الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الثرثرة تذهب الوقار والهيبة

الثرثرة تذهب الوقار والهيبة
17 سبتمبر 2008 23:31
يصنف الإسراف في الكلام والقول ضمن الشهوات التي تستبد بالإنسان وتجعله يقع في الأخطاء وزلات اللسان وما يغضب الله تعالى· ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم -أستاذ الحديث بجامعة الأزهر-: القصد في الكلام من الأدب الإسلامي الرفيع، وسمة الشخصية المعتدلة التي يتخلق صاحبها بالخلق الإسلامي النبيل، فيبدو رزينا في مجلسه هادئا في تصرفاته يكسوه الوقار وتعلوه الهيبة، فلا ينطلق لسانه بالقول في كل مجال، ولا يقحم نفسه في أحاديث الناس حتى لا يقع في الموبقات· ويضيف: عني الإسلام في بناء الشخصية على القصد في الكلام، والمؤاخذة على ما يتكلم الإنسان به قال الله تعالى: ''ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد'' سورة ق: الآية ·18 واستقامة الشخصية تنبع من ايمان صاحبها واخلاص قلبه واستقامة لسانه، والقصد في الكلام من أهم ما يستقيم به اللسان، فلا يتكلم الإنسان إلا عن تفكير وروية، وفيما رواه الإمام أحمد يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ''لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه''· والإنسان اذا وطّن نفسه على القصد في الكلام قلت اخطاؤه وحسن قوله واتسم بالروية وعدم الاندفاع في الكلام، فهو إما أن يقول الخير أو يؤثر السكوت ويلوذ بالصمت، وفي هذا ما يجعله مرموق الشخصية محبوب الحديث لا يمل الناس مجلسه أو حديثه وصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: رحم الله امرأ قال خيرا فغنم أو سكت فسلم''· ورفع الإسلام من قيمة الأدب في الحديث والقصد في الكلام حين جعل ذلك آية على الإيمان بالله واليوم الآخر عن أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ''من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت''، وتكلم رجل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأكثر، فقال له: ''دون لسانك من حجاب؟'' قال: شفتاي وأسناني، وقال: ''أفمالك من ذلك ما يرد كلامك''، وفي رواية أنه قال ذلك لرجل أثنى عليه فاستهتر في الكلام ثم قال: ''ما أوتي رجل شرا من فضل في لسانه'' بمعنى الزيادة في الثرثرة في القول· وقد حذر الإسلام من الإسراف في القول وكثرة المدح للإنسان بما ليس فيه، أو المدح على سبيل القطع، ففيما رواه الإمام البخاري بسنده عن أبي بكرة قال: أثنى رجل على رجل عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ''ويلك قطعت عنق صاحبك قطعت عنق صاحبك مرارا'' ثم قال: ''من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل احسن فلانا والله حسبه ولا أزكي على الله احدا أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه''· ويعد الإعراض عن اللغو والترفع عن الاسترسال فيه من القصد في القول· قال الله تعالى: (وإذا سمعوا اللغو اعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) القصص الآية ·55 وعن سعيد بن المسيب قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في أصحابه، وقع رجل بأبي بكر، فآذاه فصمت عنه أبوبكر ثم اذاه الثانية فصمت أبو بكر وفي الثالثة انتصر أبوبكر، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أبو بكر: أوجدت عليّ يا رسول الله؟ قال: لا ولكن نزل ملك من السماء يكذبه بما قال، فلما انتصرت ذهب الملك وقعد الشيطان، فلم أكن لأجلس اذ قعد الشيطان''· ويوضح أن الإسلام ربّى أتباعه على أدب الحديث ووطّنهم على التجمل بالخير وبنى شخصيتهم على عقيدة راسخة وخلق متين، وجعل الكلمة الطيبة عنوان الشخصية الطيبة وفتح أمامها مجالات الخير والمثوبة والغفران· يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ''اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم يكن فبكلمة طيبة''· فيجب ان يلتزم المسلم بالقصد في الحديث والروية فيه وبما هو خير وأن يصمت عما فيه شر، ويقول الإمام علي -رضي الله عنه- أو غيره: ''المرء مخبوء تحت لسانه''· والكلمة الطيبة كالشجرة الطيبة قال تعالى: (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء··) إبراهيم الآية 24
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©