الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محمد الشحي آخر الأطباء الشعبيين في رأس الخيمة

محمد الشحي آخر الأطباء الشعبيين في رأس الخيمة
27 يونيو 2010 21:04
على الرغم من انتشار العيادات الطبية الخاصة للعلاج الطبيعي المجهزة بأحدث المعدات والآلات التي توفر علاج الحجامة (الخبانة) في إمارة رأس الخيمة، إلا أنه مازال إقبال الأهالي بمختلف شرائحهم على الطب الشعبي كبيراً، لما له من ثقة واحترام كبير لديهم، حيث يعتبرونه يتمتع بأصول وقواعد وجذور راسخة على مر السنين، وله سنده المتواتر، على اعتباره متوارثاً من تاريخ الآباء والأجداد الممتد إلى 7 آلاف عام خلت، حيث أثبت نجاحه المتألق على مختلف المستويات المحلية والإقليمية والدولية منذ القدم. يعتبر الطبيب الشعبي المواطن محمد علي سعيد المري الشحي 75سنة آخر ممارس لمهنة الطب الشعبي من المواطنين في رأس الخيمة، وهو ورثها عن والدة قبل 61عاماً، وحصل خلالها على لقب طبيب شعبي، من قبل أهالي الإمارة بمختلف شرائحهم وأعمارهم، لما قدم لهم من أعمال وممارسات طبية تكللت كلها بالنجاح، ولم يقع خلال حياته العملية في أي خطأ علاجي، حسب ما قاله الوالد محمد الشحي، ل»الاتحاد» التي التقته في منزلة بشعبية بني مرة، في منطقة جلفار برأس الخيمة، وهو أب لستة أبناء، بينما يحيط به عدد من أبنائه وأحفاده الذين لم يقتنعوا بمزاولة هذه المهنة المتوارثة في العائلة منذ مئات السنين الماضية. ومازال الطبيب الشعبي محمد المري الشحي، الذي يعد أحد أبناء الوطن المكافحين والمتميزين، ويعتبر أحد أبناء الدولة المخلصين الذين امتد صيتهم خارج الحدود قبل قيام الاتحاد بسنوات طويلة، يمارس مهنته حتى يومنا هذا، وذلك بعد وفاة زملائه الذين كانوا يمارسونها في عدد من مناطق إمارة رأس الخيمة الجبلية والصحراوية، حيث مازال يقصده مواطنون من مختلف إمارات الدولة، ومن دول مجلس التعاون الخليجي. الحكاية يقول الوالد محمد المري الشحي سارداً ما يقوم به، وفزعته في خدمة كل طالب وطارش من قاصديه، أنه تعلم مهنة الطب الشعبي من والدة علي سعيد المري، الذي كان يعيش في جبال رأس الخيمة، وذاع صيته على مستوى الدولة والخليج العربي، في ثلاثينيات العقد الماضي بتألقه الطبي ورافق محمد والده، منذ طفولته تعلم خلالها العديد من الطرق العلاجية لكافة الأمراض وتجبير الكسور والوسم بالكي، وختن الأطفال، وتقفي الأثر (الجفير) وبعد وفاة والدة واصل ممارسة المهنة، إضافة إلى عمله في التحطيب وبيع الحطب الذي كان يجمعه من جبال رأس الخيمة، كما تنقل للعمل في شبابه بين الكويت والدمام في السعودية والبحرين. الحجامة ويشير محمد الشحي إلى أنه كان يجبر الكسور بعد الفحص الدقيق للمصاب، وذلك من خلال دق ورق السدر، وبعض الأعشاب البرية، ولفها بخرقة نظيفة في مكان الكسر لمدة أسبوعين، ثم فكها ليتماثل المريض للشفاء تماماً من كسره، منوهاً بأن الكسور كانت تنجم عن السقوط من فوق الجبل، أو نزاع أو نتيجة اللعب والسقوط على أرضية الجبل الصلبة، كما يقوم بعلاج الجروح التي ينجم عنها نزيف دموي، حيث كان يقوم بتنظيف الجرح أولاً، ثم يعمد إلى صب الملح المدقوق الناعم على الجرح، حتى يخرج منه الدم الأصفر الفاسد حينها يتوقف عن وضع الملح، وكان يوسم المصاب إذا احتاج لذلك كما أن الحجامة (الخبانة) تعد من أهم طرق العلاج، حيث إنها حسب ما روي عن سيدنا، محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، إنها تشفي من 70داء حيث يتم بموجبها استخراج الدم الفاسد من جسم الإنسان، حيث قالوا لنا القدامى إن دم الحجامة هو عبارة عن دم وسم في الجسم، ونقوم بالحجامة من خلال مشط الظهر بوضع 3تركيبات وحجامته مرتين، وذلك خلال يومين