الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ذهب ودولارات وأوراق ثبوتية وأطفال في سيارات الأجرة

ذهب ودولارات وأوراق ثبوتية وأطفال في سيارات الأجرة
25 أغسطس 2016 10:35
أشرف جمعة (أبوظبي) أشياء غالية نفقدها في سيارات الأجرة التي نستقلها أحياناً في رحلة قصيرة من مكان إلى آخر، وحين ندلف من بابها الأمامي أو الخلفي إلى الخارج.. نتحسس أنفسنا فتخرج من البعض صرخة مكتومة.. ربما الشيء المنسي هاتف نقال، أو جواز سفر، حقيبة بها أوراق، مبلغ مالي كبير، جواهر... وحينئذ تنطلق الأسئلة مثل ماسورة مياه كسرت لتوها، ما الحل؟ وسيارة الأجرة مرت وكأن الأرض ابتلعتها، صعدت مثل غيمة إلى السماء، ولا توجد معنا فاتورة، ولا يمكن الاستدلال على السائق ولا السيارة، فكل مركبات الأجرة تشبه بعضها بعضاً، والكثير منا في هذه اللحظة قد يستسلم لفقدان مثل هذه الأشياء الثمينة دون أن يكلف نفسه عناء البحث عن مركز «تنظيم النقل بسيارات الأجرة» في أبوظبي. حكايات كثيرة مع بعض الذين فقدوا أشياءهم في غمرة من النسيان داخل سيارات الأجرة دون أن يفكروا بأنها من الممكن أن تعود إليهم. في مقر مركز «تنظيم النقل بسيارات الأجرة» في منطقة المعمورة في أبوظبي، استقبلتنا زينب الحمادي - إداري أول إعلام بالمركز - تفهمت مهمتنا المعنية بإيضاح الحقيقة للجمهور حتى يستطيع بعضهم التصرف في مثل هذه الورطة، خصوصاً عندما يجد المرء نفسه من دون جواز سفره في قاعة المطار، ولم يبق على إقلاع الطائرة سوى وقت قصير، ومواقف كثيرة من هذا النوع. تواصلت زينب مع الإدارة، وما هي إلا لحظات حتى كنا في غرفة تلقي الاتصالات، فتوجهنا إلى منسق أول مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي عبدالله سالم الجنيي الذي استقبلنا بترحاب شديد، معلناً عن رغبته في التعريف بالخدمة المجانية التي يقدمها المركز لعملائه، والتي تعيد القلوب الحزينة إلى حيويتها والوجوه الملهوفة إلى استرداد مفقوداتها على بساط الأمل، وقبل أن نبادره بتخمة الأسئلة عاجلنا بقوله: إن منظومة عمل مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي قديمة تعود إلى عام 2009 والهدف منها هو إرضاء العملاء، بحيث تظل ثقتهم موصولة في خدماتنا الاستثنائية، فالإمارات معروفة بأنها دولة الأمن والأمان بفضل القيادة الرشيدة التي تحفز الجميع على تقديم مبادرات تخدم أهل البلد والمقيمين على أرضها وزوارها في كل مكان، لافتاً إلى أن أهم ما يمز هذه الخدمة أنها مجانية تماماً. توصيل المفقودات ولفت الجنيبي إلى أن المركز دائماً في انتظار اتصال العميل آناء الليل وأطراف النهار، فالخدمة موصولة على مدار 24 ساعة، وفي حال اتصاله في اللحظة القريبة من فقدان الأشياء، فإن المركز يوجه السائق إلى توصيلها إلى العميل في أي مكان على أن يدفع قيمة المسافة المقطوعة للسيارة من خلال العداد، ويشير إلى أنه إذا تأخر العميل يوماً أو بعض يوم ثم تواصل مع المركز، فإن الموظفين يتعاونون معه وينبئونه عن الشركة الموجود بها المفقودات بعد أن سلمها السائق للشركة التابع لها، خصوصا أن هناك سبع