السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التسامح ودمج الأقليات

23 ابريل 2011 22:32
تساءلت وأنا أتابع أخبار المظاهرات الغاضبة في أفغانستان خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما إذا كان يمكن للحوار أن يساعد الناس على إدراك نتائج التفاعل بعنف مع الأخبار المثيرة للفتنة والخلاف. ورغم أنه لم تكن هناك أعمال قتل أو احتجاجات مماثلة في بلدي باكستان رداً على القس الأصولي في فلوريدا وقيامه بإحراق نسخة من القرآن الكريم في شهر مارس الماضي، إلا أن لدينا حصة من عدم التسامح والعنف عندما يعود الأمر إلى معاملة الأقليات الدينية. ولدْتُ ونشأتُ في أسرة مسلمة محافظة، وعملْتُ في مجال حوار الأديان في باكستان لفترة تصل إلى عقدين من الزمان. كوّنت صداقات مع أشخاص من ديانات مختلفة، بمن فيهم المسيحيون والهندوس والسيخ وأعضاء في طوائف دينية أخرى. أشعر أنه لم تكن هناك في يوم من الأيام حاجة أكثر لاحترام المعتقدات الدينية لبعضنا بعضاً، والعيش بتناغم، مما هو الحال في هذا الوقت. لقد فكرت منذ فترة طويلة في إيجاد منبر باكستاني يستطيع من خلاله أناس من خلفيات دينية وعرقية مختلفة، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، أن يتباحثوا في المشاكل المجتمعية وأن يجدوا أساليب لتشجيع الحوار. يمكن لمنبر كهذا أن يكون ملتزماً ومتوائماً مع رؤية الأب المؤسس، محمد علي جناح، لباكستان متماسكة ومندمجة وطنياً. كانت رؤيته إيجاد أمة يرتكز فيها كون المرء باكستانياً على جنسيته فقط. ومن هذا المنطلق والهدف، قمت بتأسيس "حوار"، ودعوت أصدقاء من كافة مناحي الحياة، سياسيين وقادة دينيين من جميع الديانات وعاملين اجتماعيين وتربويين وأصحاب أعمال وغيرهم، للانضمام. كان الهدف هو إيجاد أساليب لتطبيق رؤية محمد علي جناح حول دولة غير منحازة، متسامحة وخالية من عدم التسامح العرقي والديني. وفي اليوم الوطني الباكستاني (23 مارس)، أي ذكرى قرار لاهور عام 1940 الذي ساعد على إرساء قواعد باكستان الحديث، نظمت "حوار" أول حلقة دراسية حول استقرار البلاد ودور الأقليات فيها. وفي اليوم نفسه من عام 1940، كان مسلمو شبه القارة الهندية قد تعهدوا بإيجاد وطن مستقل يستطيعون العيش فيه حسب قيمهم الدينية والثقافية. حضر العديد من القادة الدينيين البارزين، المسيحيين والمسلمين، والقادة السياسيين والاجتماعيين، هذه الحلقة الدراسية، بمن فيهم المطران صامويل أزاريا، رئيس كنيسة باكستان، وجي ساليك السياسي المسيحي، والوزير الفيدرالي للأقليات، وساردار عاصف أحمد علي وزير الخارجية الباكستاني السابق الذي ترأس الحلقة الدراسية. ذكّر المتحدثون الحضور بأهمية تشجيع التسامح وتعليمه في أوساط مجتمعاتهم، وبقيمة دور كل مجتمع محلي في تطوير هذا البلد. كذلك قام المشاركون بإرجاع أصول المشاكل في مجال عدم التسامح إلى التديّن الذي يُساء توجيهه، وانعدام التعليم المتكامل، وعدم الاستقرار السياسي، وضعف المؤسسات الديمقراطية، والنظام القضائي المعقد والطويل والذي يفشل غالباً في تحقيق العدالة. وما لم تتم إعادة بناء هذه الأنظمة لدعم شعور جماعي بالوطنية، لن يكون هناك حل سريع لمجموعة المشاكل التي تواجهها الباكستان اليوم. بحث المشاركون في الجلسات الحوارية الأساليب التي يمكن للتجمعات المسلمة أن تلعب بها دوراً في إحضار الأقليات الدينية غير المسلمة إلى التيار الرئيس. وقد اقترح القادة الدينيون المتواجدون أن الأمر الأهم هو أن ينظّم القادة الدينيون المسلمون حركة لإصلاح القوانين التي تميز حالياً بين الباكستانيين على أساس الدين. إضافة إلى ذلك، يجب تطوير مدونة سلوك للمجتمعات بحيث تعيد التأكيد على وضع الأقليات كمواطنين صادقين في الدولة. وأخيراً يجب أن تساعد المجتمعات المسلمة على إحضار الأقليات الدينية إلى وعي التيار الرئيس من خلال إبراز أدوار هذه الأقليات الإيجابية في المجتمع الباكستاني. أنا أومن أن الحوار الصادق والتواصل المستمر، والاعتراف بالفضل في المكان الصحيح وعمل الخير تجاه الآخرين... تشكل الأساس لإيجاد السلام، وكذلك لتحقيق إمكاناتنا الحقيقية كأفراد وكأمم. ويقول القرآن الكريم: "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ". كازي عبد القدير خاموش مؤسس ورئيس مؤسسة «الحوار» ينشر بترتيب مع خدمة «كومون جراوند»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©