السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

محام أرجنتيني برتبة عامل نظافة

28 يونيو 2010 00:08
مارتيشلو ايريارتي أرجنتيني في الحادية والأربعين يتحدث بنبرة المحامي ويمشي مشيته الواثقة ويرتدي البزة وربطة العنق، إلا أنه يومياً يضع بزة أخرى صفراء فاقعة تلك العائدة إلى عامل التنظيفات. ويقول "كنت أعيش حياة مزدوجة" مستخدماً صيغة الماضي، كما لو أنه طوى الصفحة موضحاً "كنت أغادر عالماً لأدخل آخر حيث ينبغي التحدث بطريقة مختلفة أو لزوم الصمت لعدم إثارة استياء الآخرين". هذه الحياة لم تنته بعد، فبعد ساعات قليلة سيذهب هذا الرجل المحبب والهادئ إلى عمله ككناس. لكن ليس لفترة طويلة. فقصته تحتل صدارة الصحف وأخباره الشاشات تحت عنوان عريض "الكناس الذي استحال محامياً": قصة تدفع إلى الحلم في بلد المهاجرين هذا. إنها قصة "حلوة- مرة" على ما يقول صاحبها وهو يجول في الشوارع التي يعرف كل حجر فيها. ولد مارتشيلو في عائلة فقيرة وبدأ العمل في سن الثامنة بائع صحف وسكاكر في الحافلات. ذات يوم كان عاجزاً عن بيع المكانس التي بحوزته، فقرر الدخول إلى كل المتاجر في أحد الشوارع. ويقول متذكراً "لقد اشتروها مني في نهاية المطاف لأنهم أشفقوا علي". يتملك الحنين مارتشيلو وبسمته تعكس كل التجارب التي مر بها في حياته. ويقول عند زاوية شارع فيه مصنع سابق متداع "هنا كانت تعمل الفتاة التي غيرت حياتي". كان اسمها لورا. وهو كان في سن السابعة عشرة ويقود الحافلة رقم 126 التي لا تزال تمر وسط غيمة من الدخان. وأصرت لورا على أن يهجر الحافلة ويستأنف دروسه. وقد سجلته شخصيا في المدرسة الثانوية. ولا تزال صورتها تلازمه لكنه يقول "لم أرها منذ ذلك الحين". وخلال الجولة في الشارع تصرخ به امرأة "يا للطلة الجميلة! انظروا إليه!". إنها بيتاريث رولون (54 عاماً) بائعة القهوة المتجولة. تقول "نحن فخورون جداً!" وهي تقدم فنجان قهوة إلى مارتشيلو كما كانت تفعل عندما كان يراجع دروسه إلى جانب عربتها. وتؤكد "أنه يستحق كل النجاح بعد كل التضحيات التي قام بها!" يستفيق مارتشيلو عند الساعة الرابعة صباحاً استعداداً لدروسه عند الساعة السابعة ولا يعود قبل منتصف الليل بعد الدروس الليلية. ويقول "لقد اجتهدت مثل النمل وقد خسرت الكثير خلال هذه المسيرة". لا يريد أن ينسى ما خسره لكنه يحتفظ به لنفسه. الرفاه المادي لا يهمه إلا إذا كان وسيلة للتقدم والرقي. ويقول "كنت صامتاً. ودروسي أعطتني حرية التفكير". وتنهال عروض العمل على مارتشيلو لكن مهنة الحامي لا تؤمن الضمانة التي يوفرها العمل لدى شركة "كليبا" العامة لأعمال التنظيفات في العاصمة الارجنتينية. ويقول المسؤول عنه ميجيل نويل (59 عاماً) ساخراً "الآن وقد انقشعت الرؤية الأفق شاسع" ويضيف "لكن عليه أن يرحل! لا أريد أن أراه هنا بعد الآن!".
المصدر: بوينس ايريس
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©