الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هروب من المدرسة!

20 ابريل 2013 20:52
كان وحده وسط ألعاب حديقة عمومية، وضع محفظته المدرسية جانبا وسلم نفسه لمتعة الانتقال من حاجز لآخر دون أن يضايقه أحد، خاصة وأن اليوم ليس عطلة وكل الأطفال في صفوفهم. أثارت حركته انتباه أحد الآباء الذي جاء باحثا عن أشعة الشمس لابنه الصغير، فسأله عن سبب قدومه للمكان بمفرده بزيه المدرسي متأبطا كتبه التي أهملها في زاوية من زوايا الحديقة، التي أحيطت بإنشاءات وهدير آلات وحراك عمال، فأجاب الطفل أنه يدرس في إحدى المدارس المخصصة للبنين في الصف الخامس، وقال بكل جرأة إنه يكره الدراسة ولا يرغب في استكمال التعليم. وأضاف مستفسرا عن الجدوى من ضياع الوقت والنهوض باكرا، والرجوع للبيت للمذاكرة، لافتا الى أن ذلك لا يسير وفق ما يرغب به. دار حديث بين الطفل والرجل، محاولاً هذا الأخير إقناعه بأن التعليم ضرورة لتمكين الفرد في الحياة، وأنه السبيل الوحيد لمن أراد أن يحتل مركزا مهما في إحدى الإدارات أو لمن أراد أن يقيم مشروعا خاصا ناجحا، فرد الطالب أن والده لم يدرس قط ومع ذلك يحتفظ بأموال طائلة، يوفر لأطفاله كل احتياجاتهم، ويسافر بهم في ربوع العالم، مؤكدا أن أباه نموذج ناجح بالنسبة له، ويشكل قدوته في هذه الحياة. سأل الطفل الرجل قائلا: هل هربت من المدرسة يوما؟ هل كرهت معلمتك أو معلمك وأنت صغير؟ وأمطره بسيل من الاستفسارات المعلقة بدون إجابة في ذهن الصغير، حاول الرجل وهو مهندس أن يكون مقنعا، صريحا وناصحا بطريقة غير مباشرة، وقال: كجميع العلماء في العالم ومختلف الناس كنت لا أستلطف بعض المعلمين ومن ثم لا أحب المادة التي يدرسونها، وربطت بين كره المعلمة والمادة، ولكني لم أتسلل يوما من الصف، ولم أهرب يوما من المدرسة، كان يصيبني نعاس شديد، أو ألهو بشيء ما إلى أن تنتهي الحصة، وقد يتغير الحال بتغير المعلم الذي لم أكن أستلطفه، بحيث أسترجع عشقي للمادة التي أدرسها من جديد في السنة القادمة. استغرق الحوار بينهما أكثر من ساعتين في محاولة لإقناع الطفل بالعدول عن رأيه، فسأله المهندس: لماذا لا ترجع للبيت بدلا من الجلوس في الشارع؟ وأضاف: قد تتعرض للاعتداء، أو يصيبك مكروه خاصة وأنك بعيد عن المدرسة التي تدرس بها وتجاوزت العديد من الشوارع حاملا محفظتك؟ وكيف تخون ثقة أهلك؟ فأجاب الطالب أن والده في عطلة وهو متواجد بالبيت، وقد يضربه بمجرد علمه بعدم رغبته في الذهاب للمدرسة، موضحا أنه لم يفتح الموضوع مع أحد قط. ترك الحديقة وراءه، واستقبل طريق المدرسة تحت إلحاح الغريب، لكن هل في كل مرة ستسلم الجرة؟ اليوم التقى رجلا صالحا، وغدا قد يلتقي من يلقي به في الهلاك، ويشكل بالتالي هروب واحد من المدرسة منعطفا في حياته، فقد ينتج شابا منحرفا؟ وأين الأهل والمدرسة من هذا كله؟ أين الحوار مع الأبناء ومعرفة ما يجول في أنفسهم للرد على أسئلتهم؟ وأين التواصل وإدارة مشاكل الصغار البسيطة التي ستصعب ويستحيل حلها مع مرور الوقت؟ المحررة | lakbira.to nsi@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©