الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

معركة الفكر

21 ابريل 2015 23:16
لم يشهد التاريخ حملة منظمة ضد دين من الأديان السماوية مثل تلك الحملة التي يواجهها الإسلام، والمؤلم أن معظم الحملات المغرضة والضالة تأتي ممن يدعون أنفسهم الأوصياء على الدين والمحددين في الفكر الإسلامي، فجاؤوا بما ليس في الدين، وفي المقابل نشطت الآلة الإعلامية التي كلما اشتعلت نيران الخلافات زادت نسبة المشاهدة والإعلانات، وبعدما كان الهجوم على الإسلام يأتي دوما من الخارج فوجئنا بمن يمهد لهذا الهجوم من الداخل. بدأت الحرب على الدين بتلك الرسوم المسيئة لرسول الإسلام بشكل مستفز لتهيج مشاعر غضب المسلمين، ولم يكن المعتدلون هم هدف تلك الحملة، بل المتطرفون الذين لا يترددون في ارتكاب أبشع الجرائم تحت دعوي «حماية الإسلام»، ومع الوقت زادت الحملة اشتعالا، وزكّت نيرانها المنظمات الإرهابية والمتطرفة التي رددت بكل بجاحة أن «الإسلام القويم يذبح ويقتل»، ولكن لم يفطن أحد منا إلى المؤامرة الخبيثة، لنصحو على واقع مؤسف نعيشه وسط فرقة وانقسام وفتن. وبعد افتضاح أمر نكسات الربيع العربي، كان لابد من إعادة صياغة للخطاب الديني وتصحيح المفاهيم المشوهة التي علقت به طوال السنوات الماضية، فقامت الحكومات بمصادرة الكتب المتشددة وإعادة تقييم الأئمة ومعتلي المنابر، ومراجعة المناهج الدراسية، ولكن ماذا عن السماوات المفتوحة أو المفضوحة التي تبث سمومها ليل نهار؟ وماذا عن الانترنت وما تتداوله صفحاتها من أخطاء وأفكار مسمومة هي أبعد ما تكون عن الإسلام؟.. إن المواجهة حتى وإن كانت متأخرة فهي لا يمكن أن تحدث بمجرد مصادرة كتاب أو عزل إمام متطرف، المواجهة لابد أن تكون بفكر الإسلام الوسطي ونماذجه العديدة علي مر العصور، فالإسلام ذلك الدين العريق الذي وصل إلى مشارف أوروبا وساهم علماؤه ورموزه في تقدم البشرية ما كان ليقبله العالم لو كان دينا متطرفا يقتل كما يقتل الدواعش أو غيرهم. علينا أن نواجه ذلك الفكر المتطرف في ساحاته، وأن تُفرض سيطرة على الفضائيات ليظهر عليها أئمة الإسلام الحقيقيون، ليواجهوا الفكر بالفكر وليس بمجرد الشجب والاستنكار، فهذه هي المعركة الحقيقية لاسترجاع العقول التي تأثرت بالفكر الضال وتجفيف منابع التطرف، وهي معركة أشد وأقوى من المعارك التي نواجهها بالعتاد والسلاح، فمن السهل قتل الرجال ولكن من الصعب قتل الأفكار. يوسف أشرف - أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©