شركات لسيارات الأجرة هي «كارز، الإمارات، تواصل، الغزال، العربية، الوطنية، إيربورت تاكسي». أنواع المساعدة ويوضح أن سيارات الأجرة مزودة بكاميرا تظهر مدى تعامل السائق مع المفقودات وكذلك الجمهور الذي يرتاد هذه السيارات وعما إذ كان أحد المتعاملين قد تجاوز الحد واستولى على أغراض عميل آخر، لافتاً إلى أنه في حال عدم العثور على المفقودات، فإننا نترك للعميل حرية إرسال كتاب رسمي من قبلنا إلى «مركز المتابعة التحكم» الذي من خلاله يتم فحص الكاميرا. ويؤكد أنه في حالة تجاوز مدة شهر على وجود أغراض العملاء التي فقدوها في سيارات الأجرة، فإنه يتم تسليمها للهلال الأحمر، أما إذا كانت المعثورات عبارة عن محفظة وأوراق ثبوتية مثل جواز سفر أو هوية فإن المركز يبذل جهده من أجل الوصول إلى العميل حتى يستردها كاملة، بالإضافة إلى أن هناك بعض الأشياء التي إن لم يتواصل العميل مع المركز في اليوم نفسه من فقدانها فإنه لا يستطيع استردادها في اليوم الثاني مثل الأطعمة، ويورد أنه من ضمن المبالغ التي تم ردها إلى أصحابها نحو 125 ألف درهم، فضلاً عن مبالغ أخرى بالدولار، كما أن المركز يستقبل أيضاً عبر بريده الإلكتروني رسائل العملاء ويرد عليها، ويقدم لهم كل أنواع المساعدة. إقلاع الطائرة تسع سنوات قضتها بدور أبو عاقلة في مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي، تكتنز في قلبها الكثير من الحكايات التي تعبر عن إشادة واسعة بالخدمة، وتظهر من خلالها كم لهجت ألسن الزوار الأجانب والمقيمين والسياح وأهل البلد أنفسهم بشيم الإمارات وحرصها على إعانة المستغيث وجبر خاطر المكسور في اللحظات الحرجة، إذ لا تزال تذكر الـ 100 دولار التي أخرجها من جيبه بروفسور كندي كان قد فقد جواز سفره في سيارة أجرة أقلته من المطار بعد حضوره أحد المؤتمرات في أبوظبي، ولسوء حظه كان الجواز بين المقعد والباب فكان من الصعب العثور عليه ولم يلحق بطائرته وبعد يوم ظهر الجواز أثناء تنظيف السيارة، فحضر لتسلمه وهو مصر على أن آخذ منه مبلغاً من المال، وحين رفضت أخذ الدولارات وأخبرته بأن الخدمة مجانية بدت على وجهه ملامح الذهول، وظل يتمتم بكلمات شكر كثيرة، ويؤكد أنه هذه الخدمة لا مثيل لها في العالم. وتصف مشهداً آخر لسيدتين من إسبانيا هبطت بهما الطائرة في مطار أبوظبي «ترانزيت»، وتبين أنهما قررتا الذهاب إلى جامع الشيخ زايد لمشاهدة معالمة، وبعد رحلة التنزه اكتشفتا أنهما نسيتا حقيبتهما في سيارة أجرة فتوجهتا مباشرة إلى شرطة المطار وهما في حالة التوتر، فنصحتهما بالتواصل مع المركز فاستجاب لهما بعد الاستدلال على سيارة الأجرة من خلال المعلومات التي أدلتا بها، ولم يكن يتبقى على موعد الإقلاع سوى ساعة، وفي غضون عشرين دقيقة كانت أغراضهما معهما وهما لا تصدقان أن مفقودات في مهب الرياح يمكن أن تعود في هذه اللحظات الحرجة. عودة الذهب وتواصل سردها لقصة أخرى، إذ توضح أن سيدة باكستانية لم تصدق أن الحقائب التي تحوي بداخلها جواهر عرس أختها ومبالغ مالية سوف تعود، بعد أن فقدتها في إحدى سيارات الأجرة وهي متوجهة من البيت إلى