الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

محفوظ وهيكل والقعيد

محفوظ وهيكل والقعيد
18 سبتمبر 2008 00:22
في كتاب ''محمد حسنين هيكل يتذكر: عبد الناصر والمثقفون والثقافة'' ليوسف القعيد الصادر عن دار الشروق، القاهرة، سنة 2003 يسأل يوسف القعيد محمد حسنين هيكل قائلا ليتأكد من حادثة يرويها جمال الغيطاني عن نجيب محفوظ وقعت عند زيارة جمال عبد الناصر لجريدة ''الأهرام'' سنة 1969 الذي قال لنجيب محفوظ: إزاي ناس الحسين بتوعك، بقالنا زمان ما قريناش لك قصة؟، فقال هيكل: لأ··· دي بكره طالعة له قصة··· نعمل إيه؟! ماهي قصصه تودي اللومان· عبد الناصر قال له: لأ··· تودي رئيس التحرير· والقعيد يسأل هيكل عن الحادثة هذه، هل هي حقيقية؟ ويجيب هيكل: هذا كلام لا يمكن أن يكون قيل، وأعتقد أن رواية الأستاذ نجيب محفوظ تظهر التباسا في الحقائق، وأظن أن هناك من حكى لنجيب محفوظ شيئا عما جرى فدخل الأمر في رأسه، وكرر الحكاية وقالها أكثر من مرة يوما بعد يوم· ويوسف القعيد هنا يبحث عن ذات المؤلف، وهذا يعطي مؤشرا إلى أن قرّاء محفوظ مسحورون بالذات، يتابعونها كأنها شيء غامض أو صوفي، هناك تلهف شديد إلى الذات الكاتبة وهويتها، وخشية وخوف من اختلاط العالم الخارجي بالداخلي يقود القراء إلى الذاتي حتى يحددوا الدلالة، لكن هيكل كما يبدو غير مشغول بالحقيقة، وهو لذلك يتحدث عما دفع محفوظ إلى أن يتصور ذلك، فهو بذلك يغادر الصورة ليفسر التمثيل الذي يرده إلى الالتباس في الحقائق، وكأن هذا الالتباس من طبيعة الذات القلقة التي لا تشغل بنقل الحقيقة وإنما بتمثيلها وفق المعطيات الثقافية المعقدة والمضمرة في المؤلف، ويلمح هيكل إلى أن محفوظ هكذا تصور الأمور كما يريدها أن تكون، أو بمعنى آخر جعل محفوظ مستقبلا للحدث من طرف آخر، ترى من يكون هذا الذي يحكي لمحفوظ؟ هل هو الراوي نفسه الذي لم يعينه هيكل؟ وعلى الرغم من أن تحليل هيكل مختصر إلا أنه يشي بأنه يعي أن السيرة ما هي إلا نتاج اصطناعي وزخرفة للعالم، وهي تنبعث من الواقع العميق للشخص، الواقع الملتبس، وإذا كانت السيرة تصدر عن الوعي، فإنه هو الكذاب العظيم، وهو يكذب على نفسه قبل أن يكذب على الآخرين، فالوعي إذا لم يكن كذابا، لن يكون هناك إشكاليات في الوضوح ذاته· ali@althakerah.net
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©