الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«صدمة ما بعد الصدمة»

20 ابريل 2013 20:53
أعادت اللحظات القصيرة التي استشعرنا فيها بالهزة الأرضية نتيجة الزلزال الذي ضرب منطقة حدودية ما بين إيران وباكستان ظهر يوم الثلاثاء الماضي، مشاعر الإحساس برهبة الموت ـ وهو حق ـ واجترت من بين ذاكرتي مشاعر لحظات متشابهة لا يمكن وصفها عندما يعيش الإنسان بجبروته وضعفه لحظات الموت ولو لبرهة! استعدت تجربتي مع الموت عندما دعست السيارة التي أقلها على ضفاف البحيرات المرة ـ بصحبة زميل جمعتني به أيام الخدمة العسكرية الوطنية ـ على لغم أرضي من بقايا حرب أكتوبر1973 ، ولم أشعر بشيء وقتها إلا بصوت الانفجار، وتطاير السيارة «الجيب» في الهواء، وبعد أن استفقت مغشياً مصاباً، اكتشفت استشهاد صديقي ـ رحمه الله ـ وعندها عشت المشاعر الحقيقية للحظات الموت، ولحظات ما يعرف بـ» صدمة ما بعد الصدمة»أو اضطراب «كرب ما بعد الصدمة». فعندما حدثت الهزة الأرضية الأخيرة، وجدت نفسي أنزوي أسفل زوايا غرفة قسم التصوير حيث كنت، وتجمدت كلمات الزملاء الموجودين، ولا أتذكر أنني سمعت شيئاً سوى بضع همهمات، وما أن انتهت الهزة، ورأيت من النافذة تدافع البعض للنزول إلى الشارع، عاد إلىّ إحساس ما بعد الصدمة. حاولت هذه المرة أن أتعرف على انطباعات مَن هم حولي، وسألت كثيرين:» هل تتذكر ما لاح في خاطرك وذهنك خلال لحظات الهزة الأرضية؟»، وجاءت الإجابات متباينة ومتناقضة تجمع ما بين الخوف والهلع والفزع وعدم التذكر والتوهان. زميلة صرخت، وأخرى استطاعت أن تتمتم بكلمات الشهادتين، وثالث يستغرق في قراءة الفاتحة والمعوذتين، لكنه أخطأ في قراءتهما، وآخر يقول إنه كان يفكر فقط في طفله الذي تركه وحيداً بالمنزل مع الخادمة، وغيرهم من استرجع ذكريات ومشاهد الزلزال الذي ضرب مصر عام 1992، مما أصابه بالانهيار وعدم السيطرة على نفسه. كثيرون أجمعوا على إحساسهم بالخوف والقلق والهلع ـ خاصة سكان الأدوار العليا من العمارات السكنية ـ عندما يخلد إلى النوم ويتوهم إمكانية تكرار الزلزال بينما هو نائم، ومنهم من استسلم للحظات في الاستغراق في مشاهد مأساوية مرعبة، وانتفض جالساً على سريره، وقام يفتح نوافذ غرفته خوفاً ورعباً. ومنهم من وجد نفسه يهبط إلى الشارع يتمشى، ويحاول التغلب على خوفه وقلقه وأوهامه وخيالاته المفزعة! اضطراب الكرب التالي للصدمة عامة يعدُّ مرضاً حقيقياً، يمكن أن يُصاب به الذين عاشوا أو شهدوا أحداثاً صادمة، كالحروب والأعاصير والزلازل، أو مشاهد الاغتصاب الجسدي أو الحوادث الخطيرة. هذا الاضطرابُ يجعل الشخصَ يشعر بشِّدة الخوف بعد زوال الصدمة أو الخطر، كما يسبِّب عدَّة مشاكل، من بينها استحضار ذكريَّات ما حدث، واضطراب النوم أو رؤية الكوابيس، ونوبات الغضب، والشعور بالقلق والحزن والاكتئاب. وقد تبدأ الأعراض سريعاً بعد الحادث، وقد تظهر أكثر شدة بعد أشهر. وبالطبع تتفاوت حدة الاضطراب من شخص لآخر، ومن المحبذ أن يلجأ الشخص إلى العلاج المتكامل إن أصبح عاجزاً عن التكيف مع الواقع أو العمل، وتمكينه من مواجهة التجربة الصادمة وإسقاطاتها الذاتية. المحرر | kho rshied.harfo sh@admedia.ae
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©