية لحقوق الملكية الزراعية الباكستانية المهملة، وهي إجراءات تتناسق مع الإصلاحات الزراعية العامة التي توافق عليها منظمة التجارة العالمية لصالح الدول النامية. وتخطط الحكومة الباكستانية، في ضوء زيادة تحول المواد الغذائية إلى سلع مهمة، للبدء بتأجير ملايين الفدادين الزراعية التي تملكها الدولة، لشركات متعددة الجنسيات للاستثمار في الأعمال الزراعية واسعة النطاق. ولكن قد تجد هذه الشركات الكبرى، بوجود أموال ضخمة تحت تصرفها، أنه من الأسهل احتكار إمدادات الماء وغيرها من الموارد، الأمر الذي يحرم المزارع المجاورة من حصتها القانونية. ولذا يتعين على الحكومة الباكستانية عدم إعطاء الأراضي لشركات دولية ما لم تكن مستعدة لدعم الأمن الغذائي المحلي، وكذلك الالتزام بالشروط والقيود التي تفرضها الدولة لمنع الاستغلال الزائد للموارد الثمينة مثل المياه الجوفية. وينبغي أيضاً نشر ودعم هيئات تطبيق القانون والآليات التشريعية حيث توجد حاجة إليها لضمان عدم احتكار الساعين وراء الربح، والمجموعات التي تحتكر المواد الغذائية، لموارد الدولة الغذائية، بحيث تصل هذه المواد إلى الشعب بأسعار مرتفعة فيضطر الفقراء إلى التخلي عنها. ويمكن أن يوفر إدخال مشروع قانون كيري- لوغار- بيرمان إلى باكستان للمانحين أموالاً إضافية لزيادة نشاطاتهم هناك، وهو أمر يمكن تكراره في دول أخرى في جنوب آسيا، إذا ما حقق النتائج التي يسعى لتحقيقها، ضمن مسعى مساعداته التنموية المخصصة لباكستان. ومن المهم هنا التنويه إلى أهمية دور وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي، وإمكانية مسهاهمتها في العمل مع غيرها من وكالات في دعم جهود إسلام آباد في تطوير منظومتها الزراعية. وكذلك ينبغي أيضاً الإشارة إلى الدور المهم لمؤسسة "بيل وميليندا غيتس" المكرّسة لنشر الاختراعات الجديدة في مجال الصحة والتعلّم، وبالذات من خلال دعم مبادرة أنظمة الحبوب لجنوب آسيا، التي تهدف، ضمن أمور أخرى، إلى المساعدة على زيادة مجالات الدخل وإعداد المزارعين لمواجهة تحديات التغيرات المناخية بحيث يعملون لإنتاج محاصيل مستدامة، ويستفيدون من المهارات والخبرات الكفيلة بمساعدتهم على ترشيد الاستخدام في إدارة الموارد المتاحة بشكل عام. وتهدف هذه المبادرة كذلك إلى مساعدة ما يزيد على ستة ملايين من صغار المزارعين في الهند وباكستان وبنغلادش ونيبال على زرع المزيد من المحاصيل الغذائية في مواجهة آثار التغيرات المناخية، وفي الوقت نفسه باستخدام طاقة ومياه وسماد أقل. والحال أنه لا يمكن عكس وضع الأزمة الغذائية التي تواجه باكستان ما لم يحصل تغيّر رئيسي في الأسلوب الذي تنظر من خلاله هي إلى إنتاجيتها الغذائية، من خلال وضع هدف توافر المواد الغذائية في الاعتبار بحكم كونه أولوية وحقاً أساسياً لمواطني تلك الدولة، وكسلعة اقتصادية مربحة أيضاً. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©