الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

باربي ··· حصان طروادة في إيران!

باربي ··· حصان طروادة في إيران!
17 سبتمبر 2008 01:13
وفقاً للهيئة القضائية الإيرانية، لم تعد السلع الأشد خطورة مما يعرض في محال بيع لعب الأطفال، هي المسدسات أو البنادق الآلية المقلدة، وإنما تلك العلب الوردية الجذابة التي تعرض فيها لعبة ''باربي'' باعتبارها رمزاً لغزو ثقافي غربي حقيقي لعقول الأطفال الإيرانيين حسب رأي السلطات؛ ووصف النائب العام الإيراني ''غربان علي دوري نجافابادي'' لعبة باربي المهربة إلى بلاده بأنها مدمرة ثقافياً، إضافة إلى كونها خطراً اجتماعياً، في خطاب رسمي له حذر فيه من مخاطر اللعبة؛ وذكر في الخطاب نفسه أن كلاً من ''باربي'' و''سبايدرمان'' و''باتمان'' وكذلك ألعاب ''هاري بوتر''، كلها تشكل خطراً على الأطفال الإيرانيين يجب وقفه فوراً؛ وفسر النائب العام الإيراني تحذيره من خطورة هذه الألعاب بقوله، إن شخصيات وهويات الجيل الحديث من الأطفال الإيرانيين أصبحت عرضة لمخاطر كبيرة، بل ألحق بها الاستيراد غير القانوني لهذه الألعاب، ضرراً لا يمكن إصلاحه· وهكذا ينظر المسؤولون في إيران إلى لعبة باربي اللطيفة البريئة التي ترمز إلى روح المرح والدعابة الغربية، على أنها خطر جدي يهدد القيم المحافظة التي تعمل السلطات الإيرانية على تشجيعها؛ غير أن حملة مشابهة كانت قد شنتها السلطات نفسها ضد لعبة ''باربي'' قبل نحو عقد مضى، لم تحرز نجاحاً يذكر في تنفير الأطفال الإيرانيين منها، أو ردع باعتها· ولا يزال على هؤلاء الباعة انتظار القوانين الجديدة المنظمة لتسويق لعبــة باربي التي شاع عنها يوماً ذلك الوصف الشهير من قبل السلطات الإيرانية، بأنها أشبه بحصان طروادة محشو بجيش جرار من جنود الغزو الثقافي! قال أحد أصحاب محال بيع لعب الأطفال في قلب العاصمة طهران: لم يحدث لنا أن سمعنا عن أي تصريح رسمي ضد بيع هذه الألعاب، والأطفال الذين يشاهدون القنوات الفضائية الخارجية، وخاصة غير المسموح بها، يبدون رغبة كبيرة في شراء هذه اللعب؛ ولكن لا يزيد عدد ألعاب ''باربي'' التي يبيعها صاحب ذلك المحل على واحدة أو اثنتين فحسب، بين جملة اللعب القليلة التي يبيعها أسبوعياً؛ وقبل 15 عاماً استورد تاجر الألعاب نفسه حاوية معبأة بلعبة ''باربي'' إلا أنه استغرق بيعها ونفاد الكمية كلها وقتاً أكبر مما توقع، غير أن هذا البطء في مبيعات اللعبة يعود في رأيه إلى محدودية السوق، ووجود منافسة للعبة من قبل ألعاب غربية أخرى، أكثر من أن يكون ناتجاً عن حملة مضادة شنتها السلطات الحكومية على لعبة ''باربي'' على وجه الخصوص· يذكر أن محاولة حكومية هدفت إلى تصنيع بديل محلي للعبة ''باربي'' حمل اسم ''سارة'' أخفقت عملياً في صد شعبية باربي وانتشارها بين الأطفال الإيرانيين؛ وكان الهدف أن تطرح لعبتا ''سارة'' وشقيقها ''دارا'' بالأسواق في عام 1999 تزامناً مع الذكرى العشرين للثورة الإسلامية، إلا أن تلك الخطوة أرجئت بسبب عدم ملاءمة شعر اللعبتين حينها، على حد تصريح المسؤولين الإيرانيين لصحيفة ''المونيتور'' في ذلك الوقـــت؛ غير أن النسخ الأولى للعبة لم تتمكن من جذب الأطفال حسبما قيل خارج الدوائر الرسميــة، وكانــت الصين هي الدولــة التي كلفــت بصنعهما، مع أن الصين نفسها تصنع لعبة ''باربي''· وفيما بعد طرحت اللعبتان المحليتان في الأسواق الإيرانية في ربيع عام ،2002 على إثر حملة شنتها السلطات على لعبة ''باربي''، وأرغمت أحد أصحاب محل بيعها على إبلاغ صحيفة ''الجارديان'' البريطانية بأن شرطة الآداب صادرت منه كمية من ألعاب ''باربي'' تبلغ قيمتها 11 ألف دولار إضافة لسجنه لمدة ثلاثة أيام· وعند إطلاقها كانت ''سارة'' أول محاولة لتسويق لعبة إسلامية في السوق المحلي؛ وفي عام 2003 طرح المصممون السوريون لعبة ''فلة'' ذات العيون السود الداكنة والملامح الحاملة للقيم الإسلامية· ولقيت هذه اللعبة الأخيرة نجاحاً معقولاً· وخلال عامين لاحقين لطرحها، تم تسويق 1,5 مليون منها في شتى أسواق الشرق الأوسط· وفي العام نفسه طرحت شركة ألعاب أخرى مقرها في ولاية ميشجان الأميركية، نسخة محجبة من لعبة ''رزان'' قصد منها تسويقها في أوساط الجاليات المسلمة في كل من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا؛ وفي العام الماضي طرحت في إندونيسيا لعبة ''سلمى'' المغطاة الرأس وذات الفستان الطويل المتدلي حتى كاحلي القدمين· لكن وأثناء زيارة قريبة لي لمحال بيع لعب الأطفال في العاصمة طهران، لم ألحظ وجوداً للعبتي سارة و''دارا'' لسبب بسيط للغاية، هو عدم الإقبال عليهما؛ فهما ثقيلتا الوزن ومتصلبتان، إضافة إلى أن سعرهما يعادل ضعف سعر الألعاب الأخرى، على حد تفسير صاحب أحد المحال التجارية المتخصصة في بيع اللعب؛ أما الأطفال الإيرانيون الذين يشاهدون إعلانات سارة و''دارا'' في الخارج فيقبلون على شرائهما لأنهما تقليديتان حسب اعتقادهم؛ غير أن الأطفال المقيمين في إيران نفسها لا يقبلون مطلقاً على شراء أي من اللعبتين، وذهب صاحب المحل نفسه إلى القول إنه سيكون أمراً جيداً فيما لو أُحسن تصميم ألعاب محلية مثل سارة ودارا بمواصفات إسلامية شريطة أن تكون جاذبة للأطفال فعلاً؛ ولكن حتى الآن لم يحدث ذلك، وهو ما يصرف الأطفال المحليين عن شرائهما، لأنه لا سبيل للمقارنة بينهما وإغراء لعبة ''باربي'' وغيرها من اللعب الغربية المستوردة· سكوت بيتر- طهران ينشر بترتيب خاص مع خدمة كريستيان ساينس مونيتور
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©