الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

برنامج غذائي أميركي في كوريا الشمالية!

برنامج غذائي أميركي في كوريا الشمالية!
23 ابريل 2011 22:32
أطلقت كوريا الشمالية مؤخراً نداء استغاثة عاجلاً للمجتمع الدولي للحصول على مساعدات غذائية، في وقت تحذر فيه تقارير صادرة عن عمال المساعدات والمنظمات غير الحكومية الدولية من نقص كبير في الغذاء هناك. وبينما تنكب الولايات المتحدة على دراسة ما إن كان ينبغي عليها أن تعيد إطلاق برنامج مساعدات غذائية في كوريا الشمالية، يجدر بها أن تتأمل الأسئلة التالية: هل هناك حاجة إنسانية حقيقية؟ وهل نستطيع معالجة الخطر الممكن المتمثل في تحويل اتجاه المساعدات الغذائية؟ وهل باستطاعة برنامج جيد أن يتيح لنا إمكانية الاتصال والاحتكاك بالمواطنين المغلوبين على أمرهم في واحد من أكثر البلدان عزلة في العالم؟ إن التخوف بشأن إمكانية تحويل اتجاه المساعدات الغذائية مرده إلى نظام الطبقات السياسية القائم في كوريا الشمالية؛ ذلك أن الحكومة تعتبر مواطنيها الأكثر ولاءً هم النخبة، الذين يعيشون في العاصمة بيونج يانج، إلى جانب الجيش. أما الآخرون -الذين يعد ولاؤهم موضع شك أو الذين لم يكونوا محظوظين بما يكفي ولم يولدوا في العائلة المناسبة - فيعيشون خارج بيونج يانج في مناطق لا تحظى بالأولوية بالنسبة للحكومة الكورية الشمالية. والواقع أن هذا الجزء من السكان هو الذي ينبغي أن يكون المستفيد والمستهدَف من أي برنامج مساعدات. وحسب تقرير أنجزه برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ومنظمة الأغذية والزراعة على مدى شهر وأفرج عنه في مارس الماضي، فهناك حاجة إنسانية حقيقية بين هؤلاء السكان الضعفاء، حيث يخلص التقرير الأممي إلى أن 6 ملايين نسمة (ربع السكان) هم في حاجة ماسة للغذاء. غير أنه بالنظر إلى الأهمية التي توليها الحكومة الكورية الشمالية للنخبة والجيش، فإن التخوف الرئيسي هو مما إذا كانت هذه المساعدات لن تذهب إلى الأشخاص الذين يحتاجون لها بل سيستفيد منها فعلياً أشخاص آخرون. والواقع أن برنامج المساعدات الغذائية لعام 2008 الذي وافقت عليه الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، يمثل أفضل نموذج لمعالجة هذا التخوف، لأن الاتفاق وضع قواعد ومعايير غير مسبوقة بخصوص الاستفادة من المساعدات ومراقبتها، مما سمح للولايات المتحدة بالوصول إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الطعام. لقد سبق أن سافرتُ إلى كوريا الشمالية ثماني مرات، كمسؤولة حكومية أميركية، قصد الإشراف على تطبيق ذلك البرنامج، وشاركتُ في بعض من بين أكثر من ثلاثة آلاف زيارة مراقبة تم القيام بها خلال البرنامج الذي دام عشرة أشهر، وذلك من أجل الإشراف على رحلة المواد الغذائية الأميركية منذ وصولها إلى كوريا الشمالية وحتى ذهابها إلى المراكز، حيث قمنا بتوزيعها على المستفيدين. وقد جعل هذا النوع من المراقبة الشاملة من الصعب على الكوريين الشماليين تحويل اتجاه أي كمية معتبرة من المساعدات الغذائية إلى الجيش أو النخبة. وإضافة إلى ذلك، وحيث يُنظر إلى الأرز في كوريا الشمالية باعتباره جزءاً مهماً من الوجبات اليومية، فإن خليط القمح والذرة الذي قدمناه على نحو مقصود لم يكن مستساغا من قبل النخبة، مما قلل من احتمالات تحويل وجهة المساعدات الغذائية. وكما شكّل برنامج المساعدات الغذائية أيضاً فرصة مواتية للاحتكاك بالمواطنين الكوريين الشماليين العاديين، لاسيما بعد أن سُمح للأشخاص الذين يتحدثون الكورية بدخول كوريا الشمالية من أجل مراقبة وتسيير البرنامج، وهو أمر لم يكن مسموحاً به في أي برنامج مساعدات غذائية سابق. ولأنني أتحدث اللغة الكورية، فقد جربتُ شخصياً كيف أن معرفة اللغة كانت تتيح عمقاً أكبر وفهماً ثقافياً للقاءاتنا مع الكوريين الشماليين -الذين لا ينتمون إلى النخبة- خارج بيونج يانج. وحين كنت أقود السيارة عبر تلك المناطق المغلقة بعيداً عن العاصمة، كانت الزيارات إلى المنازل والمدارس ودور الأيتام ومراكز التوزيع تمنح هؤلاء الكوريين الشماليين تجربة لا تنسى: الاتصال مع الأجانب والأميركيين. كما كان يمنحهم ذلك نافذة على العالم الخارجي، ووجهة نظر مختلفة ربما حول الولايات المتحدة. ومن خلال تفاعلي معهم، استطعتُ أن أرى إلى أي مدى كانوا يقدّرون مساعدتنا ومن أنهم يعرفون أن المساعدات الغذائية أتتهم من الولايات المتحدة. أجل، لقد قامت الحكومة الكورية الشمالية بمحاولات للانحراف عن بنود الاتفاق، وعمدت إلى إنهائه بشكل مبكر، غير أنه بشكل عام يمكن القول إن أشياء كثيرة تحققت بخصوص أهدافنا الإنسانية والدبلوماسية خلال الأشهر العشرة التي عملنا وعشنا خلالها في كوريا الشمالية. والواقع أن لدى إدارة أوباما الحق والمبرر لتشترط التزام كوريا الشمالية بقواعد مراقبة قوية في حال تم استئناف المفاوضات حول برنامج آخر للمساعدات الغذائية. لكن رغم أن ثمة دائماً مجالاً للتحسن بخصوص الاستفادة والمراقبة، إلا أن اتفاق عام 2008 يشكل نموذجاً مجرباً وأساساً لأي جهد مستقبلي بخصوص المساعدات الغذائية. والأكيد أنه من خلال برنامج مراقبة جيد، نستطيع الحفاظ على الأرواح والانخراط دبلوماسياً مع شعب معزول في كوريا الشمالية. وعلينا، كبشر وكأميركيين، ألا نضيع هذه الفرصة! دوروثي ستويمكي مستشارة سابقة للوكالة الأميركية للتنمية الدولية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©