الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

العراقيون يقترعون اليوم لبرلمان الغد

العراقيون يقترعون اليوم لبرلمان الغد
20 ابريل 2013 00:03
هدى جاسم (بغداد) - وسط توتر سياسي وتدهور أمني واعتصام 6 محافظات وحكومة “متأزمة” انسحب منها 16 وزيرا، وبرلمان متهالك لم يستطع محاسبتها، يتجه العراقيون إلى الانتخابات المحلية لمجالس المحافظات اليوم السبت وهاجسهم الأكبر منع استحواذ رئيس الوزراء نوري المالكي على المشهد الانتخابي الذي يفترض أن يكون صورة استباقية للانتخابات التشريعية المقررة مطلع العام المقبل. ووسط مشهد سياسي لا يزال يطغى عليه كيفية تقاسم السلطة منذ أول حكومة انتقالية عام 2003، والتي بلورت بشكل جلي طابع المحاصصة على أسس مذهبية وعرقية وقومية مما انعكس على مجمل الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية بشكل عام، يتجه العراقيون إلى الانتخابات المحلية بخوف وتوجس من التفجيرات التي ترافق عادة الأزمات السياسية والانتخابات، وهم يستذكرون بقلق بالغ تفاصيل الحرب الأهلية بين عامي 2006 و2008. ويسعى الكثير من العراقيين إلى منع المالكي من الفوز مجددا والسيطرة على مجالس المحافظات رغم استماتته لتمرير ولاية ثالثة، بينما يطالبون بإقالته أو استقالته. ولا تعول المحافظات الست المتظاهرة والمعتصمة كثيرا على الانتخابات المحلية لأنها بدأت تتوجس تزويرا لإرادة الناخب العراقي من قبل حكومة المالكي الذي استبق الانتخابات بأسبوعين ليعلن أن نتيجتها ستكون 80% لصالح ائتلاف دولة القانون الذي يرأسه. ويلحظ المراقبون استمرار هيمنة الأحزاب التقليدية الطائفية، لكن التغيير اللافت هو اختلاف التفاهمات الجارية داخل هذه الأحزاب. فائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي نزل منفردا، فيما تشظت القائمة العراقية ليخرج تشكيل “متحدون” وأبرز مؤسسيه وزير المالية المستقيل رافع العيساوي، ورئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي، ورئيس صحوات العراق أحمد أبو ريشة وغيرهم من قادة “العراقية”. وتشكلت جبهة جديدة من شظايا العراقية هي “العراقية العربية” وتضم جبهة الحوار الوطني بزعامة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، وكتلة الحل لجمال الكربولي. فيما بقيت حركة الوفاق بزعامة أياد علاوي منفردة في هذه الانتخابات. ووفقا لرؤية أولية للمشهد الانتخابي، فإن التقسيم الطائفي مازال مستمرا ولم ينقطع مناطقيا، سواء في بغداد أو بقية المحافظات. وتشير خارطة التحالفات إلى أن الأحزاب التي يقودها ائتلاف دولة القانون أو التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أو المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم، تتنافس في تسع محافظات سكانها غالبيتهم من الشيعة وهي واسط، كربلاء، بابل، ميسان، القادسية، النجف، ذي قار، المثنى والبصرة. فيما تتنافس الأحزاب التي كانت تشكل القائمة العراقية وغيرها من القوائم في الأنبار، نينوى، ديالى، صلاح الدين، التأميم. وحجم سكان هذه المحافظات يشكل نحو 15 مليون نسمة، وتبقى بغداد المختلطة رقما صعبا في الانتخابات. ويرى ائتلاف دولة القانون أنه يمتلك شعبية كبيرة تؤهله للحصول على مقاعد مجالس المحافظات دون الحاجة إلى تحالفات. ويرى