الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هاملتون جب يبرز وسطية الإسلام وإنسانيته

هاملتون جب يبرز وسطية الإسلام وإنسانيته
17 سبتمبر 2008 23:24
سجل هذا الموقف في العديد من كتبه ومنها ''إلى أين يتجه الإسلام'' إذ يقول: ''أؤمن بأن الإسلام لا تزال له رسالة يؤديها إلى الإنسانية جمعاء حيث يقف وسطا بين الشرق والغرب، وإنه أثبت أكثر مما أثبت أي نظام سواه مقدرة على التوفيق والتأليف بين الأجناس المختلفة، فإذا لم يكن هناك بد من وسيط يسوي ما بين الشرق والغرب من نزاع وخصام، فهذا الوسيط هو الإسلام''· ولد جب في مدينة الإسكندرية في يناير عام 1895م ثم انتقل إلى اسكتلندا وهو في الخامسة من عمره للدراسة هناك والتحق بجامعة أدنبرة لدارسة اللغات السامية، وعمل بعد إتمام دراسته محاضراً في مدرسة الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن عام 1921م· وتدرج في المناصب الأكاديمية حتى أصبح أستاذا للغة العربية في مدرسة الدراسات الشرقية بجامعة لندن عام 1937م، وانتخب بعد ذلك لشغل منصب كرسي اللغة العربية بجامعة أكسفورد، لينتقل بعدها إلى الولايات المتحدة الأميركية ليعمل مديرا لمركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة هارفارد· ولم تقصر مجالات اهتمام ''جب'' على اللغة العربية ودراساته في الأدب العربي فقط، بل تجاوزت ذلك إلى تاريخ الإسلام والحضارة الإسلامية وتطورها حيث ألف وشارك في تأليف العديد من الكتب في هذا المجال، أهمها ''الفتوحات الإسلامية في آسيا الوسطى'' سنة 1933م و''الاتجاهات الحديثة في الإسلام'' 1947 و ''إلى أين يتجه الإسلام؟'' و''موسوعة الإسلام'' 1954م وكتابه الأشهر ''الديانة المحمدية'' الذي نشر عام 1949 وأعيد نشره مرة أخرى عام 1980 تحت عنوان ''الإسلام'' والذي مثل لعقود طويلة المرجع الأساسي للطلبة الغربيين المهتمين بدراسة الإسلام· ولقد أثارت تعاليم الإسلام اهتماما خاصا لدى هاملتون جب لخصها في كتابه ''دراسات في حضارة الإسلام'' بقوله ''كانت التعاليم التي جاء بها محمد في أساسها إعادة لإحقاق المبادئ الأخلاقية التي تشترك فيها ديانات التوحيد، فازداد ترسيخ معنى الأخوة بين جميع أفراد الجماعة الإسلامية، وأنهم سواسية من حيث القيمة الشخصية الفطرية دون النظر إلى ما في مكانتهم الدنيوية ووظائفهم وثرواتهم من تباين واختلاف''· ولم يغفل ''جب'' قيمة القرآن ومكانته عند المسلمين في الوقت الحاضر، وهو ما أكده في مقدمة كتابه ''إلى أين يتجه الإسلام'' إذ يقول ''مع أن الوحدة الاسلامية قد انتهت من الناحية القانونية الرسمية ومع أن الثقافات القومية قد أخذت مكانها فى المدارس وعلى الرغم من أن الفوارق الاجتماعية قد أصبحت أكثر وضوحا وأن الثقافة الدينية التقليدية قد أصبحت محصورة في عدد قليل محدود، ومع ذلك كله فالمعاهد الدينية نفسها لاتزال قائمة ولايزال حفاظ القرآن ودارسوه كما كانوا لم ينقص عددهم ولم يضعف سحر آيات القران وتأثيرها على تفكير المسلمين وربما كان تقديس شخصية محمد وما يثيره ذكره من حماس في سائر المسلمين على اختلاف طبقاتهم من أهم ملامح النهضة الإسلامية الحديثة''· ويضيف قائلا ''لايزال الإسلام يمتلك تقاليد رائعة فيما يتعلق بالتفاهم والتعاون بين أجناس البشر بتحقيق المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص للجميع ولا يزال الإسلام قادرا على تحقيق مصالحة بين عناصر الجنس البشرى''· وخلص جب من هذا التحليل إلى أهمية دور علماء الدين في العالم الإسلامي باعتبارهم الوحيدين القادرين على بعث الحضارة الإسلامية وتجديد المجتمع في البلدان المسلمة واستند في هذا على فكرة أن الدين عندما يكون باعثا فإنه يكو عاملا ايجابيا، وإلا فسوف يكون باعثا سلبيا يقف أمام تقدم المجتمعات· ولم يخف جب في مؤلفه هذا مخاوفه الشديدة والتي حذر منها منذ ثلاثينيات القرن الماضي حيث عبر عن قلقه من أن موجة التغريب الكاسحة التي تجتاح مصر وبقية البلاد الإسلامية ربما تأتي على ما تبقى من مؤسسات الإسلام العريقة ومواريثه المديدة ومن ثم تخلف وراءها فراغا مروعا في الضمير والاجتماع الإسلاميين لا يقوى التحديث على ملئه ولا تعويضه· ولقد برزت أسماء العديد من الشخصيات الإسلامية في مؤلفات جب وكتاباته منهم العالم الإسلامي ابن خلدون والشاعر الباكستاني الأشهر محمد إقبال والبطل القائد صلاح الدين الأيوبي الذي أفرد له جيب مؤلفا كاملا بعنوان ''صلاح الدين الأيوبي دراسات في التاريخ الإسلامي''· ويعد هذا الكتاب من أهم الدراسات الغربية التي أنصفت البطل صلاح الدين الأيوبي وكشفت عن صورته الحقيقية، حيث أكدت على أن قدرة صلاح الدين على حشد الإمارات المتنافسة والمتنازعة والاحتفاظ بولاء جيوشه نبعت من تكوينه السيكولوجي الذي تميز بالتواضع والعفة والعزوف التام عن المقتنيات الشخصية وقدرته على فهم استجابات البشر وكسب ثقة أصدقائه وخصومه على حد سواء نتيجة صدقه ووفائه المطلق بوعوده· ولقد اهتم جب أيضا بجدلية العلاقة بين الإسلام والغرب فوضع في هذا الإطار مؤلفه ''المجتمع الإسلامي والغرب'' وشاركه في تأليفه هارولد بوين، الذي عني فيه بدراسة أثر الأفكار الغربية على المجتمع الإسلامي في الإمبراطورية العثمانية، بدءا من مسح الأوضاع في الإمبراطورية العثمانية قبل تسرب المؤثرات الأوروبية إليها، ثم أثر هذه المؤثرات في تغيير الأوضاع أو تطويرها· وتتبع جب في تلك الدراسة نشأة الأنظمة والأفكار في الإمبراطورية العثمانية وطرق انتشارها في سائر الدول الإسلامية التابعة لها وكشفت عن أن منتصف القرن الثامن عشر مثل تاريخ بدء تسرب الآراء الأوروبية إلى المجتمع الاسلامي· ينشر بالترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©