الفندق الذي سيقام فيه حفل الزفاف، وبدا الارتباك عليها عندما اختفت السيارة من أمامها، وسألت أحد المارة ماذا يمكنني أن أفعل فأعطاها رقم مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي، كانت تكتب الأرقام وأصابعها ترتجف، وحالما وصل إليها صوت الموظف أنبأته عن المفقودات، وبعد أن سألها عن المكان الذي استقلت منه السيارة وأين توقفت بها خاطب جميع السائقين الذين يسيرون في هذه الأماكن، فتم العثور على السيارة والمفقودات التي وصلت إليها في الحال، وبعد أن سلمها السائق الحقائب استقبلتها وهي غير مصدقة أن هناك خدمة بهذا الشكل. هاتف هدية يقول خالد شوقي: «عشر دقائق ثقيلة على نفسي تلك التي استقللت خلالها سيارة أجرة من مقر إقامتي في الخالدية إلى شقة أحد الأصدقاء الذي تخرج في الجامعة، وكنت أحمل له هدية عبارة عن هاتف نقال، وفي أثناء تخيلي للصورة التي سيكون عليها الحفل والأصدقاء الذين لم أرهم من زمن نبهني السائق إلى أنه وصل إلى العنوان المطلوب، ويشير إلى أنه بعد أن دفع ثمن التوصيلة ودخل بيت صاحبه اكتشف أنه نسي الهدية، فبدا الوجوم يسيطر عليه، ولم يعرف كيف يستردها، ولم يجد مساعدة من أحد، حيث أخبره أحدهم بأن يتقدم ببلاغ إلى الشرطة لكنه لم يفعل، ويؤكد أنه مر على هذه الحادثة ما يقرب من عام، ولا يزال يتحسس أشياءه كلما استقل سيارة أجرة، خوفاً من أن تواجه المصير نفسه». حقيبة الدولارات يقول عبد الله اليافعي الذي يستقبل مكالمات العملاء منذ ثلاث سنوات في مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة: «إن أحد السائحين تواصل معه يطلب نجدته لكونه فقد 9 آلاف دولار في حقيبة صغيرة في المقعد الخلفي لإحدى سيارات الأجرة، وفي الوقت نفسه لا يذكر أبداً المكان الذي استقل منه السيارة لكنه يعرف المكان الذي وصل إليه والتوقيت أيضاً»، ويشير اليافعي إلى أنه في أقل من نصف ساعة بعد أن تواصل مع السائقين توصل إلى الحقيبة، وبدوره ذهب السائق إلى العميل وأعطاه المبلغ وهو غير مصدق، أن مبلغاً مثل هذا يمكن أن يعود إليه، وهو ما دعاه إلى تقديم شكره العميق إلى الإمارات وخدماتها الإنسانية التي تفوق الخيال. طفل ضائع يذكر عبدالله سالم الجنيبي منسق أول مركز تنظيم النقل بسيارات الأجرة في أبوظبي أنه من ضمن المواقف الإنسانية التي تفاعل معها المركز فقدان أم سودانية لطفلها الرضيع التي وضعته بجوارها في المقعد الخلفي وحين نزلت من السيارة وأخرجت محتويات التسوق التي وضعتها في الخزانة الخلفية للسيارة وأغلقتها، تحركت العربة، وفي هذه اللحظة كانت في حالة يرُثى لها واتصلت بالمركز على الفور وأنفاسها تعلو وتهبط، فلا أحد يتصور أنه من الممكن أن يفقد فلذة كبده في دقائق معدودات وبهذا الشكل. ويشير إلى أن المركز تواصل مع السائق الذي عاد مباشرة إلى الأم وأعطاها الرضيع الذي ضمته إليها وهي تبكي من شدة الحزن والفرح في آن، وجميع العاملين في المركز لحظتها كانوا في غبطة وسرور وتعجبوا من القصة الواقعية التي ساهم المركز في وضع نهاية سعيدة لها.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©