الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

بول شاوول: فهمنا للعولمة خاطئ

بول شاوول: فهمنا للعولمة خاطئ
18 سبتمبر 2008 00:15
بول شاوول مثقف طليعي، وشاعر مازال في مرحلة الاختبار بعد أكثر من خمسين عاما أمضاها ممارسا للأدب والقصيدة· النص الشعري فعله الأول، والقصيدة حياة يختبرها ويولد معها· يتحدث شاوول عن المسرح بلغة الدارس الناقد، فلا يعجبه ما بقي منه عند العرب، ويقول إن المسرح العربي إلى انقراض، لأنه بات مدارس فردية خاصة بمخرجين· ويتحدث شاوول عن الشعر، باعتباره منه، ويرى أن الشعر يقف في موقف مواجهة مع نفسه بعد انتهاء الأيديويلوجيات التي كانت ترعاه· في هذا الحوار مع ''الاتحاد الثقافي'' يلج بول شاوول الى مكنونات تختلج ذاكرته، عن المسرح والشعر، وضعهما في السابق وحالهما في ظل العولمة: ؟ قلت يوما أن سيريالية الواقع تفوق بدرجات سيريالية النص: هل مازال هناك مكان لعبث النص وسط كل هذا العبث الواقعي؟ ؟؟ المسرح العبثي كمدرسة انتهى مع بيكيت وهارولد بينتر· فلا توجد عبثية واحدة· صحيح أن السوريالية انتهت في الثلاثينات ولكن مفرداتها مازالت موجودة حتى في الإعلانات القائمة على جمع التناقضات، لأنها الرومانطقية مقلوبة والتي تنبع من اللاوعي ولا تخضع للعقل· أما العبثية جاءت بعد الحرب العالمية الثانية ردا على الحضارة الغربية والعقل التنويري، باعتبار أن العقل لم يعد يكفي لتفسير العالم الذي يحكمه الجنون· إلا أن العالم اليوم يعيش حالة عبثية من خلال العولمة والحروب الطائفية والأصوليات المسيحية والإٍسلامية والإيديولوجية· فهي عبثية قاسية لا نجد تفسيرا لها! ؟ في السبعينيات وجدت تجربة المسرح الجماعي والتي كانت ناجحة: هل انتهت في العالم لأن واقعنا لا يتسع للعمل الجماعي؟ ؟؟ التجارب الجماعية لروجيه عساف في مسرح ''الحكواتي'' وأيضا في تونس ومصر والمغرب مع الطيب الصديقي ومسرح الصواري في البحرين يشارك الجميع في وضع النص والإخراج· وإيريان مونشكين في فرنسا التي تأثر بها روجيه عساف تقدم عملا جماعيا ولكن تقوده هي· إذن التجميع كان جماعيا ولكن البلورة كانت فردية· فهذه التجارب جاءت متأثرة بالأحزاب والجمعيات ومحاولة كسر الفردية عبر عمل جماعي ولكنها انتهت· ولكن المشكلة: أين أصبح المسرح العربي؟ فإّذا استمر على ما هو عليه فهو في طريقه إلى الانقراض، لأنه استهلك كل المدارس من عبثية وبريشتية والمسرح التسجيلي لبيتر فيز والمسرح داخل المسرح لبرنديلو، كما لم يستطع أن يقدم اتجاهات جديدة· ولم يعد لدينا حركة مسرحية بل أعمال مسرحية، وأصبح لكل مخرج مدرسته الخاصة متأثرا بمدرسة مسرحية معينة ممزوجة بأفكاره وموروثاته الشخصية· واستهلكنا التراث حتى تحول إلى فلكلور، كما استهلكنا الجسد في المسرح رقصا وصمتا وتمثيلا وإيقاعا وأصبح مجرد رقص غير درامي· وهذه التحولات لها أٍسباب ثقافية لأن الثقافة العربية تراجعت، فليس عندنا فكر عربي وفلسفة عربية بالمعنى الدقيق، ولم يبقَ عندنا إلا الشعر والرواية! ؟ هل هذا بسبب تأثرنا بالعولمة؟ ؟؟ لا· إن فهمنا للعولمة خاطئ، فهي موجودة منذ بداية التاريخ· فاليونان والفينيقيين كانوا مصدر عولمة· كذلك روما والمسيحيين والإسلام والفرنسيين والإنجليز، والتي تعني فرض ثقافتك واقتصادك على الآخر· وكل الحروب التي حدثت كانت حروب عولمة، ولكنها اليوم أصبحت أحادية القطب متمثلة بالولايات المتحدة الأميركية، لذلك تاريخ البشرية هو تاريخ العولمة· إلا أن الفرق أن العولمة التنويرية التي جاءت مع الفرنسيين والإنجليز كان لها طابع ثقافي إنساني يحترم الإنسان كفرد، أما عولمة اليوم طاغية وتقتل كل ما هو ثقافي وحولت الليبرالية التي تؤمن بالفرد والإنسان إلى ليبرالية توليتارية متوحشة! ؟ هل لذلك قلت أننا نستطيع مقاومة العولمة من خلال الشعر والثقافة ومجتمع مدني؟ ؟؟ نستطيع أن نقاوم العولمة من خلال الحفاظ على القيم الإنسانية· فيجب أن نكتب رواية لا تخضع لشروط الآخر، وأن نحافظ عليها كعمل فردي يتوجه إلى الجماعة ولا يخضع لمتطلباتها كنوع من الرشوة· أما بالنسبة للشعر فهو لا يعني العولمة، لأن أكبر شاعر عربي يبيع 200 نسخة باستثناء نزار قباني ومحمود درويش! ؟ ولكن ألم ينقرض الشعر اليوم وفقد وظيفته المستقلة؟ ؟؟ الشعر ليس له وظيفة· ومنذ عشرين عاما كان الشعراء العرب مرتبطون بالقضايا أو الأحزاب الشيوعية أو السلطة الدينية أو الأنظمة السياسية أو الجماعات، وبالتالي لم يكن الشعر حرا· ولكن بعد انتهاء هذه الإيديولوجيات أصبح الشعر أمام نفسه· ؟ هل علاقة الشعر بالمسرح علاقة امتصاص؟ ؟؟ إن مفهوم الشعر في المسرح يختلف عن مفهوم القصيدة· فالنص غير الشعري في المسرح يصبح شعريا بسبب الإَضاءة والملابس والديكور والتي تخلق مشهديات شعرية· لذلك تذوب القصيدة في المسرح وتصبح ذات مفهوم جديد· فعندما يكتب الشاعر نصه يكون أدب وعندما يمسرح يصبح نصا مسرحيا، لأن المخرج يستنبط أدوات شعرية من خلال الكلمة الشعرية بأسلوب جديد· ؟ إذن لماذا اتهمت بالتشبث بالتراث؟ ؟؟ لقد اتهموني في البداية بأني ضد التراث عندما كتبت قصيدة البياض، ثم اعتبروني تراثي عندما أصدرت كتاب ''كشهر طويل من العشق'' الذي اختبرت فيه التراث واستعرت بعض الحجارة التراثية وصنعت منها معمارية حديثة·
المصدر: بيروت
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©