الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التقطيع الانتخابي... تهجيرٌ للسود الأميركيين

23 ابريل 2011 22:31
الإجراء الذي قام به الكونجرس في الآونة الأخيرة عندما قام بتسمية دائرة ثانية في ولاية لويزيانا، لا يبدو منطقياً بما فيه الكفاية، لأن إحدى نهايتي تلك الدائرة تبدأ عند نقطة تقع شمال "بيتون روج"، ثم تتعرج وتتلوى لمسافة 70 ميلاً جنوبَ وشرقَ نيوأورليانز، لتضم مجتمعات عشوائية على امتداد الطريق. معظم الذين يعيشون في تلك المجتمعات من الأميركيين المنحدرين من أصول أفريقية والذين تم حشرهم في تلك المناطق إما عمداً أو بحكم القانون. فمن خلال حشر الأميركيين الأفارقة في دائرة انتخابية واحدة، يتمكن مشرعو القوانين من زيادة عدد الجمهوريين في المناطق المحيطة، ما يضمن فعلياً أن الحزب الجمهوري سوف يتمتع بميزة كبرى في خمسٍ من الدوائر الانتخابية الست في الولاية، خلال العقد القادم. وفي الوقت الذي يبدأ فيه مشرعو القوانين في عملية إعادة ترسيم الحدود التي يجريها الكونجرس مرة واحدة كل عشرة أعوام، فإن هجرة الأميركيين الأفارقة من المدن إلى الضواحي، باتت تحقق تأثيراً سياسياً واسع النطاق في الوقت الراهن. فحسب أرقام التعداد السكاني التي أعلنت حديثاً، فقدت ثماني من المناطق الانتخابية العشر الأولى في أميركا والتي تضم أغلبية سوداء، فقدت 10 في المئة في المتوسط من سكانها ذوي الأصول الأفريقية. وسوف يوفر هذا فرصة لمشرعي القوانين الجمهوريين، الذين باتوا يتحكمون في عدد متزايد من مجالس الولاية، بعد الانتخابات التي جرت في الخريف الماضي، لإعادة تشكيل الدوائر الانتخابية في ضواحي المناطق المتأرجحة (وغير المضمونة في الانتخابات) في ولايات ميتشجان، وبنسلفانيا، وأوهايو، وجورجيا، وغيرها. يعلق ديف وازرمان، أحد مؤلفي التقرير السياسي المعروف باسم "تقرير كوك"، على ذلك بقوله: "التأثير العملي لذلك سوف يكون عظيماً بالنسبة للحزب الجمهوري، لأنه يسمح لهم في ولاية تلو أخرى بحشر أنصارهم في الضواحي التي كانت مغلقة على الديمقراطيين من قبل، وتحويلها إلى دوائر انتخابية حضرية سوداء، بهدف جعل الدوائر المحيطة بها أكثر ميلاً نحو الجمهوريين. وهجرة السود إلى الضواحي لها تأثيرها أيضاً في منطقة واشنطن، حيث هبطت نسبة الأميركيين الأفارقة في الدائرة الانتخابية لتلك المنطقة بنسبة 11 في المئة خلال العقد الماضي، في حين حصل النائب "شتيني. إتش، هويار" (ديمقراطي)، الممثل للضواحي، على عدد من أصوات السود يفوق أي نائب آخر خارج منطقة أطلانطا النامية بسرعة. ويشار في هذا السياق إلى أن التعديل الذي أجري على قانون حقوق التصويت عام 1982، أدى إلى إيجاد العديد من الدوائر التشريعية، خصوصاً في جنوب البلاد، حيث تحول السكان الذين يشكلون أقلية في وقت من الأوقات إلى أغلبية. وكانت الفكرة من هذا التعديل هي منح مصوتي الأقليات الفرصة لانتخاب مرشحين من اختيارهم. وبمرور الوقت، واجهت تلك الدوائر تحديات قانونية وانتكاسات، من