السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمن المجتمع في الإسلام

أمن المجتمع في الإسلام
17 سبتمبر 2008 00:56
يعد إفشاء السلام على كل ما في الكون، الإنسان والحيوان والنبات، سمة إسلامية، فالسلام اسم الله تعالى، وتحية الإسلام، والدين الحنيف يأمرنا بإفشاء السلام في المجتمع بل في العالم· ويوضح الدكتور علي جمعة مفتي جمهورية مصر العربية أن الإنسان لا يستكمل الايمان إلا ببذل السلام للعالم وأن المسلم سلام لكل المخلوقات، فقد روي عن عمار بن ياسر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''ثلاث من كن فيه استكمل الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم''· ويجعل ذلك خير الإسلام، فيجيب من سأله: أي الإسلام خير؟ بقوله: ''تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف'' متفق عليه· ويخبرنا- صلى الله عليه وسلم- أن إفشاء السلام سبب لحصول السلامة ونيلها؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: ''أفشوا السلام تسلموا'' رواه البخاري· ويؤكد الدكتور جمعة أن السلام من صفات الجمال التي أمرنا أن نتخلق بها، باعتباره اسم الخالق (هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون) (الحشر: 23)· ويعلمنا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كيف نحيا في نور هذا الاسم الكريم ليجعل من العقيدة الإيمانية ممارسة عملية وتطبيقا معاشاً، فيقول: ''إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه الله في الأرض، فأفشوا السلام بينكم''، رواه البخاري في الأدب المفرد· ويضيف الدكتور علي جمعة أن ذلك يدلنا على طريق التحاب بين الناس ليكمل إيمانهم فيدخلوا الجنة، مستدلاً بقول الرسول (صلى الله عليه وسلم): ''والذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم'' رواه مسلم· ويحرص الإسلام على الوئام والوفاق بين أفراد المجتمع، فيحرم الهجر والقطيعة بين الناس، ويجعل خير المتقاطعين هو الذي يبدأ منهما بالسلام، فيقول عليه الصلاة والسلام: ''لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام'' متفق عليه· ويبين أن المبادرة بالسلام هي أولى الناس بالله تعالى؛ لزيادة تحققه بهذا الاسم الكريم، فيقول( صلى الله عليه وآله وسلم): ''إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام'' رواه أبوداود والترمذي، ويصف في المقابل من بخل بالسلام بأنه أبخل الناس لأنه بخل بما لا غرامة عليه فيه؛ فيقول: ''أبخل الناس من بخل بالسلام'' رواه الطبراني· ويصل الأمر إلى أن يجعله النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أول مدخل من مداخل الدعوة إلى الله تعالى، فيحدثنا عبد الله بن سلام رضي الله عنه- وكان من كبار أحبار اليهود قبل أن يسلم- قائلاً: لما قدم النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) المدينة انجفل الناس قبله وقيل: قد قدم رسول الله، قد قدم رسول الله، فجئت في الناس لأنظر، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، فكان أول شيء سمعته تكلم به أن قال: ''يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام''· ويجعل الإسلام السلام هو الوجه الذي يستقبل المسلم به الناس عند فراغه من العبادة والمناجاة بينه وبين ربه حين يختم صلاته بالتسليم، بل ويجعل أيضاً في الأذكار التي تلي الصلاة؛ حيث كان (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا فرغ من صلاته قال: ''اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام''· ويرى مفتي الديار المصرية أن الشرع الشريف يرسم لنا منهج التعامل مع الآخر من خلال هذا الاسم الإلهى الكريم، حيث يبين لنا الإسلام أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو التعايش والسلام، وليس القتال والصدام؛ كما يقول تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) (الأنفال:61)، ويقول سبحانه (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة:8)· ويأمر حبيبه (صلى الله عليه وآله وسلم) بأن يصفح عن غير المؤمنين ويخاطبهم بالسلام حفاظاً على الاجتماع البشري، فيقول سبحانه: (وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون) (الزخرف: 88,89)· وينهي المسلمين عن أن ينجروا إلى الصدام مع المغرضين والمتعصبين من غيرهم أو حتى مقابلة السيئة بالسيئة، بل يأمر بالصفح والعفو، حفاظاً على السلام الاجتماعى والنظام العام، وفي ذلك يقول جل شأنه: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شى قدير) (البقرة: 109)· بهذه الصور والمبادئ القرآنية والنبوية يتبين بوضوح أن تعاليم الإسلام وأخلاقه سلام على كل ما في الوجود·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©