متتاليين، وأنصح كل شخص أن يقوم بعمل الحجامة، مرة سنوياً لاستخراج الدم الفاسد من جسده، كما أعالج آلام المفاصل من خلال الزيت الدافئ بالإضافة إلي القرط لمدة 3أيام متتالية. لدغ الثعابين والعقارب يضيف الحكيم الشعبي: كنت أعالج من يتعرض للدغ الثعابين، وذلك من خلال القيام بغسل وتنظيف مكان اللدغة، ومن ثم يتم شفط السم من جسمه مع قراءة بعض الأدعية عليه، وكثيراً ممن عالجتهم قد تشافوا من اللدغات التي تعرضوا لها سواء من الثعابين أو العقارب، التي كانت تنتشر في المناطق الجبلية والبرية في مختلف مناطق إمارة رأس الخيمة، وقد تمكنت من قتل أكبر ثعبان (غول) كان يهدد أهل المنطقة، ويأكل الأغنام والطيور، حيث كان مفزعاً نظراً لحجمه الذي يشبه القط الكبير العريض، ويزيد طوله على المتر ونصف تقريباً، مما دعاني إلى استدراجه إلى إحدى المغارات، ومن ثم تم إشعال النيران عند مدخل المغارة، وإطلاق الرصاص عليه، عند خروجه منها. كما تمكنت من قتل نمر داخل المغارة التي يعيش فيها، وذلك بعد مراقبته مدة ثلاثة أيام، فهجمت عليه مع بعض الأهالي وأطلقنا الرصاص عليه، بينما هو نائم. وكانت الثعابين والعقارب والحيوانات المفترسة تتكاثر في المناطق الجبلية، وقد تلاشت في وقتنا الحالي نتيجة التطور العمراني والنهضة التي شهدتها الدولة في مختلف المجالات. الوسم بالكي محدثنا يوضح أنه كان يقوم بتختين الأطفال، منوهاً أنه منذ قيام الاتحاد توقف عن الختان، حيث إن الأطفال الذين قام بختانهم هم أجداد اليوم، ويوضح قاطعاً: «لا أعالج باستخدام الجان والعياذ بالله، ولكني كنت أعالج الأشخاص المصابين بضرب الجان وذلك من خلال وضع تحت المريض خلطة نباتية عشبية تعرف باسم (الشبة)، كما كنت أقوم بوسم المصاب بالجان في قمة رأسه، وكان بإذن الله يعود إلى وضعه الطبيعي، كما كنت أعالج الصرع الذي كان يحدث أحياناً بسبب الجان أو غيره، وكانت تتم معالجته بالكي، كما أن الوسم أكد نجاحة حتى الآن في علاج عرق النسا، الذي يعاني منه الكثير من الأشخاص حالياً، حيث يتم الكي أسفل الظهر، كما كان يتم وسم النساء دون التكشف أمامي حيث كنت أقوم بالوسم في منطقة الألم مباشرة بحضور أهلها، وقد مارست تغسيل الموتى وتلحيدهم وتشهدهم قبل الوفاة، كما أنني خبير في جني العسل في المناطق الجبلية وأقوم بسحب الخلية دون أن ألدغ من النحل. الجفير يضيف الشحي إن حياة البدو المعتمدة على التنقل والترحال في الماضي، و»للحفاظ على ما نملك من السرقات والأثر، يحمي البدو من الأعداء والسارقين، حيث كان في الماضي لا يتوافر الأمان مثل اليوم، فقد تعلمت الجفير من أبي، رحمة الله، بأنه إذا قام أحد بسرقة أغنامنا من الحظيرة أقوم بملاحقة آثار الماعز المسروق وآثار السارق خارج الزريبة لمعرفة الاتجاه، الذي سلكه السارق، ومن هنا بدأت أعرف كيف أتقفي الأثر في المنطقة الجبلية، وبعض الحالات كانت تستدعي منا تغطية الأثر كي لا يختفي مع مرور الوقت، حتى نتمكن من الإمساك بالسارق، وإذا كان السارق يمتطي جملاً نقوم بتقفي أثر الجمل لحين الوصول إلى أثر الأقدام، لمعرفةالسارق، كما كنا نتابع آثار الدم لدى السارق لمعرفة وجهته، كما أستطيع التميز بين أثر قدم المرأة ومثيله للرجل، ويختلف أثر المرآة الحامل عن الفتاة، وقد تمكنت من التعرف إلى كثير من السارقين من داخل منطقتنا وخارجها، حيث إنني أعرف أقدام أهل قبيلتي، وأميز آثارهم عن سواها لأقدام الغرباء عنها، وذلك من خلال أصابع القدم وهناك قبائل معروفة في هذه المهنة، ومنها قبيلة الخاطري والكتبي، فلهم خصوصية في تقفي الأثر، وكذلك بالنسبة لقبيلة المناصير التي تستطيع التعرف إلى الأثر باحتراف.
المصدر: رأس الخيمة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©