التيار الصدري أن شعبيته كافية للسيطرة على المشهد الانتخابي، أما المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم فيحاول تعويض خسارته عام 2009 والعودة بقوة في الحكومات المحلية. لكن هذه الأحزاب التي يصفها البعض بـ “الأخوة الأعداء” وحدت صفوفها في المحافظات الكبرى التي تعد محسومة بشكل كبير للقوى التي شكلت القائمة العراقية، وهي الأنبار (3،5 مليون)، وصلاح الدين (1،9 مليون)، وديالى (نحو 2 مليون) ونينوى (4،8 مليون). وشكلت قوى (دولة القانون، المجلس الأعلى، التيار الصدري) تحالف “ائتلاف صلاح الدين الموحد” وضم حزب الدعوة وتيار “الإصلاح” و”المجلس الأعلى” ومنظمة “بدر” للمشاركة في الانتخابات في صلاح الدين. فيما شكل تحالف “نينوى” الذي ضم نفس هذه القوى للمشاركة في انتخابات محافظة نينوى أيضا. وكذلك الحال بالنسبة للكتل الأخرى، فقد دخلت منفردة في محافظات وتوحدت في المحافظات الجنوبية. أما الأكراد، فرغم أن انتخابات المحافظات لا تشمل محافظات إقليم كردستان الثلاث (أربيل والسليمانية ودهوك)، لكنهم سيشاركون في الانتخابات في المحافظات القريبة من حدود الإقليم وخصوصا نينوى وديالى والتأميم وصلاح الدين، حيث ائتلفت القوى والأحزاب الكردية في قائمة موحدة باسم تحالف “التآخي والتعايش”. اما محافظتي الأنبار ونينوى التي تأجلت فيها الانتخابات، فان غالبية سكانها يرفضون التأجيل، ويؤكدون أن الحكومة “تعاقبهم لاحتجاجاتهم ضدها”. وعلى الرغم من أن دولة القانون بزعامة المالكي، بنى له ركيزة قوية بعد انتخابات 2010. إلا أن رؤى المراقبين منقسمة حول تمكن المالكي الذي أمسك كل الملفات بيد من حديد، من الحصول على غالبية مريحة بالمحافظات التي يتنافس فيها. فقد برزت مؤشرات على تقارب نتائج المجلس الأعلى والصدريين معه في محافظات الجنوب التسع. ويقابل ذلك سيطرة للائتلافات المنشقة عن القائمة العراقية، والتي ترشحت منفردة كـ”متحدون”، و”العراقية العربية”، وغيرها في نينوى والأنبار وصلاح الدين وديالى ومناطق داخل بغداد. وبرزت مؤشرات قوية لحسم نينوى لصالح “متحدون” بزعامة النجيفي، فيما تتبارى قوائم المطلك وعلاوي مع النجيفي في المحافظات السنية الأخرى. والمراقبون المتفائلون بتراجع حظوظ المالكي، يتوقعون أن يصار إلى تشكيل حكومة انتقالية يدعمها الحكيم والصدر اللذان باتا أقرب إلى التشكيلات السنية والأكراد. فيما يأمل مناصرو المالكي بالحصول على غالبية. المشهد العراقي لا يغلي بأزمته الداخلية فقط، بل إن هناك لاعبين إقليميين ودوليين، أبرزهم إيران والولايات المتحدة. فواشنطن تصر على ممارسة دور رقابي على “ديمقراطية” تعتقد أنها رسختها بعد الاجتياح عام 2003، وغالبا ما تكون زيارة مسؤوليها أو خبرائها في إطار تسوية الخلافات بين الفرقاء السياسيين ودفعهم إلى الظهور ككتلة متناغمة، رغم كل الألغام التي تفجر الرقعة السياسية. أما إيران فباتت لاعبا رئيسيا أيضاً في الساحة العراقية. العراقيون إذن أمام استحقاق خطير وفي مرحلة حرجة من تاريخهم، فإما أن تنحسر همومهم بسقوط “دولة المالكي” أو يستحوذ المالكي على المشهد الانتخابي الذي يبدو متجها اكثر فاكثر نحو عودة شبح الحرب الأهلية وهيمنته على الساحة العراقية.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©