بينها صدور أحكام من المحكمة العليا بشأن المسائل المتعلقة بإعادة توزيع الدوائر الانتخابية على أسس عنصرية. وفي البداية، كانت تلك الدوائر بمثابة نعمة للديمقراطيين، حيث أدت لخلق فرص في أماكن كان الحزب يكافح جاهداً من أجل الفوز فيها. لكن خلال الجولات الأخيرة من إعادة تحديد الدوائر، اعتاد الجمهوريون "حشر" أكبر عدد ممكن من الديمقراطيين الموثوق بهم، في "أقل" عدد ممكن من الدوائر الانتخابية، وهو ما كان يعني فعلياً ضمان تمثيل أسود لتلك الدوائر، وجعل الدوائر القريبة منها بالتالي أكثر قابلية للكسب من قبل الجمهوريين. لذلك فإنه حتى في الوقت الذي كان فيه عدد الأميركيين الأفارقة يتقلص في الدوائر التي ظلت حكراً على السود لفترة طويلة من الزمن، كان عدد الدوائر ذات الأغلبية السوداء يتزايد عبر العقد الأخير، وهو اتجاه يمكن أن يستمر إلى حد كبير، خصوصاً إذا ما أخذنا في اعتبارنا أن الجمهوريين هم الذين باتوا يقودون عملية إعادة رسم حدود الدوائر الانتخابية هذا العام، بسبب تمتعهم بالأغلبية في مجلس النواب، وزيادة عدد المقاعد التي يسيطرون عليها في مجلس الشيوخ، عقب انتخابات التجديد النصفي التي جرت في خريف العام الماضي. وإعادة تسكين أعداد كبيرة من الناخبين الأميركيين من أصول أفريقية، سوف تؤدي إلى وجود دوائر مختلفة اختلافاً كبيراً خارج عدد من المدن الرئيسية. ففي منطقة ديترويت على سبيل المثال، فقد النائبان الجمهوريان، "كونيرز جي آر" و"هانسن كلارك"، ربع عدد الناخبين السود البالغ عددهم 800 ألف ناخب في دائرتيهما الانتخابيتين منذ عام 2000، حيث هاجرت الأغلبية العظمى منهم إلى دوائر قريبة. وتوسع منطقتي "كونيرز" و"كلارك" يمكن أن يساعد الجمهوريين في ميتشيجان على حذف إحدى المناطق الديمقراطية في المنطقة. وينطبق نفس الكلام على أوهايو حيث فقدت النائبة السوداء "مارسيا فدج" (ديمقراطية) 29 ألف ناخب أسود، وهو ما يعني أن دائرتها الانتخابية سوف يكون عليها أن تنمو، وأن الجمهوريين قد بات بمقدورهم إسقاط بعض الدوائر الديمقراطية المجاورة. وفي لويزيانا، فقدت الدائرة الثانية الواقعة في نيوأورليانز، والتي أشرنا إليها في بداية المقال، 120 ألفاً من السكان الأميركيين الأفارقة على مدى العقد الماضي، وهو ما يرجع لحد كبير إلى تداعيات إعصار كاترينا. ولجعل عدد الناخبين السود عالياً مثلما كان عليه، كان يتعين توسيع الدائرة لحد كبير وصولاً إلى "بيتون روج" عاصمة الولاية. ونتيجة لذلك انخفضت نسبة السود في الدائرة السادسة التي تتخذ من بيتون روج قاعدة لها والتي سيطر عليها الديمقراطيون لفترة قصيرة خلال العقد الماضي الأخير، من 34 في المئة إلى 24 في المئة. وتعلق هيلاري شيلتون من "الجمعية الوطنية لترقية الملونين" على ذلك بقولها: "يجب أن نكون على حذر لئلا ينتهي بنا الأمر إلى ذلك النوع من حشر الناس في الدوائر بما يمكن أن يؤدي إلى تقليص نفوذ الناخبين السود". آرون بلاك محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©